تَدْنُو يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ فبَيْنَا هُمْ كذالِكَ اسْتَغاثُوا بآدَمَ ثُمَّ بِمُوسى ثُمَّ بَمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزَادَ عَبْدُ الله حدَّثني اللَّيْثُ حدَّثني ابنُ أبي جَعْفَرٍ فيَشْفَعُ لِيُقْضى بَينَ الخَلْقِ فيَمْشِي حَتَّى يأخُذَ بِحَلْقَةِ البَابِ فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ الله مَقَاما مَحْمُودا يَحْمَدُهُ أهْلِ الجَمْعِ كُلُّهُمْ.
(الحَدِيث ٥٧٤١ طرفه فِي: ٨١٧٤) .
وَجه الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث قد علم مِمَّا ذكرنَا آنِفا.
ذكر رِجَاله: وهم: سِتَّة: الأول: يحيى بن بكير. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: عبيد الله بتصغير العَبْد ابْن أبي جَعْفَر، واسْمه يسَار، مر فِي: بَاب الْجنب يتَوَضَّأ، فِي كتاب الْغسْل. الرَّابِع: حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي: ابْن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، مر فِي: بَاب فضل الْعلم. الْخَامِس: عبد الله بن عمر بن الْخطاب. السَّادِس: عبد الله بن صَالح، كَاتب اللَّيْث.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: السماع فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور باسم جده وَاسم أَبِيه عبد الله بن بكير، وَهُوَ وَاللَّيْث وَعبيد الله بن أبي جَعْفَر وَعبد الله بن صَالح مصريون وَحَمْزَة بن عبد الله مدنِي أما عبد الله بن صَالح فَفِيهِ مقَال: قَالَ ابْن عدي: سقيم الحَدِيث، وَلَكِن البُخَارِيّ روى عَنهُ فِي صَحِيحه على الصَّحِيح، وَلكنه يُدَلس، فَيَقُول: حَدثنَا عبد الله وَلَا ينْسبهُ، وَهُوَ هُوَ، نعم قد علق البُخَارِيّ، حَدِيثا فَقَالَ فِيهِ: قَالَ اللَّيْث ابْن سعد: حَدثنِي جَعْفَر بن ربيعَة، ثمَّ قَالَ فِي آخر الحَدِيث: حَدثنِي عبد الله بن صَالح، حَدثنَا اللَّيْث فَذكره وَلَكِن هَذَا عِنْد ابْن حمويه السَّرخسِيّ دون صَاحِبيهِ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم، رَحمَه الله تَعَالَى، عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأخرجه النَّسَائِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى، فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم عَن شُعَيْب ابْن اللَّيْث عَن أَبِيه بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (مزعة) ، بِضَم الْمِيم وَسُكُون الزَّاي وبالعين الْمُهْملَة: الْقطعَة. وَقَالَ ابْن التِّين: ضَبطه بَعضهم بِفَتْح الْمِيم وَالزَّاي، قَالَ أَبُو الْحسن: وَالَّذِي أحفظه عَن الْمُحدثين الضَّم. وَقَالَ ابْن فَارس بِكَسْر الْمِيم، وَاقْتصر عَلَيْهِ الْقَزاز فِي (جَامعه) وَذكر ابْن سَيّده الضَّم فَقَط، وَكَذَا الْجَوْهَرِي قَالَ، وبالكسر: من الريش والقطن، يُقَال: مزعت اللَّحْم قطعته قِطْعَة قِطْعَة، وَيُقَال: أطْعمهُ مزعة من لحم، أَي: قِطْعَة مِنْهُ. قَالَ الْخطابِيّ: يحْتَمل أَن يكون المُرَاد أَنه يَأْتِي سَاقِطا لَا قدر لَهُ وَلَا جاه، أَو يعذب فِي وَجهه حَتَّى يسْقط لَحْمه لمشاكلة الْعقُوبَة فِي مَوَاضِع الْجِنَايَة من الْأَعْضَاء، لكَونه أذلّ وَجهه بالسؤال أَو أَنه يبْعَث وَوَجهه عظم كُله فَيكون ذَلِك شعاره الَّذِي يعرف بِهِ. وَقَالَ ابْن أبي جَمْرَة: مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ فِي وَجهه من الْحسن شَيْء لِأَن حسن الْوَجْه هُوَ مِمَّا فِيهِ من اللَّحْم. قَوْله:(وَقَالَ) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الشَّمْس تَدْنُو) أَي: تقرب من الدنو، وَهُوَ الْقرب، وَوجه اتِّصَال هَذَا بِمَا قبله هُوَ أَن الشَّمْس إِذا دنت يَوْم الْقِيَامَة يكون أذاها لمن لَا لحم لَهُ فِي وَجهه أَكثر وَأَشد من غَيره. قَوْله:(حَتَّى يلغ الْعرق) ، أَي: حَتَّى يتسخن النَّاس من دنو الشَّمْس فيتعرقون فَيبلغ الْعرق نصف الْأذن. قَوْله:(فبيناهم) ، قد ذكرنَا غير مرّة أَن أصل: بَينا، بَين فزيدت الْألف بإشباع فَتْحة النُّون، يُقَال: بَينا وبينما، وهما ظرفا زمَان بِمَعْنى المفاجأة، ويضافان إِلَى جملَة فعلية أَو إسمية ويحتاجان إِلَى جَوَاب يتم بِهِ الْمَعْنى، وَجَوَابه قَوْله:(اسْتَغَاثُوا) ، والأفصح فِي جَوَابه أَن لَا يكون فِيهِ إِذْ وَإِذا، كَمَا وَقع هُنَا بِدُونِ وَاحِد مِنْهُمَا، وَقد يُقَال: بَينا زيد جَالس إِذْ دخل عَلَيْهِ عَمْرو، وَإِذا دخل عَلَيْهِ عَمْرو. قَوْله:(ثمَّ بِمُحَمد) أَي: ثمَّ اسْتَغَاثُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِيه اخْتِصَار، إِذْ يستغاث بِغَيْر آدم ومُوسَى أَيْضا، وَسَيَأْتِي فِي الرقَاق فِي حَدِيث طَوِيل فِي الشَّفَاعَة ذكر من يقصدونه بَين آدم ومُوسَى وَبَين مُوسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله:(وَزَاد عبد الله) يحْتَمل التَّعْلِيق حَيْثُ لم يضفه إِلَى نَفسه وَلم يقل: زادني. قَالَ الْكرْمَانِي: وَلَعَلَّ المُرَاد بِمَا حكى الغساني عَن أبي عبد الله الْحَاكِم أَن البُخَارِيّ لم يخرج عَن عبد ابد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث فِي (الصَّحِيح) شَيْئا إِنَّه لم يخرج عَنهُ حَدِيثا تَاما مُسْتقِلّا. قلت: قد ذكرنَا عَن قريب أَنه روى عَنهُ وَلم ينْسبهُ على وَجه التَّدْلِيس. قَوْله:(زَاد عبد الله) ، هَكَذَا وَقع عِنْد أبي ذَر، وَسقط عِنْد الْأَكْثَرين. وَفِي (التَّلْوِيح) : قَول البُخَارِيّ: وَزَاد عبد الله، يَعْنِي: ابْن صَالح كَاتب اللَّيْث بن سعد، قَالَه أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ وَخلف فِي (الْأَطْرَاف) وَوَقع أَيْضا