مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(أَو صَاعا من زبيب) ، وَعبد الله بن مُنِير، بِضَم الْمِيم وَكسر النُّون وبالراء، مر فِي: بَاب الْوضُوء، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي حَكِيم، بِفَتْح الْحَاء: الْعَدنِي، بالمهملتين المفتوحتين وبالنون، مَاتَ سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَة، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
قَوْله:(عَن أبي سعيد) ، وَقد تقدم من رِوَايَة مَالك بِلَفْظ: إِنَّه سمع أَبَا سعيد. قَوْله:(كُنَّا نعطيها) أَي: صَدَقَة الْفطر. قَوْله:(فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، هَذَا حكمه حكم الرّفْع لِإِضَافَتِهِ إِلَى زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِيه إِشْعَار بِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اطلع على ذَلِك وَقَررهُ لَهُ خُصُوصا فِي هَذِه الصُّورَة الَّتِي كَانَت تُوضَع عِنْده وَتجمع بأَمْره، وَهُوَ الْآمِر بقبضها وتفريقها. قَوْله:(صَاعا من طَعَام) ، قَالَ الْخطابِيّ: المُرَاد بِالطَّعَامِ هُنَا: الْحِنْطَة، وَأَنه اسْم خَاص لَهُ، وَيسْتَعْمل فِي الْحِنْطَة عِنْد الْإِطْلَاق حَتَّى إِذا قيل: إذهب إِلَى سوق الطَّعَام، فهم مِنْهُ سوق الْقَمْح، وَإِذا غلب الْعرف نزل اللَّفْظ عَلَيْهِ، ورد عَلَيْهِ ابْن الْمُنْذر: بِأَن هَذَا غلط مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن أَبَا سعيد أجمل الطَّعَام ثمَّ فسره، ثمَّ أكد كَلَامه بِمَا رَوَاهُ حَفْص بن ميسرَة عَن زيد عَن عِيَاض على مَا يَأْتِي فِي الْبَاب الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَاب وَفِيه:(وَكَانَ طعامنا الشّعير وَالزَّبِيب والأقط وَالتَّمْر) . قلت: وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق فُضَيْل بن غَزوَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَالَ: لم تكن الصَّدَقَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا التَّمْر وَالزَّبِيب وَالشعِير وَلم تكن خَاصَّة وَقَالَ ابْن الْمُنْذر أَيْضا: لَا نعلم فِي الْقَمْح خَبرا ثَابتا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَمد عَلَيْهِ، وَلم يكن الْبر بِالْمَدِينَةِ فِي ذَلِك الْوَقْت إلَاّ الشَّيْء الْيَسِير مِنْهُ، فَلَمَّا كثر فِي زمن الصَّحَابَة رَأَوْا أَن نصف صَاع مِنْهُ يقوم مقَام صَاع من شعير، وهم الْأَئِمَّة، فَغير جَائِز أَن يعدل عَن قَوْلهم إلَاّ إِلَى قَول مثلهم، ثمَّ روى بِإِسْنَادِهِ عَن عُثْمَان وَعلي وَأبي هُرَيْرَة وَجَابِر وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَأمه أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، بأسانيد صَحِيحَة: أَنهم رَأَوْا أَن فِي زَكَاة الْفطر نصف صَاع من قَمح، وَقَالَ بَعضهم: لَكِن حَدِيث أبي سعيد دَال على أَنه لم يُوَافق على ذَلِك، وَكَذَلِكَ ابْن عمر، فَلَا إِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة، خلافًا للطحاوي.
قلت: روى الطَّحَاوِيّ أَحَادِيث كَثِيرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن أَصْحَابه من بعده وَعَن تابعيهم من بعدهمْ فِي: أَن صَدَقَة الْفطر من الْحِنْطَة نصف صَاع، وَمِمَّا سوى الْحِنْطَة صَاع، ثمَّ قَالَ: مَا علمنَا أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولامن التَّابِعين روى عَنهُ خلاف ذَلِك، فَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يُخَالف ذَلِك، إِذْ كَانَ قد صَار إِجْمَاعًا فِي زمن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، إِلَى زمن من ذكرنَا من التَّابِعين، وَكَانَ قد ذكر: النخعيّ ومجاهدا وَسَعِيد بن الْمسيب وَالْحكم ابْن عينة وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، ونهض هَذَا الْقَائِل فَقَالَ: فَلَا إِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة خلافًا للطحاوي، وَسَنَده فِي هَذَا هُوَ أَن أَبَا سعيد وَابْن عمر لم يوافقا على ذَلِك. قلت: أما أَبُو سعيد فَإِنَّهُ لم يكن يعرف فِي الْفطْرَة إلَاّ التَّمْر وَالشعِير والأقط وَالزَّبِيب، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنهُ فِي رِوَايَة: (كُنَّا نخرج على عهد