للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَا: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سلم لم يقْعد إلاّ مِقْدَار مَا يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام) . وَقَالَ ابْن مَسْعُود أَيْضا: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قضى صلَاته انْتقل سَرِيعا إِمَّا أَن يقوم وَإِمَّا أَن ينحرف) . وَقَالَ سعيد بن جُبَير: (شَرق أَو غرب وَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة) . وَقَالَ قَتَادَة: (كَانَ الصّديق إِذا سلم كَانَ على الرضف حَتَّى ينْهض) ، وَقَالَ ابْن عمر: الإِمَام إِذا سلم قَامَ. وَقَالَ مُجَاهِد: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: جُلُوس الإِمَام بعد السَّلَام بِدعَة. وَذهب جمَاعَة من الْفُقَهَاء إِلَى أَن الإِمَام إِذا سلم قَامَ، وَمن صلى خَلفه من الْمَأْمُومين يجوز لَهُم الْقيام قبل قِيَامه إلاّ رِوَايَة عَن الْحسن وَالزهْرِيّ، ذكره عبد الرَّزَّاق. وَقَالَ: لَا تنصرفوا حَتَّى يقوم الإِمَام. قَالَ الزُّهْرِيّ: إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، وَجَمَاعَة النَّاس على خلافهما. وروى ابْن شاهين فِي كتاب (الْمَنْسُوخ) من حَدِيث سُفْيَان عَن سماك: (عَن جَابر: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الْغَدَاة لم يبرح من مَجْلِسه حَتَّى تطلع الشَّمْس حسناء) . وَمن حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء (عَن ابْن عَبَّاس: صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ سَاعَة يسلم يقوم، ثمَّ صليت مَعَ أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ إِذا سلم وثب من مَكَانَهُ، وَكَأَنَّهُ يقوم عَن رضفة) . ثمَّ حمل ابْن شاهين الأول على صَلَاة لَا يعقبها نَافِلَة، وَالثَّانِي على مُقَابِله.

ثمَّ إعلم أَن الْجُمْهُور على أَن الإِمَام لَا يتَطَوَّع فِي مَكَانَهُ الَّذِي صلى فِيهِ الْفَرِيضَة، وَذكر ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا يتَطَوَّع الإِمَام حَتَّى يتَحَوَّل من مَكَان أَو يفصل بَينهمَا بِكَلَام، وَكَرِهَهُ ابْن عمر للْإِمَام، وَلم ير بِهِ بَأْسا لغيره، وَعَن عبد الله بن عمر وَمثله، وَعَن الْقَاسِم: أَن الإِمَام إِذا سلم فواسع أَن يتنقل فِي مَكَانَهُ. قَالَ ابْن بطال: وَلم أجد لغيره من الْعلمَاء. قلت: ذكر ابْن التِّين أَنه قَول أَشهب.

وفَعَلَهُ القاسِمُ

أَي: فعل الصَّلَاة النَّفْل فِي الْمَكَان الَّذِي صلى فِيهِ الْفَرِيضَة الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة: (عَن مُعْتَمر عَن عبيد الله بن عمر قَالَ: رَأَيْت الْقَاسِم وسالما يصليان الْفَرِيضَة ثمَّ يتطوعان فِي مكانهما) .

ويُذْكَرُ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لَا يَتَطَوَّعُ الإمَامُ فِي مَكَانِهِ ولَمْ يَصِحَّ

إِنَّمَا قَالَ: يذكر، بِصِيغَة الْمَجْهُول من الْمُضَارع لِأَنَّهُ صِيغَة التَّعْلِيق التمريضي. قَوْله: (رَفعه) ، مُضَاف إِلَى الْفَاعِل، وَهُوَ الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ مَرْفُوع بِأَنَّهُ مفعول مَا لم يسم فَاعله. قَوْله: (لَا يتَطَوَّع الإِمَام) ، جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا مفعول الْمصدر الْمَذْكُور، أَعنِي قَوْله: (رَفعه) . وَذكر أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه هَذَا بِالْمَعْنَى، فَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد أخبرنَا حَمَّاد وَعبد الْوَارِث عَن لَيْث عَن الْحجَّاج بن عبيد عَن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَيعْجزُ أحدكُم؟ قَالَ عَن عبد الْوَارِث، أَن يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر أَو عَن يمينة أَو عَن شِمَاله؟) زَاد حَمَّاد: فِي الصَّلَاة، يَعْنِي فِي السبحة. انْتهى. يَعْنِي فِي التَّطَوُّع، وَبِهَذَا اسْتدلَّ أَصْحَابنَا أَن الرجل لَا يتَطَوَّع فِي مَكَان الْفَرْض، واليه ذهب ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَأَبُو سعيد وَعَطَاء وَالشعْبِيّ وَقَالَ صَاحب الْمُحِيط وَلَا يتَطَوَّع فِي مَكَان الْفَرْض لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَيعْجزُ أحدكُم إِذا فرغ من صلَاته أَن يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر بسبحته؟) وَلِأَنَّهُ رُبمَا يشْتَبه حَاله على الدَّاخِل فيحسب أَنه فِي الْفَرْض فيقتدي بِهِ فِي الْفَرْض، وَأَنه لَا يجوز. قَوْله: (وَلم يَصح) من كَلَام البُخَارِيّ، أَي: لم يثبت هَذَا الحَدِيث لضعف إِسْنَاده، لِأَن فِيهِ إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل. قَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ مَجْهُول، وَتفرد بِهِ لَيْث بن أبي سليم وَهُوَ ضَعِيف، وَاخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَكِن أَبَا دَاوُد لما رَوَاهُ سكت عَنهُ وسكوته دَلِيل رِضَاهُ بِهِ. وَفِي (صَحِيح مُسلم) مَا يشده، وَهُوَ: أَن مُعَاوِيَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رأى السَّائِب بن يزِيد ابْن أُخْت نمر صلى بعد الْجُمُعَة فِي الْمَقْصُورَة. قَالَ: فَلَمَّا سلم الإِمَام قُمْت فِي مقَامي فَصليت، فَأرْسل إِلَيّ: لَا تعد لما فعلت، إِذا صليت الْجُمُعَة فَلَا تصلها بِصَلَاة حَتَّى تَتَكَلَّم أَو تخرج، فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أمرنَا بذلك.

٨٤٩ - حدَّثنا أبوُ الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ قَالَ حدَّثنا الزُّهْرِيُّ عنْ هِنْدٍ بِنْتَ الحارثِ عنْ أمِّ سلَمَةَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مكَانِهِ يَسِيرا. قالَ ابنُ شُهَابٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>