للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيَكْفُرْنَ باللَّهِ قالَ يَكْفُرَن العَشِيرَ ويَكْفُرْنَ الإحْسَانَ لَوْ أحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهرَ ثُمَّ رَأتْ مِنْكَ شَيْئا قَالَتْ مَا رَأيْتُ مِنْكَ خَيْرا قَطُّ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهَا فِي كفران العشير وَإِطْلَاق الْكفْر على غير الْكفْر بِاللَّه.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة الأول: عبد الله بن مسلمة القعْنبِي الْمدنِي، وَقد تقدم ذكره. الثَّانِي: الإِمَام مَالك بن أنس، وَقد تقدم ذكره أَيْضا، الثَّالِث: أَبُو أُسَامَة زيد بن أسلم الْقرشِي الْعَدوي، مولى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنهُ، روى عَن أَبِيه وَعبد الله بن عمر وَأنس وَجَابِر وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع وَعَطَاء بن يسَار وَغَيرهم، روى عَنهُ مَالك وَالزهْرِيّ وَمعمر وَأَيوب وَيحيى وَعبد الله بن عمر وَالثَّوْري وَبَنوهُ عبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَأُسَامَة وَغَيرهم. قَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث، توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. روى لَهُ الْجَمَاعَة. الرَّابِع: عَطاء بن يسَار، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالسِّين الْمُهْملَة، القَاضِي الْمدنِي الْهِلَالِي، مولى مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا، أَخُو سُلَيْمَان وَعبد الْملك وَعبد الله، سمع أبي بن كَعْب وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَغَيرهم، وروى عَنهُ عَمْرو بن دِينَار وَزيد بن أسلم وَغَيرهمَا. وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث. وَقَالَ يحيى بن معِين وَأَبُو زرْعَة: هُوَ ثِقَة توفّي سنة ثَلَاث أَو أَربع وَمِائَة، وَقيل: أَربع وَتِسْعين، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا.

بَيَان لطائف إِسْنَاده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة، وَمِنْهَا: أَنهم أَئِمَّة أجلاء كبار.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه هَهُنَا: عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك، وَهُوَ طرف من حَدِيث طَوِيل أوردهُ فِي بَاب: صَلَاة الْكُسُوف بِهَذَا الاسناد تَاما، وَأخرجه فِي الصَّلَاة فِي بَاب: من صلى وقدامه نَار بِهَذَا الاسناد بِعَيْنِه، وَأخرجه فِي بَدْء الْخلق فِي ذكر الشَّمْس وَالْقَمَر عَن شيخ غير القعْنبِي مُقْتَصرا على مَوضِع الْحَاجة، وَأخرجه فِي عشرَة النِّسَاء عَن شيخ غَيرهمَا عَن مَالك أَيْضا. وَأخرجه فِي كتاب الْعلم عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن شُعْبَة عَن أَيُّوب عَن ابْن عَبَّاس. وَأخرجه مُسلم فِي الْعِيدَيْنِ عَن أبي بكر وَابْن أبي عمر عَن سُفْيَان عَن أَيُّوب، وَعَن أبي رَافع بن أبي رِفَاعَة عَن عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج كِلَاهُمَا عَن عَطاء، وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَابْن عمر أَيْضا، وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ أَيْضا. فَإِن قلت: مَا فَائِدَة تقطيع هَذَا الحَدِيث وَإِخْرَاج طرف مِنْهُ هَهُنَا، ثمَّ إِخْرَاجه تَاما فِي مَوضِع آخر بِعَين الْإِسْنَاد الَّذِي هَهُنَا؟ قلت: مذْهبه جَوَاز تقطيع الحَدِيث إِذا كَانَ مَا يقطعهُ مِنْهُ لَا يسْتَلْزم فَسَاد الْمَعْنى، وغرضه من ذَلِك تنويع الْأَبْوَاب، وَرُبمَا يتَوَهَّم من لَا يحفظ الحَدِيث، وَلَا لَهُ كَثْرَة الممارسة فِيهِ، أَن الْمُخْتَصر حَدِيث مُسْتَقل بِذَاتِهِ، وَلَيْسَ بعض غَيره، لَا سِيمَا إِذا كَانَ ابْتِدَاء الْمُخْتَصر من أثْنَاء الحَدِيث التَّام كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث، فَإِن أَوله هُنَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (أريت النَّار) إِلَى آخر مَا ذكر مِنْهُ، وَأول التَّام عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: (خسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، فَذكر قصَّة صَلَاة الْكُسُوف، ثمَّ خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفيهَا الْقدر الْمَذْكُور هُنَا، وَكثير مِمَّن يعد أَحَادِيث البُخَارِيّ يظنّ أَن مثل هَذَا الحَدِيث حديثان أَو أَكثر لاخْتِلَاف ابْتِدَاء الحَدِيث، فَمن ذَلِك قَالُوا عدَّة أَحَادِيثه بِغَيْر تكْرَار أَرْبَعَة آلَاف أَو نَحْوهَا، وَكَذَا ذكر ابْن الصّلاح وَالنَّوَوِيّ وَمن بعدهمَا، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل إِذا حرر ذَلِك لَا يزِيد على ألفي حَدِيث وَخَمْسمِائة حَدِيث وَثَلَاثَة عشر حَدِيثا.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (أريت) ؛ بِضَم الْهمزَة، من الرُّؤْيَة الَّتِي بِمَعْنى التبصير. قَوْله: (العشير) قد مر تَفْسِيره، قَوْله: (الْإِحْسَان) ، مصدر أحسن، يُقَال: أَحْسَنت بِهِ وأحسنت إِلَيْهِ إِذا فعلت مَعَه جميلاً، وَأَصله من الْحسن خلاف الْقبْح. قَوْله: (الدَّهْر) ، هُوَ الزَّمَان، وَالْجمع: الدهور، وَيُقَال: الدَّهْر: الْأَبَد، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: الدَّهْر عِنْد الْعَرَب يَقع على بعض الدَّهْر الأطول، وَيَقَع على مُدَّة الدُّنْيَا كلهَا. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: قَالَ قوم: الدَّهْر مُدَّة الدُّنْيَا من ابتدائها إِلَى انْقِضَائِهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: بل دهر كل قوم زمانهم. قَوْله: (قطّ) ، لتأكيد نفي الْمَاضِي، وفيهَا لُغَات: فتح الْقَاف وَضمّهَا مَعَ تَشْدِيد الطَّاء المضمومة فيهمَا، وبفتحهما مَعَ تَشْدِيد الطَّاء الْمَكْسُورَة، وبالفتح مَعَ إسكان الطَّاء، وبالفتح بِكَسْر الطَّاء المخففة. قَالَ الْجَوْهَرِي: قَالَ الْكسَائي: كَانَ أَصْلهَا: قطط، فسكن الأول وحرك الآخر بإعرابه، ثمَّ قَالَ بعد حكايته: فِيهَا لُغَات مِنْهَا عَن بَعضهم: قطّ وقط بِالتَّخْفِيفِ، وَزَاد القَاضِي: قطّ

<<  <  ج: ص:  >  >>