مَا يدل على مشي وَلَا ركُوب. وَأجِيب: بِأَن عدم ذَلِك مشْعر بتسويغ كل مِنْهُمَا، وَأَنه لَا مزية لأَحَدهمَا على الآخر. قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، وَلَكِن يسْتَأْنس فِي ذَلِك من قَوْله:(وَهُوَ يتَوَكَّأ على يَد بِلَال) لِأَن فِيهِ تَخْفِيفًا عَن مشقة الْمَشْي، فَكَذَلِك فِي الرّكُوب هَذَا الْمَعْنى، فَفِي كل من التوكىء وَالرُّكُوب ارتفاق، وَإِن كَانَ الرّكُوب أبلغ فِي ذَلِك.
ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد التَّمِيمِي الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ يعرف بالصغير. الثَّانِي: هِشَام بن يُوسُف أَبُو عبد الرَّحْمَن الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ قاضيها، مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة بِالْيمن. الثَّالِث: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَقد تكَرر ذكره. الرَّابِع: عَطاء بن أبي رَبَاح. الْخَامِس: جَابر بن عبد الله. السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس. السَّابِع: عبد الله ابْن الزبير.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن رَافع، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل عَن عبد الرَّزَّاق وَمُحَمّد بن بكر.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِلَى ابْن الزبير) ، وَهُوَ عبد الله ابْن الزبير. قَوْله:(فِي أول مَا بُويِعَ لَهُ) أَي: لِابْنِ الزبير بالخلافة، وَكَانَ ذَلِك فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ، عقيب موت يزِيد بن مُعَاوِيَة. قَوْله:(لم يكن يُؤذن) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من التأذين أَي: لم يكن يُؤذن فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالضَّمِير فِي (أَنه) ، وَفِي:(لم يكن) ، للشأن. قَوْله:(قَالَ: وَأَخْبرنِي عَطاء) وَالْقَائِل هُوَ ابْن جريج فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ مَعْطُوف على الْإِسْنَاد الْمَذْكُور، وَكَذَا قَوْله:(وَعَن جَابر بن عبد الله) مَعْطُوف أَيْضا. قَوْله:(وَإِنَّمَا الْخطْبَة بعد الصَّلَاة) ، كَذَا للأكثرين. وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي:(وَأما) بدل: (وَإِنَّمَا) . قيل: إِنَّه تَصْحِيف؟ قلت: دَعْوَى التَّصْحِيف مَا لَهَا وَجه لِأَن الْمَعْنى صَحِيح. قَوْله:(فَذَكرهنَّ) ، بالتشدد من التَّذْكِير أَي: وعظهن. قَوْله:(وَهُوَ يتَوَكَّأ) جملَة حَالية أَي: يعْتَمد على يَد بِلَال، وَكَذَا الْوَاو فِي: وبلال، للْحَال. قَوْله:(يلقِي) بِضَم الْيَاء من الْإِلْقَاء وَهُوَ: الرَّمْي. قَوْله:(أَن يَأْتِي النِّسَاء) مفعول أول للرؤية. قَوْله:(حَقًا) ، مفعول ثَان. قَوْله:(مَا لَهُم أَن لَا يَفْعَلُوا؟) يُرِيد بذلك التأسي بهم. فَإِن قلت: كلمة: مَا، هَذِه مَا هِيَ؟ قلت: يحْتَمل أَن تكون نَافِيَة، وَأَن تكون استفهامية.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: الْخُرُوج إِلَى الْمصلى. وَفِيه: أَن الصَّلَاة قبل الْخطْبَة. وَفِيه: أَن لَا أَذَان لصَلَاة الْعِيدَيْنِ وَلَا إِقَامَة. وروى مُسلم من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة، قَالَ:(صليت مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْعِيدَيْنِ غير مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة. وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث طَاوُوس (عَن بن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْعِيد بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان) . وَأخرجه ابْن مَاجَه، وروى الْبَزَّار من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص:(أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْعِيد بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة) . وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي يَوْم الْأَضْحَى بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة) . وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير: من حَدِيث مُحَمَّد بن عبيد الله بن أبي رَافع عَن أَبِيه عَن جده: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخرج إِلَى الْعِيد مَاشِيا يُصَلِّي بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة) . وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا ابْن مهْدي: (عَن سماك، قَالَ: رَأَيْت الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَالضَّحَّاك وزيادا يصلونَ يَوْم الْفطر والأضحى بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة) . وَحدثنَا عبد الْأَعْلَى عَن بردة عَن مَكْحُول نه كَانَ يَقُول: لَيْسَ فِي الْعِيدَيْنِ أَذَان وَلَا إِقَامَة، وَكَذَلِكَ قَالَه عِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم وَأَبُو وَائِل. وَقَالَ الشّعبِيّ وَالْحكم: هُوَ بِدعَة، وَقَالَ مُحَمَّد: وَبِسَنَد صَحِيح عَن ابْن الْمسيب: أول من أحدثه مُعَاوِيَة. وَحدثنَا ابْن أويس عَن حُصَيْن: أول من أذن فِي الْعِيد زِيَاد، وَفِي (الْوَاضِحَة) لِابْنِ حبيب: أول من فعله هِشَام. وَقَالَ الدَّاودِيّ: مَرْوَان، وَعند الشَّافِعِي وَغَيره: يُنَادي لَهما: الصَّلَاة جَامِعَة، بِنصب الأولى على الإغراء وَنصب الثَّانِي على الْحَال. وَفِي (شرح التِّرْمِذِيّ) لِلْحَافِظِ زين الدّين، قَالَ الشَّافِعِي: وَاجِب أَن يَأْمر الإِمَام الْمُؤَذّن أَن يَقُول فِي الأعياد وَمَا جمع النَّاس من الصَّلَاة: الصَّلَاة جَامِعَة، أَو الصَّلَاة. فَإِن قَالَ: هلموا إِلَى الصَّلَاة لم نكرهه، فَإِن قَالَ: حَيّ على الصَّلَاة، فَلَا بَأْس بِهِ. وَنقل الْمَاوَرْدِيّ فِي (الْحَاوِي) عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: فَإِن قَالَ: هلموا إِلَى الصَّلَاة، أَو: حَيّ على الصَّلَاة، أَو: قد قَامَت الصَّلَاة كرهنا لَهُ ذَلِك، وأجزأه. وَحكى ابْن الرّفْعَة عَن القَاضِي حُسَيْن أَنه يَقُول: الصَّلَاة الصَّلَاة، وَلَا يَقُول: جَامِعَة. وَفِيه: الْأَمر بِالصَّدَقَةِ للنِّسَاء، وخصهن بذلك فِي قَول بعض الْعلمَاء (لقد رأيتكن أَكثر أهل