للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من طَرِيق أبي الْوَلِيد شيخ البُخَارِيّ فِيهِ قَوْله: (آمن) أفعل التَّفْضِيل من الْأَمْن. قَوْله: (مَا كَانَ) فِي رِوَايَة الْكشميهني والحموي: (مَا كَانَت) ، وَكلمَة: مَا، مَصْدَرِيَّة، وَمَعْنَاهُ: الْجمع لِأَن مَا أضيف إِلَيْهِ أفعل يكون جمعا، وَالْمعْنَى: صلى بِنَا وَالْحَال أَن أَكثر أكواننا فِي سَائِر الْأَوْقَات أَمن. وَلَفظ مُسلم: (عَن حَارِثَة بن وهب قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى، آمن مَا كَانَ النَّاس وَأَكْثَره، رَكْعَتَيْنِ) . وَفِي رِوَايَة لَهُ: (صليت خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى وَالنَّاس أَكثر مَا كَانُوا فصلى رَكْعَتَيْنِ) . قَوْله: (بمنى) الْبَاء فِيهِ ظرفية تتَعَلَّق بقوله: (صلى) . قَوْله: (رَكْعَتَيْنِ) ، مفعول: (صلى) .

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: مَذْهَب الْجُمْهُور أَنه يجوز الْقصر من غير خوف لدلَالَة حَدِيث حَارِثَة على ذَلِك، لِأَن مَعْنَاهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصر من غير خوف. وَفِيه: رد على من زعم أَن الْقصر مُخْتَصّ بالخوف أَو الْحَرْب، ذكر أَبُو جَعْفَر فِي (تَفْسِيره) بِإِسْنَادِهِ (عَن عَائِشَة، تَقول فِي السّفر: أَتموا صَلَاتكُمْ، فَقَالُوا: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَت: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي حَرْب، وَكَانَ يخَاف، فَهَل تخافون أَنْتُم؟) وَفِي لفظ: (كَانَت تصلي فِي السّفر أَرْبعا) . وَاحْتج هَؤُلَاءِ الزاعمون أَيْضا بقوله تَعَالَى: {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} (النِّسَاء: ١٠١) . وَأجِيب بِأَن الشَّرْط فِي الْآيَة خرج مخرج الْغَالِب، وَقيل: هُوَ من الْأَشْيَاء الَّتِي شرع الحكم فِيهَا بِسَبَب ثمَّ زَالَ السَّبَب وَبَقِي الحكم، كالرمل فِي الطّواف، وَقد أوضح هَذَا مَا فِي (صَحِيح مُسلم) (عَن يعلى بن أُميَّة، قَالَ: قلت لعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} (النِّسَاء: ١٠١) . فقد أَمن النَّاس، فَقَالَ عمر: عجبت مِمَّا عجبت مِنْهُ، فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك، فَقَالَ: صَدَقَة تصدق الله بهَا عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته) . وَفِي (تَارِيخ أَصْبَهَان) لأبي نعيم: حَدثنَا سُلَيْمَان حَدثنَا مُحَمَّد بن سهل الرباطي حَدثنَا سهل بن عُثْمَان عَن شريك عَن قيس بن وهب عَن أبي الكنود، (سَأَلت ابْن عمر عَن صَلَاة السّفر، فَقَالَ: رَكْعَتَانِ نزلت من السَّمَاء، فَإِن شِئْتُم فردوها) وَأما الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أَبُو جَعْفَر فَإِن حَدِيث حَارِثَة بن وهب يردهُ، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: فِيهِ: أَي فِي حَدِيث الْبَاب: تَعْظِيم شَأْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ أطلق مَا قَيده الله تَعَالَى، ووسع على عباده تَعَالَى، وَنسب فعله إِلَى الله عز وَجل.

٤٨٠١ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ عنِ الأعْمَشِ قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ يَزِيدَ يقُولُ صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِمِنىً أرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقِيلَ فِي ذالِكَ لِعَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمِنىً رَكْعَتَيْنِ وصَلَّيْتُ مَعَ أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِمِنىً رَكْعَتَيْنِ وصَلَّيْتُ مَعَ عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ بِمِنىً رَكْعَتَيْنِ فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أرْبَعِ رَكَعَاتٍ ركْعَتَانِ مُتَقَبلِّتَانِ.

(الحَدِيث ٤٨٠١ طرفه فِي: ٧٥٦١) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: قُتَيْبَة، وَقد تكَرر ذكره، الثَّانِي: عبد الْوَاحِد بن زِيَاد من الزِّيَادَة الْعَبْدي أَبُو عُبَيْدَة. الثَّالِث: سُلَيْمَان الْأَعْمَش. الرَّابِع: إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ لَا التَّيْمِيّ. الْخَامِس: عبد الرَّحْمَن بن يزِيد من الزِّيَادَة النَّخعِيّ الْأسود بن يزِيد، مَاتَ سنة ثَلَاث وَتِسْعين. السَّادِس: عُثْمَان بن عَفَّان. السَّابِع: عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي خَمْسَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بلخي وَعبد الْوَاحِد بَصرِي والبقية كوفيون.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن قبيصَة عَن سُفْيَان، وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة عَن عبد الْوَاحِد وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب، كِلَاهُمَا عَن أبي مُعَاوِيَة وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعلي بن حشرم. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج عَن مُسَدّد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَليّ بن حشرم بِهِ، وَعَن مَحْمُود بن غيلَان وَعَن قُتَيْبَة وَلم يذكر فعل عُثْمَان.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (صلى بِنَا عُثْمَان) ، كَانَ ذَلِك بعد رُجُوعه من أَعمال الْحَج فِي حَال إِقَامَته بمنى للرمي. قَوْله: (فَقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>