مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن الْبَاب فِي إِطْلَاق إسم الْمُؤمن على مرتكب الْمعْصِيَة والْحَدِيث بصريحه يدل على هَذَا مَا لَا يخفى.
بَيَان رِجَاله: وهم سَبْعَة. الأول: عبد الله بن الْمُبَارك بن عبد الله العيشي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة أَبُو بكر وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ: روى عَن وهب بن خَالِد وَحَمَّاد بن زيد وَغَيرهمَا. روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو حَاتِم وَقَالَ صَدُوق. وروى النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وَلم يرو لَهُ مُسلم شَيْئا. توفّي سنة ثَمَان أَو تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: حَمَّاد بن زيد بن دِرْهَم أَبُو إِسْمَاعِيل الْأَزْرَق الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ مولى آل جرير بن حَازِم، سمع ثَابت الْبنانِيّ وَابْن سِيرِين وَعَمْرو بن دِينَار وَيحيى الْقطَّان وَأَيوب وخلقا كثيرا. روى عَنهُ السُّفْيانَانِ وَابْن الْمُبَارك وَيحيى الْقطَّان ووكيع وَغَيرهم قَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي: أَئِمَّة النَّاس فِي زمانهم أَرْبَعَة: سُفْيَان الثَّوْريّ بِالْكُوفَةِ، وَمَالك بالحجاز، وَالْأَوْزَاعِيّ بِالشَّام وَحَمَّاد بن زيد بِالْبَصْرَةِ وَمَا رَأَيْت أعلم من حَمَّاد بن زيد وَلَا سُفْيَان وَلَا مَالك وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ حَمَّاد بن زيد ثِقَة ثبتا حجَّة كثير الحَدِيث وَأنْشد ابْن الْمُبَارك فِيهِ.
(أَيهَا الطَّالِب علما ... ائْتِ حَمَّاد بن زيد)
(فَخذ الْعلم بحلم ... ثمَّ قَيده بِقَيْد)
(ودع الْبِدْعَة من آ ... ثار عَمْرو بن عبيد)
ولد سنة ثَمَان وَتِسْعين، وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَمِائَة، وَهُوَ ابْن إِحْدَى وَثَمَانِينَ سنة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَقد مر ذكره. الرَّابِع: يُونُس بن عبيد بن دِينَار الْبَصْرِيّ، رأى أنس بن مَالك، وَرَأى الْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَغَيرهمَا، روى عَنهُ سُفْيَان الثَّوْريّ والحمادان وَغَيرهم، قَالَ أَحْمد وَيحيى: ثِقَة توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الْخَامِس: أَبُو سعيد الْحسن بن أبي الْحسن الْأنْصَارِيّ، مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ، وَمولى زيد بن ثَابت، وَيُقَال: مولى أبي الْيُسْر الْأنْصَارِيّ، وَيُقَال: مولى جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، وَأمه إسمها الْخيرَة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، مولاة لأم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ولد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من خلَافَة عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَقيل: إِن أمه رُبمَا كَانَت تغيب فيبكي الْحسن، فتعطيه أم سَلمَة، أم الْمُؤمنِينَ، ثديها تعلله إِلَى أَن تَجِيء أمه، فيدر ثديها فيشربه، فيرون تِلْكَ الفصاحة وَالْحكمَة من بركتها. وَنَشَأ الْحسن بوادي الْقرى، وَقَالَ الْحسن: غزونا خُرَاسَان ومعنا ثَلَاث مائَة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. سمع ابْن عمر وأنسا وَسمرَة وَقيس بن عَاصِم وَغَيرهم من الصَّحَابَة، وَعَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ: سَأَلت هِشَام بن حسان: كم أدْرك الْحسن من الصَّحَابَة؟ قَالَ: مائَة وَثَلَاثِينَ. قَالَ: وَابْن سِيرِين قَالَ: ثَلَاثِينَ، وَلم يَصح لِلْحسنِ سَماع عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، قَالَ ابْن معِين: لم يسمع الْحسن من أبي بكرَة ولامن جَابر بن عبد الله وَلَا من أبي هُرَيْرَة. وَسُئِلَ أَبُو زرْعَة: ألقِي الْحسن أحدا من الْبَدْرِيِّينَ؟ قَالَ: رَآهُمْ رُؤْيَة، رأى عُثْمَان وعليا، قيل لَهُ: سمع مِنْهُمَا؟ قَالَ: لَا، كَانَ الْحسن يَوْم بُويِعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ، ابْن أَربع عشرَة سنة، رأى عليا بِالْمَدِينَةِ ثمَّ خرج عَليّ إِلَى الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَلم يلقه الْحسن بعد ذَلِك. قَالَ أَبُو زرْعَة: لم يسمع الْحسن من أبي هُرَيْرَة وَلَا رَآهُ، وَمن قَالَ فِي الحَدِيث عَن الْحسن: ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة، فقد أَخطَأ، وَلم يسمع من ابْن عَبَّاس، وَسمع من ابْن عمر حَدِيثا وَاحِدًا، وَعَن أبي رَجَاء قَالَ: قلت لِلْحسنِ: مَتى خرجت من الْمَدِينَة؟ قَالَ: عَام صفّين. قلت: فَمَتَى احْتَلَمت؟ قَالَ: عَام صفّين. وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ الْحسن جَامعا عَالما فَقِيها ثِقَة مَأْمُونا عابدا ناسكا كثير الْعلم فصيحا جميلاً وسيما، قدم مَكَّة فَأَجْلَسُوهُ وَاجْتمعَ النَّاس إِلَيْهِ، فيهم طَاوس وَعَطَاء وَمُجاهد وَعَمْرو بن شُعَيْب، فَحَدثهُمْ فَقَالُوا أَو قَالَ بَعضهم: لم نر مثل هَذَا قطّ. توفّي سنة سِتّ عشرَة وَمِائَة، وَتُوفِّي بعده ابْن سِيرِين بِمِائَة يَوْم، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
فَائِدَة: روى لَهُ البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث هُنَا عَن الْحسن عَن الْأَحْنَف، وَرَوَاهُ فِي الْفِتَن عَن الْحسن، وَأنكر يحيى بن معِين وَالدَّارَقُطْنِيّ سَماع الْحسن من أبي بكرَة. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: بَينهمَا الْأَحْنَف، وَاحْتج بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَكَذَا رَوَاهُ هِشَام بن