للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة عَليّ بن بَحر وَغَيره عَن الْوَلِيد بن مُسلم أَن الْقِصَّة وَقعت ليزِيد بن أبي مَرْيَم مَعَ عَبَايَة، وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَذكرنَا التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ. قَوْله: (اغبرت قدماه) أَي: أَصَابَهَا الْغُبَار، وَإِنَّمَا ذكر الْقَدَمَيْنِ وَإِن كَانَ الْغُبَار يعم الْبدن كُله عِنْد ثورانه: لِأَن أَكثر الْمُجَاهدين فِي ذَلِك الزَّمَان كَانُوا مشَاة والأقدام تتغبر على كل حَال سَوَاء كَانَ الْغُبَار قَوِيا أَو ضَعِيفا، وَلِأَن أساس ابْن آدم على الْقَدَمَيْنِ، فَإِذا سلمت القدمان من النَّار سلم سَائِر أَعْضَائِهِ عَنْهَا. وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي ذكر الْوَجْه فِي سَبِيل الله.

٩٠٨ - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبي ذِئْبٍ قَالَ حدَّثنا الزُّهْرِي عنْ سَعِيدٍ وأبِي سلَمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرَنِي أبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحمانِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ إذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وأْتُوهَا تَمْشُونَ وعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلوا وَمَا فاتكُمْ فأَتِمُّوا. (انْظُر الحَدِيث ٦٣٦) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ وجود لفظ السَّعْي فِي كل مِنْهُمَا، مَعَ الْإِشَارَة إِلَى أَن بَين لَفْظِي السَّعْي فيهمَا مُغَايرَة، بَيَانه أَن السَّعْي الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} (الْجُمُعَة: ٩) . الْمَذْكُور فِي التَّرْجَمَة، غير السَّعْي الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث. فِي قَوْله: (فَلَا تأتوها تسعون) ، بَيَان ذَلِك أَن السَّعْي الْمَذْكُور فِي الْآيَة الْمَأْمُور بِهِ مُفَسّر بالمضي والذهاب، وَالسَّعْي الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث مُفَسّر بالعدو، وَحَيْثُ قابله الْمَشْي، بقوله: (واتوها تمشون) ، وَهَذَا الحَدِيث قد ذكر فِي: بَاب (لَا يسْعَى إِلَى الصَّلَاة وليأتها بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار) فِي أَوَاخِر كتاب الْأَذَان بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور هُنَا: عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب. وَأخرجه هُنَاكَ أَيْضا من طَرِيق آخر عَن آدم، وَهَهُنَا أخرجه أَيْضا من طَرِيقين الأول: عَن آدم إِلَى آخِره، وَالثَّانِي: عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ. وَفِي أَلْفَاظ الحَدِيث بعض تفَاوت، وَقد تكلمنا هُنَاكَ على جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ.

قَوْله: (تسعون) جملَة حَالية، فالنهي يتَوَجَّه إِلَيْهِ لَا إِلَى الْإِتْيَان. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ نهى عَنهُ وَالْقُرْآن قد أَمر بِهِ حَيْثُ قَالَ: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} (الْجُمُعَة: ٩) . قلت: المُرَاد بالسعي هُنَا هُوَ الْإِسْرَاع، وَفِي الْقُرْآن: الْقَصْد أَو الذّهاب أَو الْعَمَل. انْتهى. قلت: الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن فِي وَجه الْمُطَابقَة يُغني عَن هَذَا السُّؤَال مَعَ جَوَابه. قَوْله: (السكينَة) ، بِالنّصب يَعْنِي: الزموا السكينَة، وَمَعْنَاهَا: الهنيئة والتأني، وَيجوز بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء.

٩٠٩ - حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَلِيٍ ّ قَالَ حدَّثني أبُو قُتَيْبَةَ قَالَ حدَّثنا عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ عنْ يَحْياى بنِ أبِي كَثِيرٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي قَتَادةَ قَالَ أبُو عَبْدِ الله لَا أعْلَمُهُ إلاّ عنْ أبِيهِ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي وعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ. (انْظُر الحَدِيث ٦٣٧ وطرفه) .

وَجه الْمُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين التَّرْجَمَة قريب من وَجه الْمُطَابقَة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث السَّابِق، وَيُؤْخَذ ذَلِك من لفظ السكينَة، وَإِن كَانَ فِيهِ بعض التعسف. وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي أَوَاخِر كتاب الْأَذَان فِي: بَاب مَتى يقوم النَّاس إِذا رَأَوْا الإِمَام عِنْد الْإِقَامَة: عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام، قَالَ: كتب إِلَى يحيى بن أبي كثير عَن عبد الله بن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا تقوموا حَتَّى تروني) ، وَهنا أخرجه: عَن عَمْرو بن عَليّ الفلاس عَن أبي قُتَيْبَة، بِضَم الْقَاف وَفتح الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: واسْمه سلم، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام: ابْن قُتَيْبَة الشعيري، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة: الْخُرَاسَانِي سكن الْبَصْرَة، مَاتَ بعد الْمِائَتَيْنِ، عَن عَليّ بن الْمُبَارك الْهنائِي، بِضَم الْهَاء وَتَخْفِيف النُّون وبالمد، وَقد تكلمنا هُنَاكَ على جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ.

قَوْله: (قَالَ أَبُو عبد الله) المُرَاد بِهِ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (لَا أعلمهُ) ، هُوَ مقول: قَالَ أَبُو عبد الله، أَي: قَالَ البُخَارِيّ: لَا أعلم رِوَايَة عبد الله هَذَا الحَدِيث عَن أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>