الرَّابِع من الْأَحْكَام فِيهِ وَفِي غَيره من أَحَادِيث هَذَا الْبَاب حجَّة لمَذْهَب أهل الْحق فِي صِحَة وجوده وَأَنه شخص بِعَيْنِه ابتلى الله تَعَالَى عباده بِهِ وأقدره على أَشْيَاء من مقدورات الله تَعَالَى من إحْيَاء الْمَيِّت الَّذِي يقْتله ظُهُور زهرَة الدُّنْيَا وَالْخصب مَعَه وَاتِّبَاع كنوز الأَرْض لَهُ وَأمر السَّمَاء أَن تمطر فتمطر وَالْأَرْض أَن تنْبت فتنبت فَيَقَع كل ذَلِك بقدرة الله تَعَالَى ومشيئته ثمَّ يعجزه الله تَعَالَى بعد ذَلِك فَلَا يقدر على شَيْء من ذَلِك ثمَّ يقْتله عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وأبطل أمره الْخَوَارِج والجهمية وَبَعض الْمُعْتَزلَة وَزعم الجبائي وَمن وَافقه أَنه صحّح الْوُجُود لَكِن مَا مَعَه مُخَارق وخيالات لَا حَقِيقَة لَهَا ليفرق بَينه وَبَين النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأجِيب عَنهُ بِأَنَّهُ لَا يَدعِي النُّبُوَّة فَيحْتَاج إِلَى فَارق وَإِنَّمَا يَدعِي الألوهية وَهُوَ مكذب فِي ذَلِك لسمات الْحُدُوث فِيهِ وَنقص صورته وعورة وتكفيره الْمَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ ولهذه الدَّلَائِل وَغَيرهَا لَا يغتر بِهِ إِلَّا رعاع النَّاس لشدَّة الْحَاجة والفاقة وسد الرمق أَو خوفًا من أَذَاهُ وتقية الْخَامِس فِيهِ دَلِيل على صِحَة إِسْلَام الصَّبِي وَقد ذَكرْنَاهُ وَهُوَ مَقْصُود البُخَارِيّ من التَّبْوِيب السَّادِس فِيهِ دَلِيل على صلابة عمر وَقُوَّة دينه السَّابِع فِيهِ دلَالَة على التثبت فِي أَمر النَّهْي وَأَن لَا تستباح الدِّمَاء إِلَّا بِيَقِين -
٥٥٣١ - وَقَالَ سالِمٌ سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذلِكَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ إلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابنُ صَيَّادٍ وهْوَ يَخْتِلُ أنْ يَسْمَعَ مِنِ ابنِ صَيَّادٍ شَئا قَبْلَ أنْ يَرَاهُ ابنُ صَيَّادٍ فَرَآهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ مُضْطَجِعٌ يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أوْ زَمْرَةٌ فَرَأتْ أُمُّ ابنِ صَيَّادٍ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ فقالَتْ لأِبْنِ صَيَّادٍ يَا صافِ وَهْوَ اسْمُ ابْن صَيَّادٍ هاذَا مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَثَارَ ابنُ صَيَّادٍ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ..
