الْأَشْجَعِيّ: سعد بن طَارق بن أَشْيَم، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم، والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا. وروى الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَاس: الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح بِدعَة، وَفِي سَنَده أَبُو ليلى عبد الله بن ميسرَة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: مَتْرُوك، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة بشر بن حَرْب، قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُول: أَرَأَيْت قيامهم عِنْد فرَاغ القاريء من السُّورَة بِهَذَا الْقُنُوت؟ إِنَّهَا لبدعة مَا فعلهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ، وَقَالَ بشر بن حَرْب: ضَعِيف. قلت: وَثَّقَهُ أَيُّوب، وَمَشاهُ ابْن عدي، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة وَالْأسود (عَن عبد الله ابْن مَسْعُود، قَالَ: مَا قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء من صلَاته إلاّ فِي الْوتر، وَإنَّهُ كَانَ إِذا حَارب يقنت فِي الصَّلَوَات كُلهنَّ يَدْعُو على الْمُشْركين، وَلَا قنت أَبُو بكر وَلَا عمر وَلَا عُثْمَان حَتَّى مَاتُوا، وَلَا قنت عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَتَّى حَارب أهل الشَّام، وَكَانَ يقنت فِي الصَّلَوَات كُلهنَّ، وَكَانَ مُعَاوِيَة يَدْعُو عَلَيْهِ أَيْضا، يَدْعُو كل وَاحِد مِنْهُمَا على الآخر) . وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله: ابْن مَسْعُود لم يدْرك محاربة عَليّ أهل الشَّام، وَلَا موت عُثْمَان، فَإِنَّهُ مَاتَ فِي زمن عُثْمَان. قلت: يحْتَمل أَن يكون قَوْله: وَلَا عُثْمَان إِلَى آخِره من كَلَام إِبْرَاهِيم أَو من عَلْقَمَة أَو من الْأسود، وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث أم سَلمَة، قَالَت: (نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْقُنُوت فِي الْفجْر) . وَقد ذكرنَا أَن الطَّحَاوِيّ قد روى حَدِيث ابْن مَسْعُود، وَذكر فِيهِ أَن مَا رُوِيَ من الْقُنُوت فِي الصَّلَوَات مَنْسُوخ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي، وَأَبُو بكر الْبَزَّار، وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة شريك عَن أبي حَمْزَة الْأَعْوَر عَن إِبْرَاهِيم (عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله، قَالَ: قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا يَدْعُو على عصية وذكوان، فَلَمَّا ظهر عَلَيْهِم ترك الْقُنُوت) . وَقَالَ الْبَزَّار فِي رِوَايَته: (لم يقنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاّ شهرا وَاحِدًا، لم يقنت قبله وَلَا بعده) . وَقَالَ: لَا نعلم روى هَذَا الْكَلَام عَن أبي حَمْزَة إلاّ شريك. قلت: بل قد رَوَاهُ عَنهُ أَيْضا أَبُو معشر يُوسُف بن يزِيد بِاللَّفْظِ الأول رَوَاهُ أَبُو معِين أَيْضا، وَقَالَ الشَّيْخ زين الدّين: وَأَبُو معشر الْبَراء، وَإِن احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ، فقد ضعفه ابْن معِين، وَأَبُو دَاوُد، وَأَبُو حَمْزَة الْأَعْوَر القصاب اسْمه: مَيْمُون، ضَعِيف. انْتهى. قلت: مَا انصف الشَّيْخ هَهُنَا حَيْثُ أَشَارَ بِكَلَامِهِ إِلَى تَضْعِيف الحَدِيث الْمَذْكُور لأجل مذْهبه، فَإِذا ضعف هَذَا الحَدِيث بِأبي معشر الَّذِي احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ لَا يبْقى فِي (الصَّحِيحَيْنِ) حَدِيث مُتَّفق على صِحَّته إلاّ شَيْء يسير، وَكم من حَدِيث فيهمَا ضعف ابْن معِين أحد رُوَاته، وَكَذَلِكَ غير ابْن معِين، وَمَعَ هَذَا لم يلتفتوا إِلَى ذَلِك، فَكَذَلِك هَذَا. وَأَبُو حَمْزَة قد روى عَن التَّابِعين الْكِبَار مثل: الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب وَالشعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم وَغَيرهم، وروى عَنهُ مثل: الثَّوْريّ والحمادان وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، وَهُوَ من أقرانه، وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ. وَقَالَ: تكلم فِيهِ من قبل حفظه، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي يكْتب حَدِيثه، وَكَذَلِكَ طعن الشَّيْخ فِي حَدِيث أم سَلمَة الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن قريب. قَالَ: وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَضَعفه، لِأَن ابْن مَاجَه رَوَاهُ من رِوَايَة مُحَمَّد بن يعلى عَن عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن نَافِع عَن أَبِيه عَن أم سَلمَة، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَؤُلَاءِ ضعفاء وَلَا يَصح لنافع سَماع من أم سَلمَة. قلت: مُحَمَّد بن يعلى وَثَّقَهُ أَبُو كريب، وَلما رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) قَالَ: لَا يرْوى عَن أم سَلمَة إلاّ بِهَذَا الْإِسْنَاد تفرد بِهِ مُحَمَّد بن يعلى، وَأما أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَإِنَّهَا مَاتَت فِي شَوَّال سنة تسع وَخمسين، وَنَافِع مَاتَ سنة سِتّ عشرَة وَمِائَة، حَكَاهُ النَّسَائِيّ عَن هَارُون بن حَاتِم. وَقَالَ الشَّيْخ أَيْضا: قَالَ أَكثر السّلف وَمن بعدهمْ أَو كثير مِنْهُم اسْتِحْبَاب الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح، سَوَاء نزلت نازلة أم لم تنزل، ثمَّ عد مِنْهُم: أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعليا وَأَبا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأَبا هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس والبراء بن عَازِب، وعد من التَّابِعين: الْحسن الْبَصْرِيّ وَحميد الطَّوِيل وَالربيع بن خَيْثَم وَزِيَاد بن عُثْمَان وَسَعِيد بن الْمسيب وسُويد بن غَفلَة وطاووسا وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَعبيدَة السَّلمَانِي وَعبيد بن عُمَيْر وَعُرْوَة بن الزبير وَأَبا عُثْمَان النَّهْدِيّ، وعد من الْأَئِمَّة: مَالِكًا وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن أبي ليلى وَالْحسن بن صَالح وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز، فَقِيه أهل الشَّام، وَمُحَمّد بن جرير الطَّبَرِيّ وَدَاوُد. قلت: قد ذكرنَا فِيمَا مضى أَن أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي ابْن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر وَعبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَعبد الله بن الزبير وَأَبا مَالك الْأَشْجَعِيّ لم يَكُونُوا يقنتون وَلَا رَأَوْا الْقُنُوت فِي الصَّلَوَات، وَقد ذكرنَا عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس: أَن الْقُنُوت فِي الصُّبْح بِدعَة، وَقد ذكرنَا أَن ابْن عمر كَانَ يُنكر على من يقنت، وَقد ذكرنَا من التَّابِعين الَّذين لَا يرَوْنَ الْقُنُوت: عَمْرو بن مَيْمُون وَالْأسود وَالشعْبِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم وطاووسا حَتَّى قَالَ طَاوُوس: الْقُنُوت فِي الْفجْر بِدعَة، وَحكي عَن الزُّهْرِيّ أَيْضا، وَمن الْأَئِمَّة الَّذين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute