فِي ذَلِك الْوَقْت، لِأَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَنِيَّة الْمُؤمن خير من عمله.
قَوْله: (قَالَ مُحَمَّد بن يُوسُف) هُوَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف إِبْنِ مطرف الْفربرِي، أحد الروَاة عَن البُخَارِيّ، يحْكى البُخَارِيّ عَنهُ أَنه قَالَ: سَمِعت خلف بن عَامر، يَعْنِي الْهَمدَانِي، أحد الْحفاظ أَنه لم يفرق بَين الْمَسِيح بِالتَّخْفِيفِ والمسيح بِالتَّشْدِيدِ، وَذكرنَا عَن أبي الْهَيْثَم أَنه فرق بَينهمَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: إِثْبَات عَذَاب الْقَبْر ردا على الْمُعْتَزلَة وَمن أنكرهُ من غَيرهم. وَفِيه: إِثْبَات وجود الدَّجَّال وَإِثْبَات خُرُوجه. وَفِيه: الِاسْتِعَاذَة من الْفِتَن والشرور، وَالسُّؤَال من الله تَعَالَى دَفعهَا عَنهُ. وَفِيه: بشاعة الدّين وشدته وتأديته الدَّائِن إِلَى ارْتِكَاب الْكَذِب وَالْخلف فِي الْوَعْد اللَّذين هما من صِفَات الْمُنَافِقين. وَفِيه: وجوب الِاسْتِعَاذَة من الدّين لِأَنَّهُ يشين فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَعَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الدّين راية الله فِي الأَرْض، فَإِذا أَرَادَ الله أَن يذل عبدا وَضعه فِي عُنُقه) . رَوَاهُ الْحَاكِم، وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم.
٨٣٣ - حدَّثنا وعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَعِيذُ فِي صَلاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. .
هَذَا عطف على قَوْله: (شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ) ، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن الزُّهْرِيّ روى الحَدِيث الْمَذْكُور مطولا ومختصرا، فالمطول هُوَ الَّذِي سبق قبله الَّذِي استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّه فِيهِ من الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة، وَهَهُنَا اقْتصر على الِاسْتِعَاذَة من فتْنَة الدَّجَّال، وَهَهُنَا زِيَادَة ذكر السماع عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
ثمَّ إعلم أَن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِيمَا يَدْعُو بِهِ الْإِنْسَان فِي صلَاته. فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَأحمد: لَا يجوز الدُّعَاء إلاّ بالأدعية المأثورة أَو الْمُوَافقَة لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم، لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن) . رَوَاهُ مُسلم، وَذكره ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة وطاووس وَمُحَمّد بن سِيرِين. وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك: يجوز أَن يَدْعُو فِيهَا بِكُل مَا يجوز الدُّعَاء بِهِ فِي خَارج الصَّلَاة من أُمُور الدُّنْيَا وَالدّين، مِمَّا يشبه كَلَام النَّاس، وَلَا تبطل صلَاته بِشَيْء من ذَلِك عِنْدهمَا. وَقَالَ ابْن حزم بفرضية التَّعَوُّذ الَّذِي فِي حَدِيث عَائِشَة، لما ذكر مُسلم عَن طَاوُوس أَنه أَمر ابْنه بِإِعَادَة صلَاته الَّتِي لم يدع بهَا فِيهَا.
٨٣٤ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سعِيدٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يَزِيدَ بنِ أبي حَبِيبٍ عَن أبي الخَيْرِ عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وَعَن أبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي قَالَ قُلِ اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْما كَثِيرا ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَاّ أنْتَ فاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي الحَدِيث السَّابِق.
وَرِجَاله قد ذكرُوا، وَأَبُو الْخَيْر: مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي الْمصْرِيّ، ومرثد، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفِي آخِره دَال مُهْملَة، ويزن، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالزَّاي وَفِي آخِره نون: بطن من حمير، وَتقدم ذكره فِي: بَاب إطْعَام الطَّعَام من الْإِسْلَام.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رجال إِسْنَاده كلهم سوى طَرفَيْهِ مصريون. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ: فالتابعيان هما: يزِيد بن أبي حبيب وَأَبُو الْخَيْر. وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ: وَهُوَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن عبد الله بن يُوسُف. وَأخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن مُحَمَّد بن رمح وقتيبة، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة وَفِي