للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِن أَعمال الْمطِي إِلَى مَسْجِد الْمَدِينَة وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وَالصَّلَاة فيهمَا قربَة فَوَجَبَ أَن يلْزم بِالنذرِ كالمسجد الْحَرَام وَقَالَ الْغَزالِيّ عِنْد ذكر إتْيَان الْمَسَاجِد فَلَو قَالَ آتِي مَسْجِد الْخيف فَهُوَ كمسجد الْحَرَام لِأَنَّهُ من الْحرم وَكَذَلِكَ أَجزَاء سَائِر الْحرم قَالَ وَلَو قَالَ آتِي مَكَّة لم يلْزمه شَيْء إِلَّا إِذا قصد الْحَج وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين لَا وَجه لتفرقته بَين مَكَّة وَسَائِر أَجزَاء الْحرم فَإِنَّهَا من أَجزَاء الْحرم لَا جرم أَن الرَّافِعِيّ تعقبه فَقَالَ وَلَو قَالَ أَمْشِي إِلَى الْحرم أَو إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام أَو إِلَى مَكَّة أَو ذكر بقْعَة أُخْرَى من بقاع الْحرم كالصفا والمروة وَمَسْجِد الْخيف وَمنى والمزدلفة ومقام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وقبة زَمْزَم وَغَيرهَا فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ إِلَى بَيت الله الْحَرَام حَتَّى لَو قَالَ آتِي دَار أبي جهل أَو دَار الخيزران كَانَ الحكم كَذَلِك لشمُول حُرْمَة الْحرم لَهُ بتنفير الصَّيْد وَغَيره وَعَن أبي حنيفَة أَنه لَا يلْزم الْمَشْي إِلَّا أَن يَقُول إِلَى بَيت الله الْحَرَام أَو قَالَ مَكَّة أَو إِلَى الْكَعْبَة أَو إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَحكى الرَّافِعِيّ عَن القَاضِي ابْن كج أَنه قَالَ إِذا نذر أَن يزور قبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعندي أَنه يلْزمه الْوَفَاء وَجها وَاحِدًا قَالَ وَلَو نذر أَن يزور قبر غَيره فَفِيهِ وَجْهَان عِنْدِي وَقَالَ القَاضِي عِيَاض وَأَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ من الشَّافِعِيَّة أَنه يحرم شدّ الرّحال إِلَى غير الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة لمقْتَضى النَّهْي وَقَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ غلط وَالصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ والمحققون أَنه لَا يحرم وَلَا يكره وَقَالَ الْخطابِيّ لَا تشد لَفظه خبر وَمَعْنَاهُ الْإِيجَاب فِيمَا نَذره الْإِنْسَان من الصَّلَاة فِي الْبِقَاع الَّتِي يتبرك بهَا أَي لَا يلْزم الْوَفَاء بِشَيْء من ذَلِك حَتَّى يشد الرحل لَهُ وَيقطع الْمسَافَة إِلَيْهِ غير هَذِه الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ مَسَاجِد الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فَأَما إِذا نذر الصَّلَاة فِي غَيرهَا من الْبِقَاع فَإِن لَهُ الْخِيَار فِي أَن يَأْتِيهَا أَو يُصليهَا فِي مَوْضِعه لَا يرحل إِلَيْهَا قَالَ والشد إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام فرض لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة وَكَانَ تشد الرّحال إِلَى مَسْجِد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَيَاته لِلْهِجْرَةِ وَكَانَت وَاجِبَة على الْكِفَايَة وَأما إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَإِنَّمَا هُوَ فَضِيلَة واستحباب وَأول بَعضهم معنى الحَدِيث على وَجه آخر وَهُوَ أَن لَا يرحل فِي الِاعْتِكَاف إِلَّا إِلَى هَذِه الثَّلَاثَة فقد ذهب بعض السّلف إِلَى أَن الِاعْتِكَاف لَا يَصح إِلَّا فِيهَا دون سَائِر الْمَسَاجِد وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين من أحسن محامل هَذَا الحَدِيث أَن المُرَاد مِنْهُ حكم الْمَسَاجِد فَقَط وَأَنه لَا يشد الرحل إِلَى مَسْجِد من الْمَسَاجِد غير هَذِه الثَّلَاثَة فَأَما قصد غير الْمَسَاجِد من الرحلة فِي طلب الْعلم وَفِي التِّجَارَة والتنزه وزيارة الصَّالِحين والمشاهد وزيارة الإخوان وَنَحْو ذَلِك فَلَيْسَ دَاخِلا فِي النَّهْي وَقد ورد ذَلِك مُصَرحًا بِهِ فِي بعض طرق الحَدِيث فِي مُسْند أَحْمد حَدثنَا هَاشم حَدثنَا عبد الحميد حَدثنِي شهر سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَذكر عِنْده صَلَاة فِي الطّور فَقَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يَنْبَغِي للمطي أَن يشد رحاله إِلَى مَسْجِد يَبْتَغِي فِيهِ الصَّلَاة غير الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى ومسجدي هَذَا " وَإِسْنَاده حسن وَشهر بن حَوْشَب وَثَّقَهُ جمَاعَة من الْأَئِمَّة وَفِيه الْمَذْكُور الْمَسْجِد الْحَرَام وَلَكِن المُرَاد جَمِيع الْحرم وَقيل يخْتَص بالموضع الَّذِي يصلى فِيهِ دون الْبيُوت وَغَيرهَا من أَجزَاء الْحرم وَقَالَ الطَّبَرِيّ ويتأيد بقوله " مَسْجِدي هَذَا " لِأَن الْإِشَارَة فِيهِ إِلَى مَسْجِد الْجَمَاعَة فَيَنْبَغِي أَن يكون الْمُسْتَثْنى كَذَلِك وَقيل المُرَاد بِهِ الْكَعْبَة ويتأيد بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِلَفْظ " إِلَّا الْكَعْبَة " ورد بِأَن الَّذِي عِنْد النَّسَائِيّ " إِلَّا مَسْجِد الْكَعْبَة " حَتَّى لَو كَانَت لَفْظَة مَسْجِد غير مَذْكُورَة لكَانَتْ مُرَادة

٢١٣ - (حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن زيد بن رَبَاح وَعبيد الله بن أبي عبد الله الْأَغَر عَن أبي عبد الله الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام) مطابقته للتَّرْجَمَة تظهر من متن الحَدِيث. (ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة. الأول عبد الله بن يُوسُف أَبُو مُحَمَّد التنيسِي قد ذكر غير مرّة. الثَّانِي مَالك بن أنس. الثَّالِث زيد بن رَبَاح بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. الرَّابِع عبيد الله بن عبد الله بتصغير الابْن. الْخَامِس أَبُو عبد الله واسْمه سلمَان الْأَغَر بِفَتْح الْهمزَة وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وكنيته أَبُو عبد الله كَانَ قَاصا من أهل الْمَدِينَة وَكَانَ رَضِي. السَّادِس أَبُو هُرَيْرَة

<<  <  ج: ص:  >  >>