٥٦ - (حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ حَدثنَا أَبُو عَمْرو قَالَ حَدثنِي إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك قَالَ أَصَابَت النَّاس سنة على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبينا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فِي يَوْم جُمُعَة قَامَ أَعْرَابِي فَقَالَ يَا رَسُول الله هلك المَال وجاع الْعِيَال فَادع الله لنا فَرفع يَدَيْهِ وَمَا نرى فِي السَّمَاء قزعة فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ وَمَا وضعهما حَتَّى ثار السَّحَاب أَمْثَال الْجبَال ثمَّ لم ينزل عَن منبره حَتَّى رَأَيْت الْمَطَر يتحادر على لحيته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فمطرنا يَوْمنَا ذَلِك وَمن الْغَد وَبعد الْغَد وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَقَامَ ذَلِك الْأَعرَابِي أَو قَالَ غَيره فَقَالَ يَا رَسُول الله تهدم الْبناء وغرق المَال فَادع الله لنا فَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا فَمَا يُشِير بِيَدِهِ إِلَى نَاحيَة من السَّحَاب إِلَّا انفرجت وَصَارَت الْمَدِينَة مثل الجوبة وسال الْوَادي قناة شهرا وَلم يَجِيء أحد من نَاحيَة إِلَّا حدث بالجود) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَرفع يَدَيْهِ " لِأَنَّهُ إِنَّمَا رفعهما لكَونه استسقى فببركته وبركة دُعَائِهِ أنزل الله الْمَطَر حَتَّى سَالَ الْوَادي قناة شهرا. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة وَالْأَوْزَاعِيّ اسْمه عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو ونسبته إِلَى الأوزاع وَهِي من قبائل شَتَّى وَقَالَ ابْن الْأَثِير نسبته إِلَى الأوزاع بطن من ذِي الكلاع من الْيمن وَقيل نسبته إِلَى الأوزاع قَرْيَة بِدِمَشْق (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَفِيه أحد الروَاة مَذْكُور بكنيته ونسبته وَفِيه أَن شَيْخه مدنِي وَاثْنَانِ بعده دمشقيان وَالَّذِي بعدهمَا مدنِي أَيْضا. (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الاسْتِسْقَاء عَن الْحسن بن بشر وَفِي الاسْتِئْذَان عَن مُحَمَّد بن مقَاتل وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن دَاوُد بن رشيد وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن خَالِد كِلَاهُمَا عَن الْوَلِيد بِهِ (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " سنة " بِفَتْح السِّين أَي شدَّة وَجهد من الجدوبة وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ} وأصل السّنة سنهة بِوَزْن جبهة فحذفت لامها ونقلت حركتها إِلَى النُّون فَبَقيت سنة لِأَنَّهَا من سنهت النّخل وتسنهت إِذا أَتَى عَلَيْهَا السنون وَقيل أَن أَصْلهَا سنوة بِالْوَاو فحذفت كَمَا حذفت الْهَاء لقَولهم تسنيت عِنْده إِذا أَقمت عِنْده سنة فَلهَذَا يُقَال على الْوَجْهَيْنِ استأجرته مسانهة ومساناة وَأما السّنة الَّتِي هِيَ أول النّوم فبكسر السِّين وَأَصله وَسن لِأَنَّهُ من الوسن بِفتْحَتَيْنِ يُقَال وَسن يوسن كعلم يعلم سنة فحذفت الْوَاو وعوضت مِنْهَا الْهَاء كَمَا فِي عدَّة قَوْله " على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَي على زَمَنه قَوْله " فَبينا " قد مر الْكَلَام فِيهِ فِي الْبَاب الَّذِي قبله قَوْله " قَامَ أَعْرَابِي " الْأَعرَابِي نِسْبَة إِلَى الْأَعْرَاب لِأَنَّهُ لَا وَاحِد لَهُ وَلَيْسَ هُوَ جمعا لعرب وَإِنَّمَا الْأَعْرَاب سكان الْبَادِيَة خَاصَّة وَالْعرب جيل من النَّاس وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ عَرَبِيّ بَين الْعرُوبَة وهم أهل الْأَمْصَار وَقَالَ ابْن الْأَثِير الْأَعْرَاب ساكنوا الْبَادِيَة من الْعَرَب الَّذين لَا يُقِيمُونَ فِي الْأَمْصَار وَلَا يدْخلُونَهَا إِلَّا لحَاجَة وَالْعرب اسْم لهَذَا الجيل الْمَعْرُوف من النَّاس وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه وَسَوَاء أَقَامَ بالبادية أَو المدن وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا أَعْرَابِي وعربي قَوْله " هلك المَال " المُرَاد بِالْمَالِ هُنَا وَمَا بعده الْحَيَوَان كَذَا فسره فِي حَدِيث الْمُوَطَّأ وَمعنى هلك المَال يَعْنِي الْحَيَوَانَات هَلَكت إِذْ لم تَجِد مَا ترعى قَوْله " والعيال " قَالَ الْجَوْهَرِي عِيَال الرجل من يعوله وَوَاحِد الْعِيَال عيل وَالْجمع عيايل مثل جيد جِيَاد وجيايد وأعال الرجل أَي كثر عِيَاله فَهُوَ معيل وَامْرَأَة معيلة قَالَ الْأَخْفَش أَي صَار ذَا عِيَال وَذكر الْجَوْهَرِي هَذِه الْمَادَّة فِي عيل فِي الْيَاء آخر الْحُرُوف وَذكره ابْن الْأَثِير فِي عول فِي الْوَاو ثمَّ قَالَ يُقَال عَال الرجل عِيَاله يعولهم إِذا قَامَ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من قوت وَكِسْوَة وَغَيرهمَا وَقَالَ الْكسَائي يُقَال عَال الرجل يعول إِذا كثر عِيَاله واللغة الجيدة أعال يعيل قَوْله " قزعة " بِالْقَافِ وَالزَّاي وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحات وَهِي الْقطعَة من السَّحَاب وَفِي الْمُحكم القزع قطع من السَّحَاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute