للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بنِ الزُّبَيْرِ وسَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ أنَّ حَكِيمَ بنَ حِزَام رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ سَلْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعْطانِي ثُمَّ سألْتُهُ فأعْطَاني ثُمَّ سألْتُهُ فأعْطَاني ثُمَّ قَالَ يَا حَكِيمُ إنَّ هاذَا المالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فمَنْ أخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ومَنْ أخَذَهُ بإشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَك لَهُ فِيهِ وَكَانَ كالَّذِي يأكُلُ وَلَا يَشْبَعُ اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلى قَالَ حَكِيمٌ فقُلْتُ يَا رسولَ الله وَالَّذِي بعثَكَ بِالحَقِّ لَا أرْزأُ أحَدا بَعْدَكَ شَيْئا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا فَكانَ أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَدْعُو حَكِيما إلَى العَطَاءِ فَيأبى أنْ يَقْبَلهُ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فأبَى أنْ يقْبَلَ منْهُ شَيْئا فَقَالَ عُمَرُ إنِّي أُشْهِدَكُمْ يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ إنِّي أعْرِضُ عَلَيه حَقَّهُ منْ هاذا الفَيءِ فيَأبَى أنْ يأخُذَهُ فلَمْ يَرْزأ حَكيمٌ أحدا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى تُوُفِّيَ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى) لِأَن المُرَاد من الْيَد الْعليا على قَول: هِيَ المتعففة وَإِن كَانَ الْمَشْهُور هِيَ المنفقة، وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب لَا صَدَقَة إلَاّ عَن ظهر غنى.

ذكر رِجَاله: وهم: سَبْعَة: الأول: عَبْدَانِ، هُوَ عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة الْمروزِي، وعبدان لقبه. الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي. الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي. الرَّابِع: مُحَمَّد ابْن مُسلم الزُّهْرِيّ الْمدنِي. الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام الْمدنِي. السَّادِس: سعيد بن الْمسيب الْمدنِي. السَّابِع: حَكِيم، بِفَتْح الْحَاء: ابْن حزَام، بِكَسْر الْحَاء وبالزاي المخففة، وَقد مر عَن قريب.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور بلقبه. وَفِيه: اثْنَان مذكوران مجردين. وَفِيه: أحدهم مَذْكُور بنسبته إِلَى قبيلته ويروى عَن اثْنَيْنِ. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم: الزُّهْرِيّ وَعُرْوَة وَسَعِيد بن الْمسيب.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْوَصَايَا وَفِي الْخمس عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن الْأَوْزَاعِيّ وَفِي الرقَاق عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ. وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو بن مُحَمَّد النَّاقِد، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزَّكَاة عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ وَعَن الرّبيع بن سُلَيْمَان وَعَن أَحْمد بن سُلَيْمَان وَأَعَادَهُ فِي الرقَاق عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (خضرَة) ، التَّأْنِيث إِمَّا بِاعْتِبَار الْأَنْوَاع أَو الصُّورَة أَو تَقْدِيره، كالفاكهة الخضرة الحلوة، شبه المَال فِي الرَّغْبَة فِيهِ بهَا فَإِن الْأَخْضَر مَرْغُوب من حَيْثُ النّظر، والحلو من حَيْثُ الذَّوْق، فَإِذا اجْتمعَا زادا فِي الرَّغْبَة، حَاصله أَن التَّشْبِيه فِي الرَّغْبَة فِيهِ والميل إِلَيْهِ وحرص النُّفُوس عَلَيْهِ بالفاكهة الخضراء المستلذة، فَإِن الْأَخْضَر مَرْغُوب فِيهِ على انْفِرَاده، والحلو كَذَلِك على انْفِرَاده، فاجتماعهما أَشد، وَفِيه أَيْضا إِشَارَة إِلَى عدم بَقَائِهِ لِأَن الخضراوات لَا تبقى وَلَا ترَاد للبقاء. قَوْله: (فَمن أَخذه بسخاوة) ، نفس أَي: بِغَيْر شَره وَلَا إلحاح، وَفِي رِوَايَة: (بِطيب نفس) . فَإِن قلت: السخاوة ءنما هِيَ فِي الْإِعْطَاء لَا فِي الْأَخْذ. قلت: السخاوة فِي الأَصْل السهولة، وَالسعَة. قَالَ القَاضِي: فِيهِ احْتِمَالَانِ: أظهرهمَا أَنه عَائِد إِلَى الْآخِذ، أَي من أَخذه بِغَيْر حرص وطمع وإشراف عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: إِلَى الدَّافِع، أَي: من أَخذه مِمَّن يَدْفَعهُ منشرحا بِدَفْعِهِ طيب النَّفس لَهُ. قَوْله: (بإشراف نفس) الإشراف على الشَّيْء: الِاطِّلَاع عَلَيْهِ والتعرض لَهُ، وَقيل: معنى إشراف نفس أَن المسؤول يُعْطِيهِ عَن تكره. وَقيل: يُرِيد بِهِ شدَّة حرص السَّائِل وإشرافه على الْمَسْأَلَة. قَوْله: (لم يُبَارك لَهُ فِيهِ) الضَّمِير فِي: لَهُ، يرجع إِلَى الْآخِذ، وَفِي: فِيهِ، إِلَى المعطَى بِفَتْح الطَّاء، وَمَعْنَاهُ: إِذْ لم يمْنَع نَفسه الْمَسْأَلَة وَلم يصن مَاء وَجهه لم يُبَارك لَهُ فِيمَا أَخذ وَأنْفق. قَوْله: (كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع) أَي: كمن بِهِ الْجُوع الْكَاذِب، وَقد يُسمى بجوع الْكَلْب كلما ازْدَادَ أكلا ازْدَادَ جوعا لِأَنَّهُ يَأْكُل من سقم كلما أكل ازْدَادَ سقما وَلَا يجد شبعا وَيَزْعُم أهل الطِّبّ أَن ذَلِك من غَلَبَة السَّوْدَاء، ويسمونها: الشَّهْوَة الْكَلْبِيَّة، وَهِي صفة لمن يَأْكُل وَلَا يشْبع. قلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>