للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن مُحَمَّد بن أبي حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَالْآخر أخرجه عَن ابْن أبي دَاوُد عَن مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد عَن مُحَمَّد بن أبي حميد ... إِلَى آخِره نَحوه، وَأخرجه عبد الله بن وهب وَالطَّيَالِسِي فِي مسنديهما، وَلم يذكر الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث إِلَّا تَقْوِيَة لحَدِيث زيد بن ثَابت أخرجه عَن سُلَيْمَان بن شُعَيْب عَن الْحصيب عَن عَمْرو بن عَليّ عَن عُثْمَان بن حَكِيم عَن أبي أُمَامَة أَن زيد بن ثَابت، قَالَ: هَلُمَّ يَا ابْن أخي أخْبرك إِنَّمَا نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجُلُوس على الْقُبُور لحَدث غَائِط أَو بَوْل، وَرِجَاله ثِقَات، وَعَمْرو بن عَليّ هُوَ الفلاس شيخ الْجَمَاعَة، فَهَذَا الْقَائِل: هلا مَا أورد هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح، وَأورد الحَدِيث الَّذِي هُوَ مُحَمَّد بن أبي حميد الْمُتَكَلّم فِيهِ، مَعَ أَنه ذكر الطَّحَاوِيّ هَذَا اسْتِشْهَادًا وتقوية، وَلَكِن إِنَّمَا ذكره هَذَا الْقَائِل حَتَّى يفهم أَن الطَّحَاوِيّ الَّذِي ينصر مَذْهَب الْحَنَفِيَّة إِنَّمَا يروي فِي هَذَا الْبَاب الْأَحَادِيث الضعيفة، وَمن شدَّة تعصبه ذكر الحَدِيث فنسبه إِلَى أبي هُرَيْرَة، ولِمَ لَم يذكر فِيهِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأبرزه فِي صُورَة الْمَوْقُوف، والْحَدِيث مَرْفُوع، وَتَحْقِيق الْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب مَا قَالَه الطَّحَاوِيّ: بَاب الْجُلُوس على الْقُبُور: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن حسان، قَالَ: حَدثنَا صَدَقَة بن خَالِد عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر عَن بسر بن عبيد الله عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن أبي مرْثَد الغنوي، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (لَا تصلوا إِلَى الْقُبُور وَلَا تجلسوا إِلَيْهَا) . وَأخرج هَذَا الحَدِيث من أَربع طرق، وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَاسم أبي مرْثَد: كناز بن الْحصين، وَأخرج أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن جزم قَالَ: (رأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قبر فَقَالَ: إنزل عَن الْقَبْر فَلَا تؤذ صَاحب الْقَبْر وَلَا يُؤْذِيك) . وَأخرجه أَحْمد فِي (مُسْنده) وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث جَابر قَالَ: (نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تجصيص الْقُبُور وَالْكِتَابَة عَلَيْهَا وَالْجُلُوس عَلَيْهَا وَالْبناء عَلَيْهَا) . وَأخرجه الْجَمَاعَة غير البُخَارِيّ. وَأخرج أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة نَحْو رِوَايَة مُسلم عَنهُ، وَقد ذَكرْنَاهُ الْآن، ثمَّ قَالَ: فَذهب قوم إِلَى هَذِه الْآثَار وقلدوها وكرهوا من أجلهَا الْجُلُوس على الْقُبُور، وَأَرَادَ بالقوم: الْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَسَعِيد بن جُبَير ومكحولاً وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبا سُلَيْمَان، ويروى ذَلِك أَيْضا عَن عبد الله وَأبي بكرَة وَعقبَة بن عَامر وَأبي هُرَيْرَة وَجَابِر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِلَيْهِ ذهب الظَّاهِرِيَّة وَقَالَ ابْن حزم فِي (الْمحلى) : وَلَا يحل لأحد أَن يجلس على قبر، وَهُوَ قَول أبي هُرَيْرَة وَجَمَاعَة من السّلف، ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ فَقَالُوا: لم ينْه عَن ذَلِك لكَرَاهَة الْجُلُوس على الْقَبْر، وَلكنه أُرِيد بِهِ الْجُلُوس للغائط أَو الْبَوْل، وَذَلِكَ جَائِز فِي اللُّغَة، يُقَال: جلس فلَان للغائط وَجلسَ فلَان للبول، وَأَرَادَ بالآخرين: أَبَا حنيفَة ومالكا وَعبد الله بن وهب وَأَبا يُوسُف ومحمدا، وَقَالُوا: مَا رُوِيَ عَن النَّهْي مَحْمُول على مَا ذكرنَا، ويحكى ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ثمَّ قَالَ: وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا حَدثنَا سُلَيْمَان بن شُعَيْب، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَهُوَ حَدِيث زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثمَّ قَالَ: فَبين زيد فِي هَذَا الْجُلُوس الْمنْهِي عَنهُ فِي الأثار الأول مَا هُوَ ثمَّ رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا من طَرِيق ابْن يُونُس، وَطَرِيق ابْن أبي دَاوُد، وَقد ذكرناهما الْآن، ثمَّ قَالَ: فَثَبت بذلك أَن الْجُلُوس الْمنْهِي عَنهُ فِي الْآثَار الأول هُوَ هَذَا الْجُلُوس، يَعْنِي: للغائط وَالْبَوْل، فَأَما الْجُلُوس بِغَيْر ذَلِك فَلم يدْخل فِي ذَلِك النَّهْي، وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد، رَحِمهم الله تَعَالَى. قلت: فعلى هَذَا مَا ذكره أَصْحَابنَا فِي كتبهمْ من أَن وطأ الْقُبُور حرَام، وَكَذَا النّوم عَلَيْهَا، لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي. فَإِن الطَّحَاوِيّ هُوَ أعلم النَّاس بمذاهب الْعلمَاء، وَلَا سِيمَا بِمذهب أبي حنيفَة.

وَقَالَ نافعٌ كانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَجْلِسُ عَلَى القُبُورِ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن صَالح، قَالَ: حَدثنِي بكير عَن عَمْرو عَن بكير، أَن نَافِعًا حَدثهُ: أَن عبد الله بن عمر كَانَ يجلس على الْقُبُور. فَإِن قلت: روى ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح عَنهُ قَالَ: لِأَن أَطَأ على رضف أحب إليَّ من أَن أَطَأ على قبر؟ قلت: ثَبت من فعله أَنه كَانَ يجلس على الْقُبُور، وَيحمل قَوْله: (لِأَن أَطَأ، على معنى: لِأَن أَطَأ لأجل الحَدِيث، وَقَالَ بَعضهم، بعد أَن أورد مَا أخرجه الطَّحَاوِيّ من أثر ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: وَلَا يُعَارض هَذَا مَا أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>