للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مثاقيله؛ أَي مؤونته، والثقل ضد الخفة، والمثقال فِي الْفِقْه من الذَّهَب عبارَة عَن اثْنَيْنِ وَسبعين شعيرَة، قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: ذكر فِي (الِاخْتِيَار) أَن المثقال عشرُون قيراطاً وَكَذَا ذكر فِي (الْهِدَايَة) وَفِي (الْعباب) : القيراط مَعْرُوف ووزنه يخْتَلف باخْتلَاف الْبِلَاد، فَهُوَ عِنْد أهل مَكَّة، حرسها الله تَعَالَى: ربع سدس الدِّينَار، وَعند أهل الْعرَاق: نصف عشر الدِّينَار. قلت: ذكر الْفُقَهَاء أَن القيراط: طسوجتان، والطسوجة: شعيرتان، والشعيرة: ذرتان، والذرة: فتيلتان، والفتيلة: شعرتان. وَأما المُرَاد هَهُنَا من المثقال فقد قيل: هُوَ وزن مُقَدّر، الله أعلم بِقَدرِهِ، وَلَيْسَ المُرَاد الْمُقدر هَذَا الْمَعْلُوم، فقد جَاءَ مُبينًا، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن برة، والحبة، بِفَتْح الْحَاء وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: وَاحِدَة الْحبّ الْمَأْكُول من الْحِنْطَة وَنَحْوهَا، وَفِي (الْمُحكم) وَجمع الْحبَّة حبات وحبوب وَحب وحبان، الْأَخِيرَة نادرة. قَوْله: (من خَرْدَل) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة: هُوَ نَبَات مَعْرُوف يشبه الشَّيْء الْقَلِيل البليغ فِي الْقلَّة، بذلك يَعْنِي: يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه أقل قدر من الْإِيمَان، وَقَالَ فِي (الْعباب) : الْخَرْدَل مَعْرُوف واحدته: خردلة؛ قَوْله: (فِي نهر الْحيَاء) كَذَا فِي هَذِه الرِّوَايَة بِالْمدِّ، وَهِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وَلَا وَجه لَهُ كَمَا نبه عَلَيْهِ القَاضِي، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة وَغَيرهَا بِالْقصرِ، وَعَلِيهِ الْمَعْنى، لِأَن المُرَاد كل مَا يحصل بِهِ الْحَيَاة، والحيا بِالْقصرِ هُوَ الْمَطَر، وَبِه يحصل حَيَاة النَّبَات، فَهُوَ أليق بِمَعْنى الْحَيَاة من الْحيَاء الْمَمْدُود الَّذِي بِمَعْنى الخجل، ونهر الْحَيَاة مَعْنَاهُ المَاء الَّذِي يحيى من انغمس فِيهِ. قَوْله: (كَمَا تنْبت الحِبَّة) بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، بذر العشب، وَجمعه حبب، كقربة وَقرب. وَيحْتَمل أَن يكون اللَّام للْعهد، وَيُرَاد بِهِ: حَبَّة بقلة الحمقاء، لِأَن شَأْنه أَن ينْبت سَرِيعا على جَانب السَّيْل فيتلفه السَّيْل، ثمَّ ينْبت فيتلفه السَّيْل، وَلِهَذَا سميت بالحمقاء، لِأَنَّهُ لَا تَمْيِيز لَهَا فِي اخْتِيَار المنبت. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْحبَّة، بِالْكَسْرِ: بذور الصَّحرَاء مِمَّا لَيْسَ بقوت، وَفِي الحَدِيث يَنْبُتُونَ كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل، وَتسَمى: الرجلة، بِكَسْر الرَّاء وَالْجِيم، بقلة الحمقاء لِأَنَّهَا لَا تنْبت إلَاّ فِي المسيل. وَقَالَ الْكسَائي: هُوَ حب الرياحين، فَفِي بعض الرِّوَايَات فِي حميل السَّيْل: وَهُوَ مَا يحملهُ السَّيْل من طين وَنَحْوه، قيل: فَإِذا اتّفق فِيهِ الْحبَّة واستقرت على شط مجْرى السَّيْل تنْبت فِي يَوْم وَلَيْلَة، وَهِي أسْرع نابتة نباتاً. وَفِي (الْمُحكم) : الْحبَّة بذور الْبُقُول والرياحين، وَاحِدهَا حب، وَقيل: إِذا