٩١٨ - حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبرنِي يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبرنِي ابنُ أنَسٍ أنَّهُ سَمِعَ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله قَالَ كانَ جِذْعٌ يَقُومُ عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلَمَّا وُضِعَ لَهُ المنْبَرُ سَمِعْنَا لَلْجِذْعِ مِثْلَ أصْواتِ العِشَارِ حَتَّى نزَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم من قَوْله:(حَتَّى نزل النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، لِأَن نزُول كَانَ بعد صعودة إِلَى الْمِنْبَر.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: سعيد بن أبي مَرْيَم، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير ضد قَلِيل الْأنْصَارِيّ. الثَّالِث: يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ. الرَّابِع: ابْن أنس، هُوَ حَفْص بن عبيد الله بن أنس، وَقد بَينه باسمه فِي الرِّوَايَة الْمُعَلقَة الَّتِي تَأتي عَن قريب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ مَجْهُول، فَصَارَ الْإِسْنَاد بِهِ من بَاب الرِّوَايَة عَن المجاهيل، ثمَّ أجَاب عَنهُ بِأَن يحيى لما كَانَ لَا يروي إلاّ عَن الْعدْل الضَّابِط فَلَا بَأْس بِهِ، أَو لما علم من الطَّرِيق الَّذِي بعده أَنه حَفْص بن عبيد الله بن أنس، فَاكْتفى بِهِ. وَقَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي (الْأَطْرَاف) : إِنَّمَا أبهم البُخَارِيّ حفصا لِأَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير يَقُول: عبيد الله بن حَفْص فيقبله، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق مُحَمَّد بن مِسْكين عَن ابْن أبي مَرْيَم شيخ البُخَارِيّ فِيهِ، وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عبد الله بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق عَن يحيى بن سعيد، وَلَكِن أخرجه من طَرِيق أبي الْأَحْوَص مُحَمَّد بن الْهَيْثَم عَن ابْن أبي مَرْيَم، فَقَالَ: عَن حَفْص بن عبيد الله على الصَّوَاب. وَقَالَ: الصَّوَاب فِيهِ حَفْص بن عبيد الله. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) : قَالَ بَعضهم: عبد الله بن حَفْص، وَلَا يَصح. وَفِي نُسْخَة أبي ذَر: حَفْص بن عبد الله بتكبير العَبْد وَصَوَابه: عبيد الله، بِالتَّصْغِيرِ. وَحَفْص هَذَا روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم روى عَن جده وَجَابِر بن عبد الله وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يثبت لَهُ السماع إلاّ من جده. وَفِي البُخَارِيّ فِي (عَلَامَات النُّبُوَّة) : عَن جَابر مُصَرحًا بِهِ. الْخَامِس: جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (جذع) ، بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة. قَالَه الْجَوْهَرِي: وَاحِد جُذُوع النّخل. قَوْله:(يقوم عَلَيْهِ) ويروى: (يقوم إِلَيْهِ. قَوْله: (مثل أصوات العشار) ، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة بعْدهَا شين مُعْجمَة، قَالَه الْجَوْهَرِي: العشار جمع عشراء، بِالضَّمِّ، ثمَّ الْفَتْح، وَهِي النَّاقة الْحَامِل الَّتِي مَضَت لَهَا عشرَة أشهر وَلَا يزَال ذَلِك إسمها، إِلَى أَن تَلد. وَفِي (الْمطَالع) : العشار النوق الْحَوَامِل. قَالَ الدَّاودِيّ: هِيَ الَّتِي مَعهَا أَوْلَادهَا. وَقَالَ الْخطابِيّ: هِيَ الَّتِي قاربت الْولادَة. يُقَال: نَاقَة عشراء ونوق عشار على غير قِيَاس، وَنقل ابْن التِّين: أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَام فعلاء على فعال، غير: نفسَاء وعشراء، وَيجمع على: عشراوات ونفساوات. وَمثل: صَوت الْجذع بِأَصْوَات العشار عِنْد فِرَاق أَوْلَادهَا، وَفِيه علم عَظِيم من أَعْلَام نبوته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَدَلِيل على صِحَة رسَالَته، وَهُوَ حنين الجماد، وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى جعل للجذع حَيَاة حن بهَا، وَهَذَا من بَاب الإفضال من الرب، جلّ جَلَاله، الَّذِي يحيي الْمَوْتَى بقوله:{كن فَيكون} . (الْبَقَرَة: ٢١٧، آل عمرَان: ٤٧ لأ ٥٩، الْأَنْعَام: ٢٧٣، النَّحْل: ٢٤٠، مَرْيَم: ٣٥، ي س: ٨٣، وغافر: ٦٨) . وَفِيه: الرَّد على الْقَدَرِيَّة، لِأَن الصياح ضرب من الْكَلَام وهم لَا يجوزون الْكَلَام إِلَّا مِمَّن لَهُ فَم ولسان.
قَالَ سُلَيْمَانُ عنْ يَحْيى أخبَرَني حَفْصُ بنُ عُبَيْدِ الله بنِ أنَسٍ أنَّهُ سَمِعَ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله
هَذَا التَّعْلِيق عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى بن سعيد إِلَى آخِره، وَقد وَصله البُخَارِيّ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَزعم بَعضهم أَنه سُلَيْمَان بن كثير