هَذَا من تَتِمَّة حَدِيث عبد الله بن عمر السَّابِق، هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْجُمْهُور: سَالم سَمِعت ابْن عَمْرو كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة مُسلم. وَقَالَ سَالم بن عبد الله: سَمِعت عبد الله بن عمر يَقُول: انْطلق بعد ذَلِك ... إِلَى آخِره نَحوه، وَحكى القَاضِي أَنه سقط فِي رِوَايَة ابْن ماهان: ابْن عمر، وَقَالَ: الصَّوَاب رِوَايَة الْمَجْهُول بالاتصال. قَوْله: (انْطلق بعد ذَلِك) أَي: بعد انطلاقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عمر فِي رَهْط قبل ابْن صياد، كَمَا مر فِي أول الحَدِيث. قَوْله: (أبي بن كَعْب) أَي: وَانْطَلق أبي بن كَعْب مَعَه إِلَى النّخل. قَوْله: (وَهُوَ يخْتل) الْوَاو: فِيهِ للْحَال، و: يخْتل، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بعد الْخَاء الْمُعْجَمَة: أَي يخدع، وَمَعْنَاهُ: يستغفله ليسمع من كَلَامه شَيْئا ليعلم بِهِ حَاله أهوَ كَاهِن أَو سَاحر. قَوْله: (قبل أَن يرَاهُ ابْن صياد) ، أَي: قبل أَن يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن صياد ليسمع كَلَامه فِي خلوته وَيعلم هُوَ وَأَصْحَابه حَاله. قَوْله: (وَهُوَ مُضْطَجع) : الْوَاو، فِيهِ للْحَال. قَوْله: (فِي قطيفة) هِيَ: كسَاء لَهُ خمل، وَالْجمع قطائف، هَذَا هُوَ الْقيَاس، وَقَالَ ابْن جني: وَقد كسر على قطوف، وَفِي (الصِّحَاح) : الْجمع قطائف وقطف، مثل: صَحَائِف وصحف. وَقَالَ: كَأَنَّهُمَا جمع قطيف وصحيف. قَوْله: (رمزة) وَاخْتلف فِي ضَبطهَا، فَقَالَ ابْن قرقول: (رمزة أَو زمرة) كَذَا للْبُخَارِيّ. وَعند أبي ذَر: زمرة، بِتَقْدِيم الزَّاي، وَقَالَ البُخَارِيّ لَهُ فِيهَا: رمزة أَو زمرة، على الشَّك فِي تَقْدِيم الرَّاء على الزَّاي أَو تَأْخِيرهَا، ولبعضهم: رمرمة أَو زمزمة، على الشَّك: هَل هُوَ براءين أَو زاءين؟ مَعَ زِيَادَة: مِيم، فيهمَا. وَمعنى هَذِه الْأَلْفَاظ كلهَا مُتَقَارِبَة. وَقَالَ الْخطابِيّ: الزمزمة، تَحْرِيك الشفتين بالْكلَام. وَقَالَ غَيره: هُوَ كَلَام العلوج، وَهُوَ صَوت من الخياشيم وَالْحلق لَا يَتَحَرَّك فِيهِ اللِّسَان والشفتان، والرمزة صَوت خَفِي بِكَلَام لَا يفهم، والزمرة بِتَقْدِيم الزَّاي صَوت من دَاخل الْفَم، وَقَالَ عِيَاض: جُمْهُور رُوَاة مُسلم بالمعجمتين، وَأَنه فِي بَعْضهَا برَاء: أَولا وزاي آخرا، وَحذف الْمِيم الثَّانِيَة، وَهُوَ صَوت خَفِي لَا يكَاد يفهم أَو لَا يفهم قَوْله: (وَهُوَ يَتَّقِي) : الْوَاو، فِيهِ للْحَال، أَي: يخفي نَفسه بجذوع النّخل حَتَّى لَا ترَاهُ أم ابْن صياد. قَوْله: (فثار ابْن صياد) ، بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَفِي آخِره: رَاء أَي: قَامَ مسرعا، وَهَكَذَا هُوَ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (فَثَابَ) بباء مُوَحدَة، أَي: رَجَعَ عَن الْحَالة الَّتِي كَانَ فِيهَا. قَوْله: (لَو تركته) أَي: لَو تركت أم ابْن صياد ابْنه ابْن صياد: لبين ابْن صياد لكم باخْتلَاف كَلَامه مَا يهون عَلَيْكُم شَأْنه، وَفِي (التَّوْضِيح) ، لَو وقف عَلَيْهِ من يتفهم كَلَامه لبين من قَوْله ذَلِك الزمزمة، فَيعرف مَا يَدعِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute