رِوَايَة رُزَيْق الْأَلْهَانِي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَلَاة الرجل فِي بَيته بِصَلَاة وَصلَاته فِي مَسْجِد الْقَبَائِل بِخمْس وَعشْرين صَلَاة وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الَّذِي يجمع فِيهِ بِخَمْسِمِائَة صَلَاة وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ ألف صَلَاة وَصلَاته فِي مَسْجِدي بِخَمْسِينَ ألف صَلَاة وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِمِائَة ألف صَلَاة " وَفِيه أَبُو الْخطاب الدِّمَشْقِي يحْتَاج إِلَى الْكَشْف وَفِيه عَن جَابر روى حَدِيثه ابْن ماجة من رِوَايَة عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن عَطاء عَن جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " صَلَاة فِي مَسْجِدي أفضل من مائَة ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ " وَإِسْنَاده جيد وَفِيه عَن سعد بن أبي وَقاص روى حَدِيثه أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى فِي مسانيدهم من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن مُوسَى بن عقبَة عَن أبي عبد الله الْقَرَّاظ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام " وَفِيه عَن أبي الدَّرْدَاء أخرج حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِمِائَة ألف صَلَاة وَالصَّلَاة فِي مَسْجِدي بِأَلف صَلَاة وَالصَّلَاة فِي بَيت الْمُقَدّس بِخَمْسِمِائَة صَلَاة " وَإِسْنَاده حسن وَفِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا روى حَدِيثهَا التِّرْمِذِيّ فِي الْعِلَل الْكَبِير قَالَت قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَلَاة فِي مَسْجِدي أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ " فَافْهَم (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " فِي مَسْجِدي هَذَا " بِالْإِشَارَةِ يدل على أَن تَضْعِيف الصَّلَاة فِي مَسْجِد الْمَدِينَة يخْتَص بمسجده عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الَّذِي كَانَ فِي زَمَانه مَسْجِدا دون مَا أحدث فِيهِ بعده من الزِّيَادَة فِي زمن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وبعدهم تَغْلِيبًا لاسم الاشارة وَبِه صرح النَّوَوِيّ فَخص التَّضْعِيف بذلك بِخِلَاف الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُ لَا يخْتَص بِمَا كَانَ لظَاهِر الْمَسْجِد دون بَاقِيه لِأَن الْكل يعمه اسْم الْمَسْجِد الْحَرَام (قلت) إِذا اجْتمع الِاسْم وَالْإِشَارَة هَل تغلب الْإِشَارَة أَو الِاسْم فِيهِ خلاف فَمَال النَّوَوِيّ إِلَى تَغْلِيب الْإِشَارَة فعلى هَذَا قَالَ إِذا قَالَ الْمَأْمُوم نَوَيْت الِاقْتِدَاء بزيد فَإِذا هُوَ عَمْرو يَصح اقْتِدَاؤُهُ تَغْلِيبًا للْإِشَارَة وَجزم ابْن الرّفْعَة بِعَدَمِ الصِّحَّة وَقَالَ لِأَن مَا يجب تَعْيِينه إِذا عينه وَأَخْطَأ فِي التَّعْيِين أفسد الْعِبَادَة وَأما مَذْهَبنَا فِي هَذَا فَالَّذِي يظْهر من قَوْلهم إِذا اقْتدى بفلان بِعَيْنِه ثمَّ ظهر أَنه غَيره لَا يجْزِيه إِذْ الِاسْم يغلب الْإِشَارَة قَوْله " إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام " قَالَ الْكرْمَانِي الِاسْتِثْنَاء يحْتَمل أمورا ثَلَاثَة أَن يكون مُسَاوِيا لمَسْجِد الرَّسُول وَأفضل مِنْهُ وأدون مِنْهُ بِأَن يرادان فِي مَسْجِد الْمَدِينَة لَيْسَ خيرا مِنْهُ بِأَلف صَلَاة بل خير مِنْهُ بتسعمائة مثلا وَنَحْوه وَقَالَ ابْن بطال يجوز فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاء أَن يكون المُرَاد فَإِنَّهُ مسَاوٍ لمَسْجِد الْمَدِينَة أَو فَاضلا أَو مفضولا وَالْأول أرجح لِأَنَّهُ لَو كَانَ فَاضلا أَو مفضولا لم يعلم مِقْدَار ذَلِك إِلَّا بِدَلِيل بِخِلَاف الْمُسَاوَاة قيل يجوز أَن يكون حَدِيث عبد الله بن الزبير الَّذِي تقدم ذكره دَلِيلا على الثَّانِي وَقَالَ ابْن عبد الْبر اخْتلفُوا فِي تَأْوِيله وَمَعْنَاهُ فَقَالَ أَبُو بكر عبد الله بن نَافِع صَاحب مَالك مَعْنَاهُ أَن الصَّلَاة فِي مَسْجِد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أفضل من الصَّلَاة فِي الْكَعْبَة بِأَلف دَرَجَة وَأفضل من الصَّلَاة فِي سَائِر الْمَسَاجِد بِأَلف صَلَاة وَقَالَ بذلك جمَاعَة من المالكيين وَرَوَاهُ بَعضهم عَن مَالك وَقَالَ عَامَّة أهل الْفِقْه والأثر أَن الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من الصَّلَاة فِيهِ لظَاهِر الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ على أَن أَمِيري الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب وَعبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُم قَالَا على الْمِنْبَر مَا رَوَاهُ أَبُو عمر حَدثنَا أَحْمد بن قَاسم حَدثنَا ابْن أبي دلهم حَدثنَا ابْن وضاح حَدثنَا حَامِد بن يحيى حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا زِيَاد بن سعد أَبُو عبد الرَّحْمَن الْخُرَاسَانِي وَكَانَ ثبتا فِي الحَدِيث إملاء أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن عَتيق سَمِعت ابْن الزبير على الْمِنْبَر يَقُول سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول " صَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد " وَلم يرد أحد قَوْلهمَا وهم الْقَوْم لَا يسكتون على مَا لَا يعْرفُونَ وَعند بَعضهم يكون هَذَا كالإجماع وعَلى قَول ابْن نَافِع يلْزم أَن يُقَال أَن الصَّلَاة فِي مَسْجِد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أفضل من الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بتسعمائة ضعف وَتِسْعَة وَتِسْعين ضعفا وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يكن لِلْمَسْجِدِ الْحَرَام فضل على سَائِر الْمَسَاجِد إِلَّا بالجزء اللَّطِيف وَلَا دَلِيل لقَوْل ابْن نَافِع وكل قَول لَا تعضده حجَّة فَهُوَ سَاقِط وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ اخْتلف فِي اسْتثِْنَاء الْمَسْجِد الْحَرَام هَل ذَلِك أَنه أفضل من مَسْجده أَو هُوَ لِأَن الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من غير مَسْجده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهُ أفضل الْمَسَاجِد كلهَا وَهَذَا الْخلاف فِي أَي البلدين أفضل فَذهب عمر وَبَعض الصَّحَابَة وَمَالك وَأكْثر الْمَدَنِيين إِلَى تَفْضِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute