إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَبُو إِسْحَاق الزُّهْرِيّ القريشي الْمدنِي، كَانَ على قَضَاء بَغْدَاد يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي (مراسيله) : حَدثنَا قُتَيْبَة عَن أبي صَفْوَان عَن أبي ذِئْب (عَن صَالح بن أبي كثير أَن ابْن شهَاب خرج لسفر يَوْم الْجُمُعَة من أول النَّهَار، قَالَ: فَقلت لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج لسفر يَوْم الْجُمُعَة من أول النَّهَار) . وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة: عَن الْفضل حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب عَن ابْن شهَاب بِغَيْر وَاسِطَة، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: اخْتلف فِيهِ عَن الزُّهْرِيّ، وَقد روى عَنهُ مثل قَول الْجَمَاعَة. أَي: لَا جُمُعَة على مُسَافر، كَذَا رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: هُوَ كالإجماع من أهل الْعلم على ذَلِك لِأَن الزُّهْرِيّ اخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ. وَقيل: يحمل كَلَام الزُّهْرِيّ على حَالين، فَحَيْثُ قَالَ: لَا جُمُعَة على مُسَافر، وَأَرَادَ على طَرِيق الْوُجُوب. وَحَيْثُ قَالَ: فَعَلَيهِ أَن يشْهد، أَرَادَ على طَرِيق الِاسْتِحْبَاب. وَأما رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد عَنهُ فَيمكن أَن تحمل على أَنه إِذا اتّفق حُضُوره فِي مَوضِع تُقَام فِيهِ الْجُمُعَة فَسمع النداء لَهَا أَنَّهَا تلْزم الْمُسَافِر، وَقَالَ ابْن بطال: وَأكْثر الْعلمَاء على أَنه لَا جُمُعَة على مُسَافر، حَكَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ بن أبي طَالب وَابْن عمر وَأنس بن مَالك وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَابْن مَسْعُود وَنَفر من أَصْحَاب عبد الله وَمَكْحُول وَعُرْوَة بن الْمُغيرَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَعبد الْملك بن مَرْوَان والشعب وَعمر بن عبد الْعَزِيز. وَلما ذكر ابْن التِّين قَول الزُّهْرِيّ، قَالَ: إِن أَرَادَ وُجُوبهَا فَهُوَ قَول شَاذ، وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : أما السّفر لَيْلهَا يَعْنِي: لَيْلَة الْجُمُعَة قبل طُلُوع الْفجْر فَيجوز عندنَا، وَعند الْعلمَاء كَافَّة إلاّ مَا حَكَاهُ الْعَبدَرِي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: لَا يُسَافر بعد دُخُول الْعشَاء من يَوْم الْخَمِيس حَتَّى يُصَلِّي الْجُمُعَة، وَهَذَا مَذْهَب بَاطِل لَا أصل لَهُ. انْتهى. قلت: بل لَهُ أصل صَحِيح، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُعَاوِيَة عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن عَائِشَة، قَالَت: (إِذا أَدْرَكتك لَيْلَة الْجُمُعَة فَلَا تخرج حَتَّى تصلي