الْأَحَادِيث، وَيدل على عدم إِرَادَة الْعُمُوم من الْبكاء بكاء عمر بن الْخطاب وَهُوَ رَاوِي الحَدِيث بِحَضْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَذَلِكَ بكاء ابْنه عبد الله بن عمر وهما رَاوِيا الحَدِيث، وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) من حَدِيث عَائِشَة، قَالَت: حَضَره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر يَعْنِي: سعد بن معَاذ فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنِّي لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وَإِنِّي لفي حُجْرَتي، وروى ابْن أبي شيبَة أَيْضا من رِوَايَة عُثْمَان، قَالَ: أتيت بنعي النُّعْمَان بن مقرن فَوضع يَده على رَأسه وَجعل يبكي، وروى أَيْضا عَن ابْن علية عَن نَافِع، قَالَ: كَانَ ابْن عمر فِي السُّوق فنعى إِلَيْهِ حجر، فَأطلق حبوته وَقَامَ وَعَلِيهِ النحيب.
الرَّابِع: نِسْبَة عَائِشَة عمر وَابْنه عبد الْملك إِلَى الْوَهم فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، وَقد اخْتلف فِي محمل الْحَدِيثين، فَقَالَ الْخطابِيّ: يحْتَمل أَن يكون الْأَمر فِي هَذَا على مَا ذهبت إِلَيْهِ عَائِشَة، لِأَنَّهَا قد رَوَت أَن ذَلِك إِنَّمَا كَانَ فِي شَأْن يَهُودِيّ، وَالْخَبَر الْمُفَسّر أولى من الْمُجْمل، ثمَّ احتجت بِالْآيَةِ. قَالَ: وَقد يحْتَمل أَن يكون مَا رَوَاهُ ابْن عمر صَحِيحا من غير أَن يكون فِيهِ خلاف لِلْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يوصون أَهْليهمْ بالبكاء وَالنوح عَلَيْهِم، وَكَانَ ذَلِك مَشْهُورا من مذاهبهم، وَهُوَ مَوْجُود فِي أشعارهم كَقَوْل طرفَة بن العَبْد: