فضل الصَّلَاة لوَقْتهَا. السَّادِس زيد بن أَرقم بِفَتْح الْهمزَة وَالْقَاف وَسُكُون الرَّاء الْأنْصَارِيّ الخزرجي مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن شَيْخه رازي والبقية كوفيون وَفِيه أحد الروَاة مُفَسّر بنسبته إِلَى أَبِيه وَالْآخر مَذْكُور بِلَا نِسْبَة وَالْآخر مَذْكُور بِالْكِتَابَةِ. (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عِيسَى وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن منيع وَفِي التَّفْسِير أَيْضا كَذَلِك وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَفِي التَّفْسِير عَن سُوَيْد بن نصر (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ " لَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن زيد بن أَرقم غير هَذَا الحَدِيث قَوْله " إِن كُنَّا لنتكلم " كلمة إِن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَاللَّام فِي " لنتكلم " للتَّأْكِيد قَوْله " يكلم أَحَدنَا " جملَة استئنافية كَأَنَّهَا جَوَاب عَن قَول الْقَائِل كَيفَ كُنْتُم تتكلمون فَقَالَ يكلم أَحَدنَا صَاحبه بحاجته وَفِي لفظ " وَيسلم بَعْضنَا على بعض " وَعند مُسلم " ونهينا عَن الْكَلَام " وَلَفظ التِّرْمِذِيّ " كُنَّا نتكلم خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة يكلم الرجل منا صَاحبه إِلَى جنبه حَتَّى نزلت {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ ونهينا عَن الْكَلَام " قَوْله {حَافظُوا} أَي واظبوا وداوموا قَوْله {الْوُسْطَى} أَي الفضلى من قَوْلهم الْأَفْضَل الْأَوْسَط وَلذَلِك أفردت وعطفت على الصَّلَوَات لانفرادها بِالْفَضْلِ فالصفة بالوسطى أَي الفضلى وَارِدَة للإشعار بعلية الحكم قَوْله {قَانِتِينَ} نصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي {قومُوا} واشتقاقه من الْقُنُوت وَهُوَ يرد لمعان كَثِيرَة بِمَعْنى الطَّاعَة والخشوع وَالصَّلَاة وَالدُّعَاء وَالْعِبَادَة وَالْقِيَام وَطول الْقيام وَقَالَ ابْن بطال الْقُنُوت فِي هَذِه الْآيَة بِمَعْنى الطَّاعَة والخشوع لله تَعَالَى وَلَفظ الرَّاوِي يشْعر بِأَن المُرَاد بِهِ السُّكُوت لِأَن حمله على مَا يشْعر بِهِ كَلَام الرَّاوِي أولى وأرجح لِأَن المشاهدين للوحي والتنزيل يعلمُونَ سَبَب النُّزُول وَقَول الصَّحَابِيّ فِي الْآيَة نزلت فِي كَذَا يتنزل منزلَة الْمسند وَقَالَ عِكْرِمَة كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فنهوا عَنْهَا قَوْله " فَأمرنَا " على صِيغَة الْمَجْهُول وَالْفَاء فِيهِ تشعر بتعليل مَا سبق وَأَيْضًا كلمة حَتَّى الَّتِي فِي قَوْله " حَتَّى نزلت " تشعر بذلك لِأَنَّهَا للغاية (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) وَهُوَ على وُجُوه. فِيهِ الدّلَالَة على أَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة كَانَ مُبَاحا فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نسخ لِأَن الْمُصَلِّي مُنَاد لرَبه عز وَجل فَالْوَاجِب عَلَيْهِ أَن لَا يقطع مناجاته بِكَلَام مَخْلُوق وَأَن يقبل على ربه ويلتزم الْخُشُوع ويعرض عَمَّا سوى ذَلِك وَقد ذكرنَا عَن قريب أَنه مَتى حرم وَالْحُرْمَة بقوله {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} أَي ساكنين على مَا ذكرنَا وَأَرَادَ بقوله " فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ " أَي عَن جَمِيع أَنْوَاع كَلَام الْآدَمِيّين. وَأجْمع الْعلمَاء على أَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة عَامِدًا عَالما بِتَحْرِيمِهِ لغير مصلحتها أَو لغير إنقاذ هَالك أَو شبهه مُبْطل للصَّلَاة وَأما الْكَلَام لمصلحتها فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد تبطل الصَّلَاة وَجوزهُ الْأَوْزَاعِيّ وَبَعض أَصْحَاب مَالك وَطَائِفَة قَليلَة واعتبرت الشَّافِعِيَّة ظُهُور حرفين وَإِن لم يَكُونَا مفهمين وَأما النَّاسِي فَلَا تبطل صلَاته بالْكلَام الْقَلِيل عِنْد الشَّافِعِي وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالْجُمْهُور وَعند أَصْحَابنَا تبطل وَقَالَ النَّوَوِيّ دليلنا حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ فَإِن كثر كَلَام النَّاسِي فَفِيهِ وَجْهَان مشهوران لِأَصْحَابِنَا أصَحهمَا تبطل صلَاته لِأَنَّهُ نَادِر وَأما كَلَام الْجَاهِل إِذا كَانَ قريب عهد بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ ككلام النَّاسِي فَلَا تبطل صلَاته بقليله وَأجَاب بعض أَصْحَابنَا أَن حَدِيث قصَّة ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخ بِحَدِيث ابْن مَسْعُود وَزيد بن أَرقم لِأَن ذَا الْيَدَيْنِ قتل يَوْم بدر كَذَا رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ وَإِن قصَّته فِي الصَّلَاة كَانَت قبل بدر وَلَا يمْنَع من هَذَا كَون أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ وَهُوَ مُتَأَخّر الْإِسْلَام عَن بدر لِأَن الصَّحَابِيّ قد يروي مَا لَا يحضرهُ بِأَن يسمعهُ من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو من صَحَابِيّ آخر (فَإِن قلت) قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي بَاب مَا يسْتَدلّ بِهِ على أَنه لَا يجوز أَن يكون حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي تَحْرِيم الْكَلَام نَاسِخا لحَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره وَذَلِكَ لتقدم حَدِيث عبد الله وَتَأَخر حَدِيث أبي هُرَيْرَة (قلت) ذكر أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد أَن الصَّحِيح فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه لم يكن إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَبهَا نهى عَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة وَقد روى حَدِيثه بِمَا يُوَافق حَدِيث زيد بن أَرقم وصحبة زيد لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت بِالْمَدِينَةِ وَسورَة الْبَقَرَة مَدَنِيَّة (فَإِن قلت) فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute