للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا لزمَه الْبناء على الْيَقِين فَيجب أَن يَأْتِي برابعة وَيسْجد للسَّهْو عملا بِحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه. فَلفظ مُسلم قَالَ أَبُو سعيد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى ثَلَاثًا أم أَرْبعا فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم فَإِن صلى خمْسا شفعن لَهُ صلَاته وَإِن كَانَ صلى إتماما لأَرْبَع كَانَتَا ترغيما للشَّيْطَان " وَلَفظ أبي دَاوُد " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فليلق الشَّك وليبن على الْيَقِين فَإِذا استيقن التَّمام سجد سَجْدَتَيْنِ فَإِن كَانَت صلَاته تَامَّة كَانَت الرَّكْعَة نَافِلَة والسجدتين وَإِن كَانَت نَاقِصَة كَانَت الرَّكْعَة تَمامًا لصلاته وَكَانَت السجدتان مرغمتين للشَّيْطَان " أَي مغيظتين لَهُ ومذلتين لَهُ مَأْخُوذ من الرغام وَهُوَ التُّرَاب وَمِنْه أرْغم الله أَنفه وَإِنَّمَا يكون إرغاما لِأَنَّهُ يبغض السَّجْدَة لِأَنَّهُ مَا لعن إِلَّا من إبائه عَن سُجُود آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَت الشَّافِعِيَّة فَحَدِيث أبي سعيد هَذَا مُفَسّر لحَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور فَيحمل حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَلَيْهِ وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ الشَّك عرض لَهُ أول مرّة يسْتَقْبل وَإِن كَانَ يعرض لَهُ كثيرا بنى على أكبر رَأْيه لما رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم " إِذا شكّ أحدكُم فليتحر الصَّوَاب فليتم عَلَيْهِ " وَإِن لم يكن لَهُ رَأْي بنى على الْيَقِين لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا سَهَا أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر وَاحِدَة صلى أَو اثْنَيْنِ فليبن على وَاحِدَة فَإِن لم يدر ثِنْتَيْنِ صلى أَو وَاحِدَة فليبن على ثِنْتَيْنِ فَإِن لم يدر ثَلَاثًا صلى أَو أَرْبعا فليبن على ثَلَاث وليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَقُول إِذا سَهَا أحدكُم " إِلَى آخِره وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح رَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا وَلَفظه " إِذا سَهَا أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر وَاحِدَة صلى أَو ثِنْتَيْنِ فليجعلها وَاحِدَة وَإِذا شكّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاث فليجعلها ثِنْتَيْنِ وَإِذا شكّ فِي الثَّلَاث والأربع فليجعلها ثَلَاثًا ثمَّ ليتم مَا بَقِي من صلَاته حَتَّى يكون الْوَهم فِي الزِّيَادَة ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل أَن يسلم " وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَلَفظه " فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم أَرْبعا فليتم فَإِن الزِّيَادَة خير من النُّقْصَان " وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره فِيهِ عمار بن مطر الرهاوي وَقد تَرَكُوهُ وعمار لَيْسَ فِي السّنَن وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا فِيمَا إِذا شكّ ثمَّ تحرى الصَّوَاب فَإِنَّهُ يَبْنِي على أكبر رَأْيه لما قُلْنَا وتبويب أبي دَاوُد يدل على هَذَا حَيْثُ قَالَ بَاب من قَالَ يتم على أكبر ظَنّه وَذكر الطَّبَرِيّ عَن بعض أهل الْعلم أَنه يَأْخُذ بِأَيِّهِمَا أحب لعدم التَّارِيخ قَالَ وَمِنْهُم من رجح حَدِيث أبي سعيد بِالْقِيَاسِ لِأَن من شكّ أَنه لم يفعل والركعة فِي ذمَّته بِيَقِين فَلَا يبرأ بشك وَفِي التَّوْضِيح وَقَالَ أَبُو عبد الْملك حَدِيث أبي هُرَيْرَة يحمل على كل ساه وَأَن حكمه السُّجُود وَيرجع فِي بَيَان حكم الْمُصَلِّي فِيمَا يشك فِيهِ وَفِي مَوضِع سُجُوده من صلَاته إِلَى سَائِر الْأَحَادِيث المفسرة وَهُوَ قَول أنس وَأبي هُرَيْرَة وَالْحسن وَرَبِيعَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَق وَمَا حمله عَلَيْهِ أَبُو عبد الْملك هُوَ مَا فسره اللَّيْث بن سعد قَالَه مَالك وَابْن الْقَاسِم وَعَن مَالك قَول آخر لَا يسْجد لَهُ أَيْضا حَكَاهُ ابْن نَافِع عَنهُ وَقَالَ ابْن عبد الحكم لَو سجد بعد السَّلَام كَانَ أحب إِلَيّ وَقَالَ آخَرُونَ إِذا لم يدر كم صلى أَعَادَهَا أبدا حَتَّى يحفظ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَالشعْبِيّ وَشُرَيْح وَعَطَاء وَمَيْمُون بن مهْرَان وَسَعِيد بن جُبَير وَقَول آخر أَنهم إِذا شكوا فِي الصَّلَاة أعادوها ثَلَاث مَرَّات فَإِذا كَانَ الرَّابِعَة لم يعيدوها وَالْقَوْلَان مخالفان للآثار وَلَا معنى لمن حد ثَلَاث مَرَّات وَقَالَ النَّوَوِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن حصل لَهُ الشَّك أول مرّة بطلت صلَاته وَإِن صَار عَادَة لَهُ اجْتهد وَعمل بغالب ظَنّه وَإِن لم يظنّ شَيْئا عمل بِالْأَقَلِّ ثمَّ قَالَ قَالَ أَبُو حَامِد قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم مَا رَأَيْت قولا أقبح من قَول أبي حنيفَة هَذَا وَلَا أبعد من السّنة (قلت) النَّقْل عَن إِمَام بِمَا لَيْسَ قَوْله والتشنيع عَلَيْهِ بِغَيْر وَجه أقبح من هَذَا فَكيف رأى النووى نقل هَذَا التشنيع الْبَاطِل عَمَّن فِيهِ ميل إِلَى التعصب الْفَاحِش عَن مثل الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الَّذِي شهد لأبي حنيفَة بِأَن النَّاس عِيَال لَهُ فِي الْفِقْه وَهَذَا الَّذِي نَقله عَن أبي حنيفَة وَنَقله أَيْضا ابْن قدامَة وَغَيره من الْمُخَالفين لَيْسَ بِصَحِيح وَلَا هُوَ بموجود فِي أُمَّهَات كتب أَصْحَابنَا الْمَشْهُورَة بل الْمَشْهُور فِيهَا أَنهم قَالُوا يسْتَقْبل لتقع صلَاته على وصف الصِّحَّة بِيَقِين حَتَّى قَالَ أَبُو نصر الْبَغْدَادِيّ الْمَشْهُور بالأقطع الِاسْتِئْنَاف أولى لِأَنَّهُ يسْقط بِهِ الشَّك بِيَقِين وَمَعَ هَذَا فَأَبُو حنيفَة عمل فِي كل وَاحِدَة من الْأَحْوَال الثَّلَاث بِحَدِيث مَعَ كَون قَول ابْن عمر مثله وروى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه من حَدِيث ابْن سِيرِين عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ أما أَنا فَإِذا لم أدر كم صليت فَإِنِّي أُعِيد وروى من حَدِيث جُبَير عَن ابْن عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>