والخالص أَيْضا الْأَبْيَض من الألوان، وخلص الشَّيْء إِلَيْهِ خلوصا؛ وصل، وخلص الْعظم، بِالْكَسْرِ، يخلص بِالْفَتْح خلصا بِالتَّحْرِيكِ، إِذا تشظى فِي اللَّحْم. قَوْله: (خصْلَة) أَي خلة، بِفَتْح الْخَاء فيهمَا، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم. قَوْله: (حَتَّى يَدعهَا) ، أَي: يَتْرُكهَا. . قيل: قد أميت ماضيه، وَقد اسْتعْمل فِي قِرَاءَة من قَرَأَهَا {مَا وَدعك رَبك} (الضُّحَى: ٣) بِالتَّخْفِيفِ. قَوْله: (عَاهَدَ) من المعاهدة. وَهِي المحالفة والمواثقة. قَوْله: (غدر) من الْغدر، وَهُوَ ترك الْوَفَاء. قَالَ الْجَوْهَرِي: غدر بِهِ فَهُوَ غادر، وغدر أَيْضا، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل هَذَا فِي النداء بالشتم. وَفِي (الْمُحكم) : غدره وغدر بِهِ يغدر عدرا، وَرجل غادر وغدار وغدور، وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى بِغَيْر هَاء، وغدرة. وَقَالَ بَعضهم: يُقَال للرجل: يَا غدر، وَيَا مغدر، وَيَا ابْن مغدر، ومغدر، وَالْأُنْثَى: يَا غدار. لَا يسْتَعْمل إلَاّ فِي النداء، وغذر الرجل غدار وغدرانا، عَن اللحياني، وَلست مِنْهُ على ثِقَة، وَفِي (الْمُجْمل) : الْغدر نقض الْعَهْد وَتَركه، وَيُقَال: أَصله من الغدير. وَهُوَ المَاء الَّذِي يغادره السَّيْل، أَي: يتْركهُ يُقَال: غادرت الشَّيْء إِذا تركته، فكأنك تركت مَا بَيْنك وَبَينه من الْعَهْد. وَفِي (شرح الفصيح) لِابْنِ هِشَام السبتي والعماني: غدر فِي الْمَاضِي بِالْكَسْرِ، زَاد الْعمانِي: وغدر بِالْفَتْح أفْصح، وَفِي (شرح الْمُطَرز) : الْعَرَب الفصحاء يَقُولُونَ، كَمَا ذكره ثَعْلَب: غدرت بِالْفَتْح. وَمِنْهُم من يَقُول: غدرت، بِالْكَسْرِ. وَفِي (نَوَادِر ابْن الْأَعرَابِي) غدر الرجل، بِكَسْر الدَّال، عَن أَصْحَابه إِذا تخلف. قَالَ: وَيُقَال مَاتَ إخْوَته وغدر. وَفِي (شرح الْحَضْرَمِيّ) : غدر يغدر ويغدر، بِالْكَسْرِ وَالضَّم، هُوَ فِي مُسْتَقْبل غدر بِالْكَسْرِ، يغدر بِالْفَتْح، قِيَاسا. وَفِي كتاب (صعاليك الْعَرَب) للأخفش: غادر وغدار، مثل شَاهد وشهاد. قَوْله: (خَاصم) من الْمُخَاصمَة، وَهِي المجادلة. قَوْله: (فجر) من الْفُجُور، وَهُوَ الْميل عَن الْقَصْد، والشق بِمَعْنى: فجر، مَال عَن الْحق وَقَالَ الْبَاطِل، أَو شقّ ستر الدّيانَة.
