هذّ فِيهِ، والإتمام يرجع إِلَى صفته لَا إِلَى حَقِيقَته. فَإِن قلت: هَذَا لَا بُد مِنْهُ فِي سَائِر تَكْبِيرَات الصَّلَاة، فَمَا معنى تَخْصِيصه بِالرُّكُوعِ هُنَا؟ ثمَّ بِالسُّجُود فِي الْبَاب الَّذِي بعده؟ قلت: لما كَانَ الرُّكُوع وَالسُّجُود من أعظم أَرْكَان الصَّلَاة خصهما بِالذكر، وَإِن كَانَ الحكم فِي تَكْبِيرَات غَيرهمَا مثله فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي، قَالَ: (صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يتم التَّكْبِير) ، فَهَذَا يُخَالف التَّرْجَمَة؟ قلت: روى البُخَارِيّ فِي (التَّارِيخ) عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ أَنه قَالَ: هَذَا عندنَا حَدِيث بَاطِل، وَقَالَ الطَّبَرِيّ وَالْبَزَّار: تفرد بِهِ الْحسن بن عمرَان، وَهُوَ مَجْهُول.
قالَ ابنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: قَالَ بإتمام التَّكْبِير فِي الرُّكُوع عبد الله بن عَبَّاس، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن ابْن عَبَّاس قَالَ ذَلِك بِالْمَعْنَى فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ، وَفِي الْبَاب الَّذِي بعده، أما الأول: فَهُوَ قَوْله: حَدثنَا عَمْرو بن عون، قَالَ: حَدثنَا هشيم عَن أبي بشر عَن عِكْرِمَة، قَالَ: (رَأَيْت رجلا عِنْد الْمقَام يكبر فِي كل خفض وَرفع) الحَدِيث. وَأما الثَّانِي: فَهُوَ قَوْله: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: أخبرنَا همام عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة، قَالَ: (صليت خلف شيخ بِمَكَّة فَكبر اثْنَتَيْنِ وَعشْرين تَكْبِيرَة) الحَدِيث.
وفِيِه مالِكُ بنُ الحُوَيْرِثِ
أَي: فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث، وَسَيَأْتِي حَدِيثه فِي: بَاب الْمكْث بَين السَّجْدَتَيْنِ، وَفِيه: (فَقَامَ ثمَّ ركع فَكبر) .
٧٨٤ - حدَّثنا أسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ قَالَ حدَّثنا خالِدٌ عنِ الجُرَيْرِيِّ عنْ أبي العَلاءِ عنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ قَالَ صَلى معَ عَلِيٍّ رَضِي الله عنْهُ فقالَ ذَكَّرَنَا هَذَا الرَّجُلُ صَلَاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَكَرَ أنَّهُ كانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وكُلَّمَا وضعَ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (كَانَ يكبر كلما رفع) ، فَإِنَّهُ عبارَة عَن تَكْبِير الرُّكُوع فَإِن قلت: الحَدِيث يدل على مُجَرّد التَّكْبِير، والترجمة على إتْمَام التَّكْبِير. قلت: لَا شكّ أَن تَكْبِير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بإتمامه إِيَّاه فِي الْمَعْنى، فالترجمة تَشْمَل الْوَجْهَيْنِ.
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: إِسْحَاق بن شاهين أَبُو بشر الوَاسِطِيّ. الثَّانِي: خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان. الثَّالِث: سعيد بن إِيَاس الْجريرِي، بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء الأولى. الرَّابِع: أَبُو الْعَلَاء يزِيد بن عبد الله بن الشخير، بِكَسْر الشين وَتَشْديد الْخَاء الْمُعْجَمَة. الْخَامِس: مطرف، بِضَم الْمِيم وَفتح الطَّاء وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وَفِي آخِره فَاء: هُوَ أَخُو يزِيد بن عبد الله الْمَذْكُور. السَّادِس: عمرَان بن الْحصين، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن الْأَوَّلين من الروَاة واسطيان والبقية بصريون. وَفِيه: رِوَايَة الْأَخ عَن الْأَخ، وَهِي رِوَايَة أبي الْعَلَاء عَن أَخِيه مطرف. وَقَالَ الْبَزَّار فِي (سنَنه) : هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ غير وَاحِد عَن مطرف عَن عمرَان، وَعَن الْحسن عَن عمرَان.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (صلى) أَي: عمرَان. قَوْله: (مَعَ عَليّ) أَي: ابْن أبي طَالب. قَوْله: (بِالْبَصْرَةِ) ، بِتَثْلِيث الْبَاء ثَلَاث لُغَات، ذكرهَا الْأَزْهَرِي، وَالْمَشْهُور الْفَتْح، وَحكى الْخَلِيل فِيهَا ثَلَاث لُغَات أُخْرَى: البصْرة والبصَرة والبصِرة، الأولى بِسُكُون الصَّاد، وَالثَّانيَِة بِفَتْحِهَا، وَالثَّالِثَة بِكَسْرِهَا. وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: يُقَال لَهَا: قبَّة الْإِسْلَام وخزانة الْعَرَب بناها عتبَة بن غَزوَان فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلم يعبد الصَّنَم قطّ على أرْضهَا، وَكَانَ بناؤها فِي سنة سبع عشرَة، وطولها فرسخان فِي فَرسَخ. وَقَالَ الرشاطي: الْبَصْرَة فِي الْعرَاق، وَالْبَصْرَة أَيْضا مَدِينَة فِي الْمغرب بِقرب طنجة، وَهِي الْآن خراب، وَالْبَصْرَة هِيَ الْحِجَارَة الرخوة تضرب إِلَى الْبيَاض، وَسميت الْبَصْرَة بِهَذَا لِأَن أرْضهَا الَّتِي بَين العقيق وَأَعْلَى المربد حِجَارَة، وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا: بَصرِي وبصري بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا، وَكَانَت صَلَاة عمرَان مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، بِالْبَصْرَةِ بعد وقْعَة الْجمل. قَوْله: (ذكرنَا) ، بتَشْديد الْكَاف وَفتح الرَّاء، وَهِي جملَة من الْفِعْل وَالْمَفْعُول، وَالْفَاعِل، هُوَ قَوْله: (هَذَا الرجل) ، وَأَرَادَ عَليّ بن أبي طَالب. وَقَوله: (ذكرنَا) يدل على أَن التَّكْبِير قد ترك، وَقد روى أَحْمد والطَّحَاوِي بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، قَالَ: (ذكرنَا عَليّ صَلَاة كُنَّا نصليها