للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موضعهَا، وعولوا على شَفَاعَة الْأَصْنَام، وروى ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن دِينَار أَنه قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي قَالَ: والكافرون هم الظَّالِمُونَ، وَلم يقل: والظالمون هم الْكَافِرُونَ.

٩١٤١ - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثنا عُمَارَةُ بنُ القَعْقَاعِ قَالَ حَدثنَا أبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدثنَا أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ جاءَ رَجَلٌ إلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رسولَ الله أيُّ الصَّدَقَةِ أعْظَمُ أجْرا قَالَ أَن تَصَدَّقَ وَأنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ وتَأمُلُ الغِنَى وَلَا تمْهِلُ حَتَّى إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ قُلْتُ لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلانٍ كذَا وَقَدْ كانِ لِفُلَانٍ.

(الحَدِيث ٩١٤١ طرفه فِي: ٨٤٧٢) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَن تصدق وَأَنت صَحِيح شحيح) ، فالصدقة فِي هَذِه الْحَالة أعظم أجرا لِأَن هَذَا القَوْل من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَوَاب السَّائِل: (أَي الصَّدَقَة أعظم أجرا؟) فَإِذا كَانَت هَذِه الصَّدَقَة أعظم أجرا كَانَت أفضل من غَيرهَا.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة الْمنْقري، وَقد مر غير مرّة. الثَّانِي: عبد الْوَاحِد ابْن زِيَاد أَبُو بشر. الثَّالِث: عمَارَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم: ابْن الْقَعْقَاع، بالقافين المفتوحتين والعينين الْمُهْمَلَتَيْنِ: ابْن شبْرمَة. الرَّابِع: أَبُو زرْعَة، بِضَم الزَّاي وَسُكُون الرَّاء، قيل: إسمه هرم، وَقيل: عبد الرَّحْمَن، وَقيل: عَمْرو، وَقد مر فِي: بَاب الْجِهَاد من الْإِيمَان. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي الْإِسْنَاد كُله، وَإِلَى هُنَا مَا وَقع فِي الْكتاب نَظِير هَذَا، وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أحد الروَاة مَذْكُور بِغَيْر نِسْبَة وَالْآخر مَذْكُور بكنيته. وَفِيه: أَن شَيْخه وَشَيخ شَيْخه بصريان، وَعمارَة وَأَبُو زرْعَة كوفيان.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْوَصَايَا عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَن أبي أُسَامَة عَن سُفْيَان. وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن زُهَيْر بن حَرْب وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَابْن نمير، وَعَن أبي كَامِل عَن عبد الْوَاحِد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن حَرْب، وَفِي الزَّكَاة عَن مَحْمُود بن غيلَان.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (جَاءَ رجل) ، قيل: يحْتَمل أَن يكون أَبَا ذَر، لِأَنَّهُ فِي مُسْند أَحْمد. سَأَلَ: أَي الصَّدَقَة أفضل؟ وَكَذَا روى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة أَن أَبَا ذَر سَأَلَ: لَكِن جَوَابه جهد من مقل أَو سرى إِلَى فَقير. قَوْله: (قَالَ أَن تصدق) بتَشْديد الصَّاد، وَأَصله: أَن تَتَصَدَّق من بَاب التفعل، فأبدلت إِحْدَى التَّاءَيْنِ صادا وأدغمت الصَّاد فِي الصَّاد، وَيجوز تَخْفيف الصَّاد بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ، والمتصدق هُوَ الَّذِي يُعْطي الصَّدَقَة، وَأما الْمُصدق فَهُوَ الَّذِي يَأْخُذ الصَّدَقَة من التَّصْدِيق من بَاب التفعيل. فَإِن قلت: مَا مَحل (أَن تصدق) من الْإِعْرَاب؟ قلت: مَرْفُوع على الخبرية، والمبتدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: أعظم الصَّدَقَة أجرا أَن تصدق، أَي: بِأَن تصدق. قَوْله: (وَأَنت صَحِيح) جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: (شحيح) خبر بعد خبر، قَوْله: (تخشى الْفقر) ، جملَة فعلية وَقعت حَالا. قَوْله: (وَتَأمل الْغنى) عطف على مَا قبله، وَتَأمل بِضَم الْمِيم، أَي: تطمع بالغنى، وَالصَّدَََقَة فِي هَاتين الْحَالَتَيْنِ أَشد مراغمة للنَّفس. قَوْله: (وَلَا تمهل) بِفَتْح اللَّام من الْإِمْهَال، وَهُوَ التَّأْخِير. تَقْدِيره: وَأَن لَا تمهل لِأَنَّهُ مَعْطُوف على قَوْله: (أَن تصدق) ، ويروى بِسُكُون اللَّام على صُورَة النَّهْي. قَوْله: (حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم) ، كلمة: حَتَّى، للغاية، وَالضَّمِير فِي: بلغت، يرجع إِلَى الرّوح بِدلَالَة سِيَاق الْكَلَام عَلَيْهِ، وَالْمرَاد مِنْهُ: قاربت الْبلُوغ، إِذْ لَو بلغته حَقِيقَة لم تصح وَصيته وَلَا شَيْء من تَصَرُّفَاته، والحلقوم هُوَ الْحلق، وَفِي (الْمُخَصّص) عَن أبي عُبَيْدَة: هُوَ مجْرى النَّفس والسعال من الْجوف وَهُوَ أطباق غراضيف لَيْسَ دونه من ظَاهر بَاطِن الْعُضْو إِلَّا جلد، وطرفه الْأَسْفَل فِي الرئة والأعلى فِي أصل عقدَة اللِّسَان، وَمِنْه مخرج البصاق وَالصَّوْت. وَفِي (الْمُحكم) ذكر الْحُلْقُوم فِي: بَاب حلق بِحَذْف زائدته، وهما: الْوَاو وَالْمِيم، وَقَالَ: الْحُلْقُوم كالحلق فعلوم عِنْد الْخَلِيل، وفعلول عِنْد غَيره. قَوْله: (لفُلَان) ، كِنَايَة عَن الْمُوصى لَهُ. وَقَوله: كَذَا كِنَايَة عَن الْمُوصى بِهِ، وَحَاصِل الْمَعْنى: أفضل الصَّدَقَة أَن تَتَصَدَّق حَال حياتك وصحتك مَعَ احتياجك إِلَيْهِ واختصاصك بِهِ، لَا فِي حَال سقمك وَسِيَاق موتك، لِأَن المَال حِينَئِذٍ خرج عَنْك وَتعلق بغيرك، وَيشْهد لهَذَا التَّأْوِيل حَدِيث أبي سعيد: (لِأَن يتَصَدَّق الْمَرْء فِي حَال حَيَاته بدرهم خير لَهُ من أَن يتَصَدَّق بِمِائَة عِنْد مَوته) . وَقَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ: دَلِيل على أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>