وَفِي بعض كتب الْحَنَابِلَة ذكر للخلطة سِتّ شَرَائِط، ثمَّ أَنه قد يكون أثر الْخلطَة فِي إِيجَابهَا، وَقد يكون فِي تكثيرها، وَقد يكون فِي تقليلها. مِثَال الأول: خمس من الْإِبِل أَو أَرْبَعُونَ من الْغنم بَين اثْنَيْنِ تجب فيهمَا الزَّكَاة، وَلَو انْفَرَدت لَا تجب. وَمِثَال الثَّانِي: لكل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة شَاة وشَاة تجب على كل وَاحِد شَاة وَنصف، وَلَو انْفَرَدت تجب على كل وَاحِد شَاة، وَمِثَال الثَّالِث: وَهُوَ التقليل مائَة وَعِشْرُونَ شَاة بَين ثَلَاثَة يجب على كل وَاحِد ثلث شَاة، وَلَو انْفَرَدت لوَجَبَ على كل وَاحِد شَاة، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث الْبَاب السَّابِق، وَلنَا أَنه قد ثَبت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:(لَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود صَدَقَة) الحَدِيث، وَجَمِيع النُّصُوص الْوَارِدَة فِي نصب الزَّكَاة تمنع الْوُجُوب فِيمَا دونهَا، وَلِأَنَّهُ لَا حق لأَحَدهمَا فِي ملك الآخر، وَمَاله غير زكوي لنقصانه عَن النّصاب، وَمثله مَال الآخر، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد: وَرَأَوا فِي خَمْسَة أنفس لكل وَاحِد بنت مَخَاض تجب على كل مُسلم خمس شَاة، وَفِي عشرَة بَينهم خمس من الْإِبِل لكل وَاحِد نصف بعير تجب على كل وَاحِد مِنْهُم عُشر شَاة مَعَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(لَيْسَ فِي أَربع من الْإِبِل شَيْء) فَهَذِهِ زَكَاة مَا أوجبهَا الله تَعَالَى فَقَط، وَحكم بِخِلَاف حكم الله تَعَالَى، وَحكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَجعلُوا لمَال أَحدهمَا حكما فِي مَال الآخر، وَهَذَا بَاطِل، وَخلاف الْقُرْآن وَالسّنَن، وَاشْتِرَاط الشُّرُوط التِّسْعَة الْمَذْكُورَة، وَغَيرهَا تحكم بِلَا دَلِيل أصلا لَا من قُرْآن وَلَا من سنة وَلَا من قَول صَاحب قِيَاس وَلَا من وَجه مَعْقُول، وليت شعري من جعل الْخلطَة مَقْصُورَة على الْوُجُوه الَّتِي ذكروها دون أَن يُرِيد بِهِ الْخلطَة فِي الْمنزل أَو فِي الصِّنَاعَة أَو فِي الشّركَة أَو فِي الْمغنم، كَمَا قَالَ طَاوُوس وَعَطَاء. وَلَو وَجَبت بالاختلاط فِي المرعى لَوَجَبَتْ فِي كل مَاشِيَة فِي الأَرْض، لِأَن المراعي مُتَّصِلَة فِي أَكثر الدُّنْيَا، إلَاّ أَن يقطع بَينهَا بحرا ونهرا وَعمارَة. قَالَ: وَأما تَقْدِير الْمَالِكِيَّة الِاخْتِلَاط بالشهر والشهرين فتحكم بَارِد، وَقَوله ظَاهر الإحالة جدا لِأَنَّهُ خص بهَا الْمَوَاشِي فَقَط دون الْخلطَة فِي الثِّمَار والزروع والنقدين، وَلَيْسَ ذَلِك فِي الْخَبَر. فَإِن قلت: روى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الخليطان مَا اجْتمعَا على الْحَوْض والراعي