للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْن عَمْرو عَن ابْن أبي مليكَة: (سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله تَعَالَى: {إِن ناشئة اللَّيْل} (المزمل: ٦) . فَقَالَ أَي اللَّيْل قُمْت فقد أنشأت) وَفِي عبد أَيْضا: عَن أبي ميسرَة، قَالَ: هُوَ كَلَام الْحَبَشَة: نَشأ قَامَ، وَعَن أبي مَالك: قيام اللَّيْل بِلِسَان الْحَبَشَة: ناشئة، وَعَن قَتَادَة وَالْحسن وَأبي مجلز: كل شَيْء بعد الْعشَاء: ناشئة، وَقَالَ مُجَاهِد: إِذا قُمْت من اللَّيْل تصلي فَهِيَ ناشئة، وَفِي رِوَايَة: أَي سَاعَة تهجد فِيهَا. وَقَالَ مُعَاوِيَة بن قُرَّة: هِيَ قيام اللَّيْل. وَعَن عَاصِم: ناشئة اللَّيْل، مَهْمُوزَة الْيَاء، وَفِي (الْمجَاز) لأبي عُبَيْدَة: ناشئة اللَّيْل ناشئة بعد ناشئة. وَفِي (الْمُنْتَهى) لأبي الْمَعَالِي: ناشئة اللَّيْل: أول ساعاته. وَيُقَال: أول مَا ينشأ من اللَّيْل من الطَّاعَات هِيَ النشيئة. وَفِي (الْمُحكم) : الناشئة أول النَّهَار وَاللَّيْل. وَقيل: الناشئة إِذا نمت من أول اللَّيْل نومَة، ثمَّ قُمْت، وَفِي (كتاب الْهَرَوِيّ) : كل مَا حدث بِاللَّيْلِ وبدا فَهُوَ ناشىء، وَقد نَشأ وَالْجمع: ناشئة.

وَاخْتلف الْعلمَاء، هَل فِي الْقُرْآن شَيْء بِغَيْر الْعَرَبيَّة؟ فَذهب بَعضهم، إِلَى أَن غير الْعَرَبيَّة مَوْجُود فِي الْقُرْآن: كسجيل وفردوس وناشئة، وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنه لَيْسَ الْقُرْآن شَيْء بِغَيْر الْعَرَبيَّة، وَقَالُوا: مَا ورد من ذَلِك فَهُوَ من توَافق اللغتين، فعلى هَذَا لفظ، ناشئة، إِمَّا مصدر على وزن: فاعلة، كعاقبة من نَشأ إِذا قَامَ، أَو هُوَ: اسْم فَاعل، صفة لمَحْذُوف تَقْدِيره: النَّفس الناشئة، كَمَا نقلنا عَن الزَّمَخْشَرِيّ عَن قريب.

وِطَاءً قَالَ مُوَاطأةَ القُرآنِ أشَدُّ مُوَافَقَةً لِسَمْعِهِ وبَصَرِهِ وقَلْبِهِ لِيُوَاطِؤُا لِيُوَافِقُوا

وَفِي بعض النّسخ: وطاءً قَالَ مواطأة أَي: قَالَ البُخَارِيّ: معنى: وطأ مواطأة لِلْقُرْآنِ، وَفِي بعض النّسخ: مواطأة لِلْقُرْآنِ يَعْنِي: إِن ناشئة اللَّيْل، هُوَ أَشد مواطاة لِلْقُرْآنِ، وَهَذَا التَّعْلِيق أَيْضا وَصله عبد بن حميد من طَرِيق مُجَاهِد. وَقَالَ أَشد وطاء، أَي: يُوَافق سَمعك وبصرك وقلبك بعضه بَعْضًا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب. قَوْله: (ليواطؤا ليوافقوا) هَذَا من تَفْسِير بَرَاءَة من قَوْله تَعَالَى: {يحلونه عَاما ويحرمونه عَاما ليواطؤا عدَّة مَا حرم الله} (التَّوْبَة: ٧٣) . الْآيَة، وَذكر أَن مَعْنَاهُ: ليوافقوا، وَإِنَّمَا ذكره هَهُنَا تَأْكِيدًا لتفسيره: وطاء، وَقد وَصله الطَّبَرِيّ عَن ابْن عَبَّاس، لَكِن بِلَفْظ: (ليشابهوا) .

١٤١١ - عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني محَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ حُمَيْدٍ أنَّهُ سَمِعَ أنسا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُولُ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنُّ أنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ شَيْئا ويَصُومُ حَتَّى نَظُنُّ أنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئا وكانَ لَا تَشَاءُ أنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَليا إلَاّ رَأيْتَهُ نائِما إلَاّ رَأيْتَهُ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَكَانَ لإنشاء أَن ترَاهُ من اللَّيْل مُصَليا إلاّ رَأَيْته) ، وَهُوَ قيام اللَّيْل.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: عبد الْعَزِيز عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري. الثَّانِي: مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير ضد الْقَلِيل مر فِي كتاب الْحيض. الثَّالِث: حميد، بِضَم الْحَاء: ابْن أبي حميد الطَّوِيل. الرَّابِع: أنس بن مَالك.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين مَاضِيا ومضارعا. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده، وَهُوَ وَمُحَمّد بن جَعْفَر مدنيان، وَحميد بَصرِي.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّوْم عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَن لَا يَصُوم مِنْهُ) ، كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة فِي مَحل النصب على أَنه مفعول: يظنّ، قَوْله: (مِنْهُ شَيْئا) ، أَي: من الشَّهْر شَيْئا من الصَّوْم، وَلَفظه: شَيْئا، فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَأبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا لَيْسَ فِيهِ هَذَا اللَّفْظ. قَوْله: (وَكَانَ) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: (وَلَا نَائِما) أَي: وَلَا تشَاء أَن ترَاهُ من اللَّيْل نَائِما إلاّ رَأَيْته نَائِما.

وَالَّذِي يُسْتَفَاد من هَذَا الحَدِيث: أَن صلَاته ونومه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْتَلف بِاللَّيْلِ، وَلَا يَتَرَتَّب وقتا معينا بل بِحَسب مَا تيَسّر لَهُ الْقيام. فَإِن قلت: يُعَارضهُ حَدِيث عَائِشَة: (كَانَ إِذا سمع الصَّارِخ قَامَ) . قلت: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أخْبرت بِحَسب مَا اطَّلَعت عَلَيْهِ، لِأَن صَلَاة اللَّيْل غَالِبا كَانَت تقع مِنْهُ فِي الْبَيْت، وَخبر أنس مَحْمُول على مَا وَرَاء ذَلِك.

تابَعَهُ سُلَيْمَانُ وأبُو خالِدٍ الأحْمَرُ عنْ حُمَيْدٍ

أَي: تَابع مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن حميد سُلَيْمَان ذكر خلف أَنه ابْن بِلَال أَبُو أَيُّوب، وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي التَّيْمِيّ وَلَاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>