للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُسلم فِي صَحِيحه عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ غير حَدِيث: (أفضل الصّيام بعد رَمَضَان) الحَدِيث ... فَقَط، وَمَا عداهُ فَهُوَ من رِوَايَة ابْن عَوْف، قَالَ: وَقد غلطوا الكلاباذي فِي دَعْوَاهُ: إِخْرَاج البُخَارِيّ لَهُ ووهموه، قَالَ: وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَنه لم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي من رِوَايَة البُخَارِيّ وَلما ذكر النَّوَوِيّ فِي شَرحه لمُسلم حَدِيثه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: اعْلَم أَن أَبَا هُرَيْرَة يروي عَنهُ اثْنَان كل مِنْهُمَا حميد بن عبد الرَّحْمَن: أَحدهمَا هَذَا الْحِمْيَرِي، وَالثَّانِي الزُّهْرِيّ. قَالَ الْحميدِي فِي جمعه: كل مَا فِي البُخَارِيّ وَمُسلم حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة فَهُوَ الزُّهْرِيّ إلَاّ فِي هَذَا الحَدِيث خَاصَّة، فَإِن رَاوِيه عَن أبي هُرَيْرَة الْحِمْيَرِي، وَهَذَا الحَدِيث لم يذكرهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه. قَالَ: وَلَا ذكر الْحِمْيَرِي فِي البُخَارِيّ أصلا، وَلَا فِي مُسلم إلَاّ هَذَا الحَدِيث قلت: دَعْوَاهُ أَن البُخَارِيّ لم يذكرهُ فِي صَحِيحه قد علمت مَا فِيهِ، وَقَوله: وَلَا فِي مُسلم إلَاّ هَذَا الحَدِيث، لَيْسَ بجيد، فقد ذكره مُسلم فِي ثَلَاثَة أَحَادِيث. أَحدهَا: أول الْكتاب حَدِيث ابْن عمر فِي الْقدر عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن يحيى بن يعمر وَحميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي قَالَا: لَقينَا ابْن عمر وَذكر الحَدِيث. الثَّانِي: فِي الْوَصَايَا عَن عَمْرو بن سعيد عَن حميد الْحِمْيَرِي عَن ثَلَاثَة من ولد سعد أَن سَعْدا، فَذكره. الثَّالِث: فِيهَا عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة وَعَن رجل آخر هُوَ فِي نَفسِي أفضل من عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، ثمَّ سَاقه من حَدِيث قُرَّة قَالَ: وسمى الرجل: حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي بكرَة: (خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم النَّحْر فَقَالَ؛ أَي يَوْم هَذَا؟) الحَدِيث.

فَائِدَة:

روى مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن أَن عمر وَعُثْمَان، رَضِي الله عَنْهُمَا، كَانَا يصليان الْمغرب فِي رَمَضَان، ثمَّ يفطران. وَرَوَاهُ يزِيد بن هَارُون عَن ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد قَالَ: رَأَيْت عمر وَعُثْمَان فَذكره قَالَ الْوَاقِدِيّ: حميد لم يسمع من عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَلَا رَآهُ، وسنه وَمَوته يدلان على ذَلِك، وَلَعَلَّه سمع من عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، لِأَنَّهُ كَانَ خَاله لأمه، لِأَن أم مَكْتُوم أُخْت عُثْمَان، وَكَانَ يدْخل على عُثْمَان كَمَا يدْخل وَلَده.

الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن بن صَخْر، رَضِي الله عَنهُ.

بَيَان لطائف إِسْنَاده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مدنيون. وَمِنْهَا: أَنهم أَئِمَّة أجلاء.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصّيام. وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه والموطأ وَآخَرُونَ.

بَيَان الْإِعْرَاب والمعاني: قَوْله: (من) ، مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: (غفر لَهُ) ، وهما الشَّرْط وَالْجَزَاء، وَمعنى من قَامَ رَمَضَان: من قَامَ بِالطَّاعَةِ فِي ليَالِي رَمَضَان، وَيُقَال: يُرِيد صَلَاة التَّرَاوِيح، وَقَالَ بَعضهم: لَا يخْتَص ذَلِك بِصَلَاة التَّرَاوِيح بل فِي أَي وَقت صلى تَطَوّعا حصل لَهُ ذَلِك الْفضل، وَاتفقَ الْعلمَاء على اسْتِحْبَاب التَّرَاوِيح، وَاخْتلفُوا فِي الْأَفْضَل. فَقَالَ الشَّافِعِي وَجُمْهُور أَصْحَابه وَأَبُو حنيفَة وَأحمد وَابْن عبد الحكم من أَصْحَاب مَالك: أَن حضورهما فِي الْجَمَاعَة فِي الْمَسَاجِد أفضل، كَمَا فعله عمر بن الْخطاب وَالصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، وَاسْتمرّ الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف والطَّحَاوِي وَبَعض الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم: الْإِفْرَاد بهَا فِي الْبيُوت أفضل، لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفضل الصَّلَاة صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إلَاّ الْمَكْتُوبَة) . قَوْله: (إِيمَانًا واحتسابا) منصوبان على الحالية على تَأْوِيل مُؤمنا ومحتسبا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي بَاب: قيام لَيْلَة الْقدر من الْإِيمَان، أَي: مُصدقا ومريدا بِهِ وَجه الله تَعَالَى بخلوص النِّيَّة.

استباط الْأَحْكَام: الأول: فِيهِ حجَّة لمن جوز قَول رَمَضَان بِغَيْر إِضَافَة شهر إِلَيْهِ، وَهُوَ الصَّوَاب، وَسَيَجِيءُ الْكَلَام فِي بَابه. الثَّانِي: فِيهِ الدّلَالَة على غفران مَا تقدم من الذُّنُوب بِقِيَام رَمَضَان: وَدلّ الحَدِيث الْمَاضِي على غفرانها بِقِيَام لَيْلَة الْقدر، ولاتعارض بَينهمَا، فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا صَالح للتكفير، وَقد يقْتَصر الشَّخْص على قيام لَيْلَة الْقدر بِتَوْفِيق الله لَهُ فَيحصل ذَلِك. الثَّالِث: ظَاهر الحَدِيث غفران الصَّغَائِر والكبائر، وَفضل الله وَاسع، وَلَكِن الْمَشْهُور من مَذَاهِب الْعلمَاء فِي هَذَا الحَدِيث وَشبهه كَحَدِيث غفران الْخَطَايَا بِالْوضُوءِ، وبصوم يَوْم عَرَفَة، وَيَوْم عَاشُورَاء وَنَحْوه أَن المُرَاد غفران

<<  <  ج: ص:  >  >>