بَيَان الْإِعْرَاب والمعاني: قَوْله: (أَربع) ، مُبْتَدأ بِتَقْدِير: أَربع خِصَال، أَو: خِصَال أَربع، لِأَن النكرَة الصرفة لَا تقع مُبْتَدأ، وَخَبره قَوْله: (من كن فِيهِ) فَقَوله: من مَوْصُولَة متضمنة معنى الشَّرْط، وَقَوله: كن فِيهِ، صلتها، وَقَوله (كَانَ منافقا) خبر للمبتدأ الثَّانِي أَعنِي: قَوْله: من، وَالْجُمْلَة خبر الْمُبْتَدَأ الأول كَمَا ذكرنَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن تكون الشّرطِيَّة صفة، يَعْنِي صفة: أَربع، وَإِذا اؤتمن خَان. الخ خَبره، بِتَقْدِير: أَربع كَذَا هِيَ الْخِيَانَة عِنْد الائتمان إِلَى آخِره. قلت: هَذَا وَجه بعيد لَا يخفى. قَوْله: (منافقا) خبر كَانَ، و ((خَالِصا) صفته. قَوْله: (وَمن) مُبْتَدأ مَوْصُولَة، وَقَوله: (كَانَت فِيهِ خصْلَة) جملَة صلَة لَهَا، وَقَوله: (كَانَت فِيهِ خصْلَة) ، خبر الْمُبْتَدَأ، وَالضَّمِير فِي مِنْهُنَّ، يرجع إِلَى: الْأَرْبَع، قَوْله (حَتَّى) للغاية، و (يَدعهَا) مَنْصُوب بِأَن الْمقدرَة، أَي: حَتَّى أَن يَدعهَا. قَوْله: (إِذا اؤتمن خَان) إِذا للظرف فِيهِ معنى الشَّرْط و: (خَان) جَوَابه، وَالْبَاقِي كَذَلِك، وَهُوَ ظَاهر. قَوْله: (كَانَ منافقا) مَعْنَاهُ على مَا تقدم من الْأَوْجه الْمَذْكُورَة، وَوَصفه بالخلوص يشد عضد من قَالَ: المُرَاد بالنفاق الْعَمَل لَا الْإِيمَان، أَو النِّفَاق الْعرفِيّ لَا الشَّرْعِيّ. لِأَن الخلوص بِهَذَيْنِ الْمَعْنيين لَا يسْتَلْزم الْكفْر الملقي فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار وَأما كَونه خَالِصا فِيهِ فَلِأَن الْخِصَال الَّتِي تتمّ بهَا الْمُخَالفَة بَين السِّرّ والعلن لَا يزِيد عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْن بطال: خَالِصا، مَعْنَاهُ خَالِصا من هَذِه الْخلال الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث فَقَط لَا فِي غَيرهَا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: أَي شَدِيد الشّبَه بالمنافقين بِهَذِهِ الْخِصَال. وَقَالَ أَيْضا فِي شَرحه للصحيح: حصل من الْحَدِيثين أَن خِصَال الْمُنَافِقين خَمْسَة، وَقَالَ فِي شرح مُسلم: (وَإِذا عَاهَدَ غدر) . هُوَ دَاخل فِي قَوْله: (إِذا اؤتمن خَان) . يَعْنِي: أَرْبَعَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: لَو اعْتبرنَا هَذَا الدُّخُول فالخمس رَاجِعَة إِلَى الثَّلَاث، فَتَأمل. وَالْحق أَنَّهَا خَمْسَة مُتَغَايِرَة عرفا، وَبِاعْتِبَار تغاير الْأَوْصَاف واللوازم أَيْضا، وَوجه الْحصْر فِيهَا أَن إِظْهَار خلاف الْبَاطِن، أما فِي الماليات وَهُوَ: إِذا اؤتمن، وَأما فِي غَيرهَا، فَهُوَ إِمَّا فِي حَالَة الكدورة فَهُوَ إِذا خَاصم، وَإِمَّا فِي حَالَة الصفاء فَهُوَ إِمَّا مُؤَكدَة بِالْيَمِينِ فَهُوَ إِذا عَاهَدَ، أَو لَا فَهُوَ إِمَّا بِالنّظرِ إِلَى الْمُسْتَقْبل فَهُوَ إِذا وعد، وَإِمَّا بِالنّظرِ إِلَى الْحَال فَهُوَ إِذا حدث. قلت: الْحق بِالنّظرِ إِلَى الْحَقِيقَة ثَلَاث، وَإِن كَانَ بِحَسب الظَّاهِر خمْسا، لِأَن قَوْله: (إِذا عَاهَدَ غدر) دَاخل فِي قَوْله: (إِذا اؤتمن خَان) . وَقَوله: (وَإِذا خَاصم فجر) ، ينْدَرج فِي الْكَذِب فِي الحَدِيث، وَوجه الْحصْر فِي الثَّلَاث قد ذَكرْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute