للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَمَضَان " وَأخرج ابْن أبي شيبَة أَيْضا فِي مُصَنفه " عَن ابْن عمر أَنه كَانَ لَا يقوم مَعَ النَّاس فِي شهر رَمَضَان قَالَ وَكَانَ الْقَاسِم وَسَالم لَا يقومان مَعَ النَّاس " وَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَرَبِيعَة إِلَى أَن صلَاته فِي بَيته أفضل من صلَاته مَعَ الإِمَام وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالْأسود وعلقمة وَقَالَ أَبُو عمر اخْتلفُوا فِي الْأَفْضَل من الْقيام مَعَ النَّاس أَو الِانْفِرَاد فِي شهر رَمَضَان فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ صَلَاة الْمُنْفَرد فِي بَيته أفضل وَقَالَ مَالك وَكَانَ ربيعَة وَغير وَاحِد من عُلَمَائِنَا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يقومُونَ مَعَ النَّاس وَقَالَ مَالك وَأَنا أفعل ذَلِك وَمَا قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا فِي بَيته وَإِلَيْهِ مَال الطَّحَاوِيّ وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر وَسَالم وَالقَاسِم وَنَافِع أَنهم كَانُوا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يقومُونَ مَعَ النَّاس وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَاخْتَارَ الشَّافِعِي أَن يُصَلِّي الرجل وَحده إِذا كَانَ قَارِئًا وَالْكَلَام فِي التَّرَاوِيح على أَنْوَاع. الأول أَن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِيهَا هَل هِيَ سنة أَو تطوع مُبْتَدأ فَقَالَ الإِمَام حميد الدّين الضزيري رَحمَه الله نفس التَّرَاوِيح سنة وَأما أَدَاؤُهَا بِالْجَمَاعَة فمستحب وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَن نفس التَّرَاوِيح سنة لَا يجوز تَركهَا وَقَالَ الصَّدْر الشَّهِيد هُوَ الصَّحِيح وَفِي جَوَامِع الْفِقْه التَّرَاوِيح سنة مُؤَكدَة وَالْجَمَاعَة فِيهَا وَاجِبَة وَفِي رَوْضَة الْحَنَفِيَّة وَالْجَمَاعَة فَضِيلَة وَفِي الذَّخِيرَة لنا عَن أَكثر الْمَشَايِخ أَن إِقَامَتهَا بِالْجَمَاعَة سنة على الْكِفَايَة الثَّانِي أَن عَددهَا عشرُون رَكْعَة وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَنَقله القَاضِي عَن جُمْهُور الْعلمَاء وَحكي أَن الْأسود بن يزِيد كَانَ يقوم بِأَرْبَعِينَ رَكْعَة ويوتر بِسبع وَعند مَالك سِتَّة وَثَلَاثُونَ رَكْعَة غير الْوتر وَاحْتج على ذَلِك بِعَمَل أهل الْمَدِينَة وَاحْتج أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيَّة والحنابلة بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح " عَن السَّائِب بن يزِيد الصَّحَابِيّ قَالَ كَانُوا يقومُونَ على عهد عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِعشْرين رَكْعَة وعَلى عهد عُثْمَان وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مثله " وَفِي الْمُغنِي عَن عَليّ أَنه أَمر رجلا أَن يُصَلِّي بهم فِي رَمَضَان بِعشْرين رَكْعَة قَالَ وَهَذَا كالإجماع (فَإِن قلت) قَالَ فِي الْمُوَطَّأ عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ كَانَ النَّاس فِي زمن عمر يقومُونَ فِي رَمَضَان بِثَلَاث وَعشْرين رَكْعَة (قلت) قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَالثَّلَاث هُوَ الْوتر وَيزِيد لم يدْرك عمر فَيكون مُنْقَطِعًا وَالْجَوَاب عَمَّا قَالَه مَالك أَن أهل مَكَّة كَانُوا يطوفون بَين كل ترويحتين وَيصلونَ رَكْعَتي الطّواف وَلَا يطوفون بعد الترويحة الْخَامِسَة فَأَرَادَ أهل الْمَدِينَة مساواتهم فَجعلُوا مَكَان كل طواف أَربع رَكْعَات فزادوا سِتّ عشرَة رَكْعَة وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحَق وَأولى أَن يتبع الثَّالِث فِي وَقتهَا وَهُوَ بعد الْعشَاء وَقبل الْوتر عندنَا وَهُوَ قَول عَامَّة مَشَايِخ بُخَارى وَالأَصَح أَن وَقتهَا بعد الْعشَاء إِلَى آخر اللَّيْل قبل الْوتر وَبعده وَفِي الْمَبْسُوط الْمُسْتَحبّ فعلهَا إِلَى نصف اللَّيْل أَو ثلثه كَمَا فِي الْعشَاء وَفِي الْمُحِيط لَا يجوز قبل الْعشَاء وَيجوز بعد الْوتر وَلم يحك فِيهِ خلافًا. الرَّابِع أَن أَكثر الْمَشَايِخ على أَن السّنة فِيهَا الْخَتْم فَلَا يتْرك لكسل الْقَوْم وَقيل يقْرَأ مِقْدَار مَا يقْرَأ فِي الْمغرب تَحْقِيقا للتَّخْفِيف قَالَ شمس الْأَئِمَّة هَذَا غير مستحسن وَقيل يقْرَأ من عشْرين آيَة إِلَى ثَلَاثِينَ آيَة كَمَا أَمر عمر بن الْخطاب أحد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة على مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ دَعَا عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بذلك من الْقُرَّاء فاستقرأهم فَأمر أسرعهم قِرَاءَة أَن يقْرَأ للنَّاس بِثَلَاثِينَ آيَة فِي كل رَكْعَة وأوسطهم بِخمْس وَعشْرين آيَة وأبطأهم بِعشْرين آيَة (وَمن فَوَائِد الحَدِيث الْمَذْكُور) جَوَاز الِاقْتِدَاء بِمن لم ينْو إِمَامَته وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور إِلَّا رِوَايَة عَن الشَّافِعِي. وَفِيه إِذا تَعَارَضَت مصلحَة وَخَوف مفْسدَة أَو مصلحتان اعْتبر أهمهما لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ رأى الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد لبَيَان الْجَوَاز أَو أَنه كَانَ معتكفا فَلَمَّا عَارضه خوف الافتراض عَلَيْهِم تَركه لعظم الْمفْسدَة الَّتِي تخَاف من عجزهم وتركهم الْفَرْض. وَفِيه أَن الإِمَام أَو كَبِير الْقَوْم إِذا فعل شَيْئا خلاف مَا يتوقعه أَتْبَاعه وَكَانَ لَهُ عذر فِيهِ يذكرهُ لَهُم تطييبا لقُلُوبِهِمْ وإصلاحا لذات الْبَيْت لِئَلَّا يَظُنُّوا خلاف هَذَا وَرُبمَا ظنُّوا ظن السوء وَفِيه جَوَاز الْفِرَار من قدر الله إِلَى قدر الله قَالَه الْمُهلب. وَفِيه مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الزهادة فِي الدُّنْيَا والاكتفاء بِمَا قل مِنْهَا والشفقة على أمته والرأفة بهم. وَفِيه الْأَذَان وَالْإِقَامَة للنوافل إِذا صليت جمَاعَة قَالَ ابْن بطال. وَفِيه أَن قيام رَمَضَان سنة بِالْجَمَاعَة وَلَيْسَ كَمَا زَعمه بَعضهم أَنه سنة عمر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أَجمعُوا على أَنه لَا يجوز تَعْطِيل الْمَسَاجِد عَن قيام رَمَضَان فَهُوَ وَاجِب على الْكِفَايَة

<<  <  ج: ص:  >  >>