ويروى: سَمِعت النَّاس، وَالْقَائِل هُوَ ذُو الرمة الشَّاعِر الْمَشْهُور، وصيدح علم النَّاقة. وينتجعون من: انتجعت فلَانا إِذا أَتَيْته تطلب معروفه، وَأَرَادَ ببلال هُوَ: بِلَال بن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، قَاضِي الْبَصْرَة، كَانَ جواداً ممدوحاً رَحمَه الله. قَوْله:(وَعَلَيْهِم قمص) جملَة اسمية وَقعت حَالا. قَوْله:(مِنْهَا) أَي: من القمص، وَهُوَ خبر لقَوْله: مَا يبلغ الثدي، وَمَا مَوْصُولَة فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء، و: الثدي، مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول، يبلغ، وَكَذَلِكَ إِعْرَاب قَوْله: وَمِنْهَا دون ذَلِك، أَي: أقصر، فَيكون: فَوق الثدي لم ينزل إِلَيْهِ وَلم يصل بِهِ لقلته. قَوْله:(وَعرض) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَعمر بن الْخطاب، مُسْند إِلَيْهِ مفعول نَاب عَن الْفَاعِل. قَوْله:(وَعَلِيهِ قَمِيص) جملَة إسمية وَقعت حَالا. وَقَوله: يجره، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل، وَهُوَ الضَّمِير الْمَرْفُوع الَّذِي فِيهِ الْعَائِد إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ، وَالْمَفْعُول وَهُوَ الضَّمِير الْمَنْصُوب الَّذِي يرجع إِلَى الْقَمِيص، وَالْجُمْلَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا صفة للقميص، وَيجوز أَن يكون محلهَا النصب على الْحَال من الْأَحْوَال المتداخلة، وَقد علم أَن الْجُمْلَة الفعلية المضارعية إِذا وَقعت حَالا وَكَانَت مثبتة تكون بِلَا وَاو. قَوْله:(قَالُوا) ، أَي: الصَّحَابَة. قَوْله:(ذَلِك) مفعول قَوْله: أولت، قَوْله:(الدّين) بِالنّصب أَي: أولت الدّين.
(بَيَان الْمعَانِي وَالْبَيَان) فِيهِ من الفصاحة اسْتِعْمَال جَوَاب بَينا بِدُونِ إِذْ وَإِذ. وَمِنْهَا: اسْتِعْمَال جمع الْكَثْرَة فِي الثدي لأجل الْمُطَابقَة، وَفِيه من التَّشْبِيه البليغ، وَهُوَ أَنه شبه الدّين بالقميص، وَوجه التَّشْبِيه السّتْر، وَذَلِكَ أَن الْقَمِيص يستر عَورَة الْإِنْسَان ويحجبه من وُقُوع النّظر عَلَيْهَا، فَكَذَلِك الدّين يستره من النَّار ويحجبه عَن كل مَكْرُوه، فالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا أَوله الدّين بِهَذَا الِاعْتِبَار. وَقَالَ أهل الْعبارَة: الْقَمِيص فِي النّوم مَعْنَاهُ الدّين، وجره يدل على بَقَاء آثاره الجميلة وسننه الْحَسَنَة فِي الْمُسلمين بعد وَفَاته ليُقتدى بهَا، وَقَالَ ابْن بطال: مَعْلُوم أَن عمر رَضِي الله عَنهُ، فِي إيمَانه أفضل من عمل من بلغ قَمِيصه ثديه، وتأويله عَلَيْهِ السَّلَام، ذَلِك بِالدّينِ يدل على أَن الْإِيمَان الْوَاقِع على الْعَمَل يُسمى دينا، كالإيمان الْوَاقِع على القَوْل. وَقَالَ القَاضِي: أَخذ ذَلِك أهل التَّعْبِير من قَوْله تَعَالَى: {وثيابك فطهر}(المدثر: ٤) يُرِيد بِهِ نَفسك، وَإِصْلَاح عَمَلك وَدينك على تَأْوِيل