للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى الْمَدِينَة من الصَّحَابَة بالمهاجرين لذَلِك. قَوْله إِلَى دنيا بِضَم الدَّال على وزن فعلى مَقْصُورَة غير منونة وَالضَّم فِيهِ أشهر وَحكى ابْن قُتَيْبَة وَغَيره كسر الدَّال وَيجمع على دنى ككبر جمع كبرى وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا دُنْيَوِيّ ودنيي بقلب الْوَاو يَاء فَتَصِير ثَلَاث ياآت وَقَالَ الْجَوْهَرِي سميت الدُّنْيَا لدنوها من الزَّوَال وَجَمعهَا دنى كالكبرى وَالْكبر وَالصُّغْرَى والصغر وَأَصله دنو فحذفت الْوَاو لِاجْتِمَاع الساكنين وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا دنياوي قلت الصَّوَاب أَن يُقَال قلبت الْوَاو ألفا ثمَّ حذفت لالتقاء الساكنين وَقَالَ بعض الأفاضل لَيْسَ فِيهَا تَنْوِين بِلَا خلاف نعلمهُ بَين أهل اللُّغَة والعربية وَحكى بعض الْمُتَأَخِّرين من شرَّاح البُخَارِيّ أَن فِيهَا لُغَة غَرِيبَة بِالتَّنْوِينِ وَلَيْسَ بجيد فَإِنَّهُ لَا يعرف فِي اللُّغَة وَسبب الْغَلَط أَن بعض رُوَاة البُخَارِيّ رَوَاهُ بِالتَّنْوِينِ وَهُوَ أَبُو الْهَيْثَم الْكشميهني وَأنكر ذَلِك عَلَيْهِ وَلم يكن مِمَّن يرجع إِلَيْهِ فِي ذَلِك وَأخذ بَعضهم يَحْكِي ذَلِك لُغَة كَمَا وَقع لَهُم نَحْو ذَلِك فِي خلوف فَم الصَّائِم فحكوا فِيهِ لغتين وَإِنَّمَا يعرف أهل اللُّغَة الضَّم وَأما الْفَتْح فرواية مَرْدُودَة لَا لُغَة قلت جَاءَ التَّنْوِين فِي دنيا فِي اللُّغَة قَالَ العجاج فِي جمع دنيا طَال مَا قد عنت وَقَالَ المثلم بن ريَاح بن ظَالِم المري

(إِنِّي مقسم مَا ملكت فجاعل ... أجرا لآخرة وَدُنْيا تَنْفَع)

فَإِن ابْن الْأَعرَابِي أنْشدهُ بتنوين دنيا وَلَيْسَ ذَلِك بضرورة على مَا لَا يخفى وَقَالَ ابْن مَالك اسْتِعْمَال دنيا مُنْكرا فِيهِ أشكال لِأَنَّهَا أفعل التَّفْضِيل فَكَانَ حَقّهَا أَن يسْتَعْمل بِاللَّامِ نَحْو الْكُبْرَى وَالْحُسْنَى إِلَّا أَنَّهَا خلعت عَنْهَا الوصفية رَأْسا وأجرى مجْرى مَا لم يكن وَصفا وَنَحْوه قَول الشَّاعِر.

(وَإِن دَعَوْت إِلَى جلى ومكرمة ... يَوْمًا سراة كرام النَّاس فادعينا)

فَإِن الجلى مؤنث الْأَجَل فخلعت عَنْهَا الوصفية وَجعلت اسْما للحادثة الْعَظِيمَة قلت من الدَّلِيل على جعلهَا بِمَنْزِلَة الِاسْم الْمَوْضُوع قلب الْوَاو يَاء لِأَنَّهُ لَا يجوز ذَلِك إِلَّا فِي الفعلى الِاسْم وَقَالَ التَّيْمِيّ الدُّنْيَا تَأْنِيث الْأَدْنَى لَا ينْصَرف مثل حُبْلَى لِاجْتِمَاع أَمريْن فِيهَا أَحدهمَا الوصفية وَالثَّانِي لُزُوم حرف التَّأْنِيث وَقَالَ الْكرْمَانِي لَيْسَ ذَلِك لِاجْتِمَاع أَمريْن فِيهَا إِذْ لَا وَصفِيَّة هَهُنَا بل امْتنَاع صرفه للُزُوم التَّأْنِيث للألف الْمَقْصُورَة وَهُوَ قَائِم مقَام العلتين فَهُوَ سَهْو مِنْهُ قلت لَيْسَ بسهو مِنْهُ لِأَن الدُّنْيَا فِي الأَصْل صفة لِأَن التَّقْدِير الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} وتركهم موصوفها واستعمالهم إِيَّاهَا نَحْو الِاسْم الْمَوْضُوع لَا يُنَافِي الوصفية الْأَصْلِيَّة ثمَّ فِي حَقِيقَتهَا قَولَانِ للمتكلمين أَحدهمَا مَا على الأَرْض مَعَ الْهَوَاء والجو وَالثَّانِي كل الْمَخْلُوقَات من الْجَوَاهِر والأعراض الْمَوْجُودَة قبل الدَّار الْآخِرَة قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الْأَظْهر قَوْله يُصِيبهَا من أصَاب يُصِيب إِصَابَة وَالْمرَاد بالإصابة الْحُصُول أَو الوجدان وَفِي الْعباب أَصَابَهُ أَي وجده وَيُقَال أصَاب فلَان الصَّوَاب فَأَخْطَأَ الْجَواب أَي قصد الصَّوَاب فأراده فَأَخْطَأَ مُرَاده وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي قَوْله تَعَالَى {تجْرِي بأَمْره رخاء حَيْثُ أصَاب} أَي حَيْثُ أَرَادَ وتجيء هَذِه الْمعَانِي كلهَا هَهُنَا قَوْله ينْكِحهَا أَي يَتَزَوَّجهَا كَمَا جَاءَ هَكَذَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَقد يسْتَعْمل بِمَعْنى الاقتران بالشَّيْء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وزوجناهم بحور عين} أَي قرناهم قَالَه الْأَكْثَرُونَ وَقَالَ مُجَاهِد وَآخَرُونَ أنكحناهم وَهُوَ من بَاب ضرب يضْرب تَقول نكح ينْكح نكحا ونكاحا إِذا تزوج وَإِذا جَامع أَيْضا وَفِي الْعباب النكح وَالنِّكَاح الْوَطْء والنكح وَالنِّكَاح التَّزَوُّج وأنكحها زَوجهَا قَالَ والتركيب يدل على الْبضْع (بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله يَقُول جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل محلهَا النصب على الْحَال من رَسُول الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْبَاء فِي قَوْله بِالنِّيَّاتِ للمصاحبة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اهبط بِسَلام} {وَقد دخلُوا بالْكفْر} ومعلقها مَحْذُوف وَالتَّقْدِير إِنَّمَا الْأَعْمَال تحصل بِالنِّيَّاتِ أَو تُوجد بهَا وَلم يذكر سِيبَوَيْهٍ فِي معنى الْبَاء إِلَّا الإلصاق لِأَنَّهُ معنى لَا يفارقها فَلذَلِك اقْتصر عَلَيْهِ وَيجوز أَن تكون للاستعانة على مَا لَا يخفى وَقَول بعض الشَّارِحين الْبَاء تحْتَمل السَّبَبِيَّة بعيد جدا فَافْهَم قَوْله لكل امرىء بِكَسْر الرَّاء وَهِي لُغَة الْقُرْآن مُعرب من وَجْهَيْن فَإِذا كَانَ فِيهِ ألف الْوَصْل كَانَ فِيهِ ثَلَاث لُغَات. الأولى وَهِي لُغَة الْقُرْآن قَالَ الله تَعَالَى {إِن امْرُؤ هلك} {ويحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} وَهُوَ إعرابها على كل

<<  <  ج: ص:  >  >>