للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلَاّ أَن يكون فِي الْقَبْر حَيَاة وَمَوْت، حَتَّى تكون إِحْدَى الموتتين مَا يتَحَصَّل عقيب الْحَيَاة فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى مَا يتَحَصَّل عقيب الْحَيَاة الَّتِي فِي الْقَبْر، وَالثَّالِثَة: قَوْله تَعَالَى: {وَيَوْم تقوم السَّاعَة ادخُلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب} (غَافِر: ٦٤) . عطف هَذَا الْعَذَاب الَّذِي هُوَ عَذَاب بوم الْقِيَامَة على الْعَذَاب الَّذِي هُوَ عرض النَّار صباحا وَمَسَاء، فَعلم أَنه غَيره، وَذهب أَبُو الْهُذيْل بن العلاف وَبشر بن الْمُعْتَمِر إِلَى أَن الْكَافِر يعذب فِيمَا بَين النفختين أَيْضا، وَإِذا ثَبت التعذيب ثَبت الْإِحْيَاء والمساءلة، لِأَن كل من قَالَ بِعَذَاب الْقَبْر قَالَ بهما.

وَلنَا أَيْضا أَحَادِيث صَحِيحَة وأخبار متواترة. مِنْهَا: حَدِيث الْبَاب. وَمِنْهَا: حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد ذَكرْنَاهُ فِيهِ. وَمِنْهَا: حَدِيث زيد بن ثَابت أخرجه مُسلم مطولا، وَفِيه: (تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر) . وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه السِّتَّة عَنهُ قَالَ: (مر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بقبرين فَقَالَ: إنَّهُمَا ليعذبان. .) الحَدِيث. وَمِنْهَا: حَدِيث الْبَراء بن عَازِب، أخرجه السِّتَّة قَالَ: (إِذا قعد الْمُؤمن فِي قَبره أُتِي فَيشْهد أَن لَا إِلَه إلَاّ الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} (إِبْرَاهِيم: ٧٢) . لفظ البُخَارِيّ، وَفِي رِوَايَة فِي الصَّحِيحَيْنِ: ( {يثبت الَّذين آمنُوا} (إِبْرَاهِيم: ٧٢) . نزلت فِي عَذَاب الْقَبْر) . وَمِنْهَا: حَدِيث أبي أَيُّوب أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ، وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَمِنْهَا: حَدِيث أبي سعيد أخرجه ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {يثبت الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} (إِبْرَاهِيم: ٧٢) . فِي الْقَبْر) . وَمِنْهَا: حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ، وَفِيه: عَذَاب الْقَبْر حق، وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَمِنْهَا: حَدِيث عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَنهُ: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتَعَوَّذ من الْجُبْن وَالْبخل وَعَذَاب الْقَبْر وفتنة الصَّدْر) . وَمِنْهَا: حَدِيث سعد، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَنه كَانَ يَقُول لِبَنِيهِ: أَي بني تعوذوا بِكَلِمَات كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَوَّذ بِهن، فَذكر عَذَاب الْقَبْر. وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه الطَّحَاوِيّ وَغَيره عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَمر بِعَبْد من عباد الله أَن يضْرب فِي قَبره مائَة جلدَة، فَلم يزل يسْأَل الله ويدعوه حَتَّى صَارَت وَاحِدَة، فَامْتَلَأَ قَبره عَلَيْهِ نَارا) الحَدِيث. وَمِنْهَا: حَدِيث زيد بن أَرقم، أخرجه مُسلم عَنهُ، (قَالَ: لَا أَقُول لكم إلَاّ مَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أللهم أَنِّي أعوذ بك من الْعَجز والكسل والجبن وَالْبخل وَعَذَاب الْقَبْر) . وَمِنْهَا: حَدِيث أبي بكرَة، أخرجه النَّسَائِيّ عَنهُ (عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول فِي إِثْر الصَّلَاة: أللهم إِنِّي أعوذ بك من الْكفْر والفقر وَعَذَاب الْقَبْر) . وَمِنْهَا: حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة. أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَنهُ فِي حَدِيث مَرْفُوع، قَالَ فِيهِ: (أَو مَا علمْتُم مَا أصَاب صَاحب بني إِسْرَائِيل؟ كَانَ الرجل مِنْهُم إِذا أصَاب الشَّيْء من الْبَوْل قرضه بالمقراض، فنهاهم عَن ذَلِك فعذب فِي قَبره) . وَمِنْهَا: حَدِيث عبد الله بن عَمْرو أخرجه النَّسَائِيّ عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (أللهم إِنِّي أعوذ بك من الكسل. .) الحَدِيث. وَفِيه: (وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر) . وروى التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي (نَوَادِر الْأُصُول) حَدِيث عبد الله بن عَمْرو: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر فتاني الْقَبْر، فَقَالَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أترد لنا عقولنا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: نعم، كهيئتكم الْيَوْم. فَقَالَ عمر: فِي فِيهِ الْحجر) . وَمِنْهَا: حَدِيث أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ على مَا يَأْتِي. وَمِنْهَا: حَدِيث أم مُبشر أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) قَالَت: (دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا فِي حَائِط من حَوَائِط بني النجار فِيهِ قُبُور مِنْهُم قد مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّة، قَالَت: فَخرج فَسَمعته يَقُول: استعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قلت: يَا رَسُول الله، وللقبر عَذَاب؟ قَالَ: إِنَّهُم ليعذبون عذَابا فِي قُبُورهم تسمعه الْبَهَائِم) . وَمِنْهَا: حَدِيث أم خَالِد أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَنْهُمَا أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر.

وَأما الْجَواب عَن قَوْله تَعَالَى: {لَا يذوقون فِيهَا الْمَوْت إلَاّ الموتة الأولى} (الدُّخان: ٦٥) . أَن ذَلِك وصف لأهل الْجنَّة، وَالضَّمِير فِيهَا للجنة أَي: لَا يذوقون أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة الْمَوْت فَلَا يَنْقَطِع نعيمهم كَمَا انْقَطع نعيم أهل الدُّنْيَا بِالْمَوْتِ، فَلَا دلَالَة فِي الْآيَة على انْتِفَاء موتَة أُخْرَى بعد المساءلة، وَقبل دُخُول الْجنَّة. وَأما قَوْله: {إِلَّا الموتة الأولى} (الدُّخان: ٦٥) . فَهُوَ تَأْكِيد لعدم مَوْتهمْ فِي الْجنَّة على سَبِيل التَّعْلِيق بالمحال، كَأَنَّهُ قيل: لَو أمكن ذوقهم الموتة الأولى لذاقوا الموتة الألى، لكنه لَا يُمكن بِلَا شُبْهَة، فَلَا يتَصَوَّر مَوْتهمْ فِيهَا وَقد يُقَال:

<<  <  ج: ص:  >  >>