كَانَت الْحُبُوب مُخْتَلفَة من كل شَيْء فَهِيَ حَبَّة، وَقيل: الْحبَّة نبت ينْبت فِي الْحَشِيش صغَار، وَقيل: مَا كَانَ لَهُ حب من النَّبَات فاسم ذَلِك الْحبّ الْحبَّة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي: الْحبَّة، بِالْكَسْرِ: جَمِيع بذور النَّبَات، واحدتها حَبَّة، بِالْفَتْح. وَعَن الْكسَائي: أما الْحبّ فَلَيْسَ إلَاّ الْحِنْطَة وَالشعِير، واحدتها حَبَّة بِالْفَتْح، وَإِنَّمَا افْتَرقَا فِي الْجمع؛ والحبة: بذر كل نَبَات ينْبت وَحده من غير أَن يبذر، وكل مَا بذر فبذره حَبَّة، بِالْفَتْح. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مَا كَانَ لَهُ حب من النبت فاسمه حَبَّة إِذا جمع الْحبَّة، وَقَالَ أَبُو زِيَاد: كل مَا يبس من البقل كُله ذكوره وأحراره يُسمى: الْحبَّة إِذا سقط على الأَرْض وتكسر، وَمَا دَامَ قَائِما بعد يبسه فَإِنَّهُ يُسمى القت. وَفِي (الغريبين) : حب الْحِنْطَة يُسمى حَبَّة بِالتَّخْفِيفِ، والحبة، بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد الْبَاء اسْم جَامع لحبوب الْبُقُول الَّتِي تَنْتَشِر إِذا هَاجَتْ، ثمَّ إِذا مطرَت فِي قَابل تنْبت. وَفِي (الْعباب) : الْحبَّة بِالْكَسْرِ بذور الصَّحرَاء، وَالْجمع الحبب. قَوْله: فِي جَانب السَّيْل، كَذَا هَهُنَا، وَجَاء: حميل، بدل: جَانب، وَفِي رِوَايَة وهيب: حماة السَّيْل، والحميل، بِمَعْنى الْمَحْمُول، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ من طين أَو غثاء، والحمأة مَا تغير لَونه من الطين، وَكله بِمَعْنى. فَإِذا اتّفق فِيهِ حَبَّة على شط مجْرَاه فَإِنَّهَا تنْبت سَرِيعا. قَوْله: (صفراء) تَأْنِيث الْأَصْفَر من الاصفرار، وَهُوَ من جنس الألوان للرياحين، وَلِهَذَا تسر الناظرين، وَسيد رياحين الْجنَّة: الْحِنَّاء، وَهُوَ أصفر. قَوْله: (ملتوية) أَي: منعطفة منثنية، وَذَلِكَ أَيْضا يزِيد الريحان حسنا، يَعْنِي اهتزازه وتميله، وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَيَان الْإِعْرَاب) : قَوْله: (يدْخل أهل الْجنَّة) فعل وفاعل. وَلَفْظَة: أهل، مُضَافَة إِلَى الْجنَّة، وَالْجنَّة الثَّانِيَة بِالنّصب لِأَنَّهُ مفعول، وَأَصله فِي الْجنَّة، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن الْجنَّة محدودة، وَكَانَ الْحق أَن يُقَال: دخلت فِي الْجنَّة، كَمَا فِي قَوْلك: دخلت فِي الدَّار لِأَنَّهَا محدودة، إلَاّ أَنهم حذفوا حرف الْجَرّ اتساعاً، وأوصلوا الْفِعْل إِلَيْهِ ونصبوه نصب الْمَفْعُول بِهِ. وَذهب الْجرْمِي: إِلَى أَنه فعل مُتَعَدٍّ، نصب الدَّار كنحو: بنيت الدَّار، وَقد دفعُوا قَوْله بِأَن مصدره يَجِيء على فعول، وَهُوَ من مصَادر الْأَفْعَال اللَّازِمَة، نَحْو: قعد قعُودا، وَجلسَ جُلُوسًا، وَلِأَن مُقَابِله لَازم. أَعنِي: خرجت، قلت: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ غير مطرد، لِأَن ذهب لَازم وَمَا يُقَابله جَاءَ متعدٍ، قَالَ الله تَعَالَى: {أوجاؤكم حصرت صُدُورهمْ} (النِّسَاء: ٩٠) قَوْله: وَأهل النَّار، كَلَام إضافي عطف على الْأَهْل الأول، وَالتَّقْدِير: وَيدخل أهل النَّار النَّار، وَالْكَلَام فِي النَّار الثَّانِيَة مثل الْكَلَام فِي الْجنَّة الثَّانِيَة. قَوْله: (ثمَّ يَقُول الله عز وَجل)

<<  <  ج: ص:  >  >>