مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(فليركع رَكْعَتَيْنِ من غير الْفَرِيضَة) ، وَقد أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يتَنَاوَل كَونهمَا بِاللَّيْلِ أَو بِالنَّهَارِ.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: قُتَيْبَة بن سعيد. الثَّانِي: عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي، بِفَتْح الْمِيم: أَبُو مُحَمَّد، مولى عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَفِي (تَهْذِيب الْكَمَال) : أَن أَبَا الموَالِي اسْمه زيد. الثَّالِث: مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل من الانكدار ابْن عبد الله أَبُو بكر، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة. الرَّابِع: جَابر بن عبد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي مِمَّا تفرد بِحَدِيث الاستخارة، وَأَن البُخَارِيّ تفرد بِهِ. وَفِيه: أَن شَيْخه بلخي وَعبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد مدنيان.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن أبي مُصعب مطرف بن عبد الله وَفِي التَّوْحِيد عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي وَعبد الرَّحْمَن ابْن مقَاتل خَال القعْنبِي وَمُحَمّد ابْن عِيسَى بن الطباع. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ، وَالنَّسَائِيّ فِي النِّكَاح وَفِي النعوت وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّلَاة عَن أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث جَابر حسن صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه إلَاّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي، وَهُوَ شيخ مدنِي ثِقَة، روى عَنهُ سُفْيَان حَدِيثا، وَقد روى عَن عبد الرَّحْمَن غير وَاحِد من الْأَئِمَّة انْتهى. قلت: حكم التِّرْمِذِيّ على حَدِيث جَابر بِالصِّحَّةِ تبعا للْبُخَارِيّ فِي إِخْرَاجه فِي الصَّحِيح، وَصَححهُ أَيْضا ابْن حبَان، وَمَعَ ذَلِك فقد ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل، فَقَالَ: إِن حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي فِي الاستخارة مُنكر، وَقَالَ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) فِي تَرْجَمته: وَالَّذِي أنكر عَلَيْهِ حَدِيث الاستخارة، وَقد رَوَاهُ غير وَاحِد من الصَّحَابَة، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين: كَأَن ابْن عدي أَرَادَ بذلك أَن لحديثه هَذَا شَاهدا من حَدِيث غير وَاحِد من الصَّحَابَة، فَخرج بذلك أَن يكون فَردا مُطلقًا، وَقد وَثَّقَهُ جُمْهُور أهل الْعلم. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَيحيى بن معِين وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ: ثِقَة، وَقَالَ أَحْمد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بِهِ، وَزَاد أَبُو زرْعَة: صَدُوق.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عقيب ذكره هَذَا الحَدِيث: وَفِي الْبَاب عَن ابْن مَسْعُود وَأبي أَيُّوب. وَقَالَ شَيخنَا وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن أبي بكر الصّديق وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَسَعِيد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَأنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة صَالح بن مُوسَى الطلحي عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة (عَن عبد الله، قَالَ: علمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الاستخارة، قَالَ: إِذا أَرَادَ أحدكُم أمرا فَلْيقل) : اللَّهُمَّ إنس أستخيرك بعلمك. .) فَذكره وَلم يقل: الْعَظِيم، وَقدم قَوْله:(وَتعلم) على قَوْله: (وتقدر) ، وَقَالَ:(فَإِن كَانَ هَذَا الَّذِي أُرِيد خيرا فِي ديني وعاقبة أَمْرِي فيسره لي، وَإِن كَانَ غير ذَلِك خيرا لي فاقدر لي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ، يَقُول ثمَّ يعزم) . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من طَرِيق أُخْرَى. وَأما حَدِيث أبي أَيُّوب فَأخْرجهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة الْوَلِيد بن أبي الْوَلِيد أَن أَيُّوب بن خَالِد بن أبي أَيُّوب حَدثهُ عَن أَبِيه عَن جده أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أكتم الْخطْبَة، ثمَّ تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ صل مَا كتب الله لَك ثمَّ احْمَد رَبك ومجده ثمَّ قل: اللَّهُمَّ إِنَّك تقدر وَلَا أقدر. .) الحَدِيث إِلَى قَوْله: (الغيوب) وَبعده: (فَإِن رَأَيْت لي فِي فُلَانَة، تسميها باسمها، خيرا فِي دنياي وآخرتي فَاقْض لي بهَا، أَو قَالَ: فاقدرها لي) . لفظ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ. وَقَالَ ابْن حبَان:(خيرالي فِي ديني ودنياي وآخرتي فاقدرها لي، وَإِن كَانَ غَيرهَا خيرا لي مِنْهَا فِي ديني ودنياي وآخرتي فَاقْض لي ذَلِك) . وَأَيوب وخَالِد ذكرهمَا ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) . وَأما حَدِيث أبي بكر: فَأخْرجهُ التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات من رِوَايَة زنفل بن عبد الله عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة (عَن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ أمرا قَالَ: اللَّهُمَّ خر لي واختر لي) . وَقَالَ: غَرِيب لَا نعرفه إلَاّ من حَدِيث زنفل، وَهُوَ ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث. وَأما حَدِيث أبي سعيد: فَأخْرجهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي من طَرِيق ابْن إِسْحَاق: حَدثنِي عِيسَى بن عبد الله بن مَالك عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء بن يسَار (عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا أَرَادَ أحدهم أمرا فَلْيقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك بعلمك. .) الحَدِيث على نَحْو حَدِيث جَابر، وَقَالَ فِي آخِره:(ثمَّ قدر لي الْخَيْر أَيْنَمَا كَانَ، لَا حول وَلَا قُوَّة إلَاّ بِاللَّه) . إِسْنَاده صَحِيح. وَرَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا فِي (صَحِيحه) من هَذَا الْوَجْه. وَأما حَدِيث سعد بن أبي وَقاص: رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَرَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى فِي (مسانيدهم) من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد