ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن سعيد بن شُرَحْبِيل، وَفِي المغاوي عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم وَعَن قُتَيْبَة وَفِي ذكر الْحَوْض عَن عَمْرو بن خَالِد. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن أبي مُوسَى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجَنَائِز عَن قُتَيْبَة بِهِ مُخْتَصرا وَعَن الْحسن بن عَليّ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا عَن قُتَيْبَة بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فصلى على أهل أحد) ، وهم الَّذين اسْتشْهدُوا فِيهِ، وَكَانَت أحد فِي شَوَّال سنة ثَلَاث. قَوْله:(صلَاته على الْمَيِّت) أَي: مثل صلَاته على الْمَيِّت، وَهَذَا يرد قَول من قَالَ: إِن الصَّلَاة فِي الْأَحَادِيث الَّتِي وَردت مَحْمُولَة على الدُّعَاء، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ وَالنَّوَوِيّ، حَتَّى قَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد من الصَّلَاة هُنَا الدُّعَاء، وَأما كَونه مثل الَّذِي على الْمَيِّت فَمَعْنَاه أَنه دَعَا لَهُم بِمثل الدُّعَاء الَّذِي كَانَت عَادَته أَن يَدْعُو بِهِ للموتى. قلت: هَذَا عدُول عَن الْمَعْنى الَّذِي يتضمنه هَذَا اللَّفْظ، لأجل تمشية مذْهبه فِي ذَلِك، وَهَذَا لَيْسَ بإنصاف. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: معنى صلَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَخْلُو من ثَلَاثَة معَان: أما أَن يكون نَاسِخا لما تقدم من ترك الصَّلَاة عَلَيْهِم، أَو يكون من سُنَنهمْ أَن لَا يُصَلِّي عَلَيْهِم إلَاّ بعد هَذِه الْمدَّة، أَو تكون الصَّلَاة عَلَيْهِم جَائِزَة، بِخِلَاف غَيرهم، فَإِنَّهَا وَاجِبَة، وأيها كَانَ فقد تثبت بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِم الصَّلَاة على الشُّهَدَاء. وَقَالَ بَعضهم: غَالب مَا ذكره بصدد الْمَنْع لِأَن صلَاته عَلَيْهِم تحْتَمل أمورا. مِنْهَا: أَن تكون من خَصَائِصه. وَمِنْهَا: أَن يكون الْمَعْنى: الدُّعَاء، ثمَّ هِيَ وَاقعَة عين لَا عُمُوم فِيهَا، فَكيف ينتهض الِاحْتِجَاج بهَا لدفع حكم قد تقرر؟ وَلم يقل أحد من الْعلمَاء بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي الَّذِي ذكره؟ انْتهى. قلت: كل مَا ذكر هَذَا الْقَائِل مَمْنُوع، لِأَن قَوْله: مِنْهَا أَن تكون من خَصَائِصه، وَإِثْبَات الخصوصية بِالِاحْتِمَالِ