قَالَ: الحنوط والكفن من رَأس المَال. قَوْله: (وَالزهْرِيّ) ، هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب، وَوصل قَوْله عبد الرَّزَّاق: أخبرنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة قَالَا: الْكَفَن من جَمِيع المَال. قَوْله: (وَعَمْرو بن دِينَار) ، عطف على قَوْله: (وَالزهْرِيّ) وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: عَن ابْن جريج عَن عَطاء: الْكَفَن والحنوط من رَأس المَال. قَالَ: وَقَالَهُ عمر بن دِينَار. قَوْله: (وَقَتَادَة) هُوَ ابْن دعامة السدُوسِي، وَهُوَ أَيْضا قَالَ مثل مَا قَالَ عَطاء وَالزهْرِيّ، وَقد مر الْآن.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ دِينَارٍ الحَنُوطُ مِنْ جَمِيعِ المَالِ
ذكر عبد الرَّزَّاق عَنهُ هَكَذَا، وَقد ذَكرْنَاهُ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ يُبْدَأُ بِالكَفَنِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بِالوَصِيَّةِ
أَي: قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَوصل قَوْله الدَّارمِيّ، وَإِنَّمَا يبْدَأ بالكفن أَولا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يستفسر فِي حَدِيث حَمْزَة وَمصْعَب بن عمر بِأَنَّهُ عَلَيْهِمَا دين، وَلَو لم يكن مقدما على الدّين لاستفسر لِأَنَّهُ مَوضِع الْحَاجة إِلَى الْبَيَان، وسكوت الشَّارِع فِي مَوضِع الْحَاجة إِلَى الْبَيَان بَيَان. فَإِن قلت: يرد عَلَيْهِ العَبْد الْجَانِي والمرهون وَالْمُسْتَأْجر فِي بعض الرِّوَايَات، وَالْمُشْتَرِي قبل الْقَبْض إِذا مَاتَ المُشْتَرِي قبل أَدَاء الثّمن، فَإِن ولي الْجِنَايَة وَالْمُرْتَهن وَالْمُسْتَأْجر وَالْبَائِع أَحَق بِالْعينِ من تجهيز الْمَيِّت وتكفينه، فَإِن فضل شَيْء من ذَلِك يصرف إِلَى التَّجْهِيز والتكفين. قلت: هَذَا كُله لَيْسَ بتركة لِأَن التَّرِكَة مَا يتْركهُ الْمَيِّت من الْأَمْوَال صافيا عَن تعلق حق الْغَيْر بِعَيْنِه، وَهَهُنَا تعلق بِعَيْنِه حق الْغَيْر قبل أَن يكون تَرِكَة.
وَقَالَ سُفْيَانُ أجْرُ القَبْرِ والغَسْلِ هُوَ مِنَ الكَفَنِ
سُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ قَوْله: (أجر الْقَبْر) أَي: أجر حفر الْقَبْر، وَأجر الْغسْل من جنس الْكَفَن، أَو: من بعض الْكَفَن، وَالْغَرَض: أَن حكمه حكم الْكَفَن فِي أَنه من رَأس المَال لَا من الثُّلُث.
٤٧٢١ - حدَّثنا حْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ. قَالَ أُتِيَ عَبْدُ الرَّحمانِ بنُ عَوْفٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَوْما بِطَعَامِهِ فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وكانَ خَيْرا مِنِّي فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إلَاّ بُرْدَةٌ وَقُتِلَ حَمْزَةُ أوْ رَجلٌ آخَرُ خَيْرٌ مِنِّي فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إلَاّ بُرْدَةٌ لَقَدْ خَشِيتُ أنْ تَكُونَ قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَلم يُوجد لَهُ مَا يُكفن فِيهِ إلَاّ بردة) وكفن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُصعب بن عُمَيْر فِي بردته، وَحَمْزَة ابْن عبد الْمطلب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي بردته، وَلم يلْتَفت إِلَى غَرِيم وَلَا إِلَى وَصِيَّة وَلَا إِلَى وَارِث، وَبَدَأَ بالتكفين على ذَلِك كُله، فَعلم أَن التَّكْفِين مقدم وَأَنه من جَمِيع المَال لِأَن جَمِيع مَا لَهما كَانَ لكل مِنْهُمَا بردة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ الْأَزْرَقِيّ أَبُو مُحَمَّد، وَيُقَال الزرقي. الثَّانِي: إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، مر فِي: بَاب تفاضل أهل الْإِيمَان. الثَّالِث: أَبوهُ سعد بن إِبْرَاهِيم، كَانَ قَاضِي الْمَدِينَة، مَاتَ سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة،. الرَّابِع: أَبُو سعد إِبْرَاهِيم ابْن عبد الرَّحْمَن. الْخَامِس: عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، أحد الْعشْرَة المبشرة، أسلم قَدِيما على يَد الصّديق وَهَاجَر الهجرتين وَشهد الْمشَاهد وَثَبت يَوْم أحد وجرح عشْرين جِرَاحَة وَأكْثر، وَصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلفه يَوْم تَبُوك، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَدفن فِي البقيع.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَفِيه: الثَّلَاثَة الْبَقِيَّة مدنيون. وَفِيه: إِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه عَن جده عَن جد أَبِيه، تَوْضِيحه إِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه سعد، وَسعد يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم، وَإِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن. فإبراهيم يروي عَن أَبِيه عَن جده إِبْرَاهِيم. ويروي عَن جد أَبِيه عبد الرَّحْمَن. فَافْهَم.
وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن مقَاتل، وَفِي الْمَغَازِي عَن عَبْدَانِ، كِلَاهُمَا عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم بِهِ.