للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَله فسطاط) ، هُوَ بَيت من شعر، وَفِيه سِتّ لُغَات: فسطاط وفستاط وفساط، بِالضَّمِّ وَالْكَسْر فِيهِنَّ، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ فِيمَا مضى. قَوْله: (وسرادق) ، هِيَ وَاحِدَة السرادقات الَّتِي تحد فَوق صحن الدَّار، وكل بَيت من كُرْسُف فَهُوَ سرادق، وكل مَا أحَاط بِشَيْء فَهُوَ سرادق، وَمِنْه: {وأحاط بهم سرادقها} (الْكَهْف: ٩) . وَقيل: السرادق مَا يَجْعَل حول الخباء بَينه وَبَينه فسحة كالحائط، وَنَحْوه، وَظَاهره أَن ابْن عمر كَانَ مَعَه أَهله وَأَرَادَ سترهم بذلك لَا للتفاخر. قَوْله: (فَسَأَلته) ، فِيهِ الْتِفَات لِأَنَّهُ قَالَ أَولا: إِنَّه أَتَى ابْن عمر، فَكَانَ السِّيَاق يَقْتَضِي أَن يَقُول: فَسَأَلَهُ، وَوَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ: فَدخلت عَلَيْهِ فَسَأَلته. قَوْله: (فَرضهَا) ، أَي: قدرهَا وبيَّنها، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى الْمَوَاقِيت بِالْقَرِينَةِ الحالية، قَالَ بَعضهم: وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد: أوجبهَا، وَبِه يتم مُرَاد المُصَنّف، وَيُؤَيِّدهُ قرينَة قَول السَّائِل: من أَيْن يجوز؟ قلت: من أَيْن علم أَن البُخَارِيّ فرض الإهلال من مِيقَات من الْمَوَاقِيت حَتَّى يكون تَفْسِير قَوْله: فَرضهَا، بِمَعْنى: أوجبهَا حَتَّى يتم مُرَاده.

قَوْله: (لأهل نجد) ، النجد فِي اللُّغَة: مَا أشرف من الأَرْض واستوى، وَيجمع على: أنجد وأنجاد ونجود ونجد، بِضَمَّتَيْنِ. وَقَالَ الْقَزاز: سمي نجدا لعلوه. وَقيل: سمي بذلك لصلابة أرضه وَكَثْرَة حجارته وصعوبته، من قَوْلهم: رجل نجد إِذا كَانَ قَوِيا شَدِيدا. وَقيل: يُسمى نجد الْفَزع من يدْخلهُ لاستيحاشه واتصال فزع السالكين لَهُ، من قَوْلهم: رجل نجد، إِذا كَانَ فَزعًا، ونجد مُذَكّر. وَلَو أنثه أحد ورده على الْبَلَد لجَاز لَهُ ذَلِك، وَالْعرب تَقول: نجد ونجد، بِفَتْح النُّون وَضمّهَا. وَقَالَ الْكَلْبِيّ فِي (أَسمَاء الْبلدَانِ) : مَا بَين الْحجاز إِلَى الشَّام إِلَى العذيب إِلَى الطَّائِف، فالطائف من نجد وَأَرْض الْيَمَامَة والبحرين إِلَى عمان، وَقَالَ أَبُو عمر: نجد، مَا بَين جرش إِلَى سَواد الْكُوفَة، وحدَّه مِمَّا يَلِي الْمغرب: الْحجاز، وَعَن يسَار الْكَعْبَة الْيمن، ونجد كلهَا من عمل الْيَمَامَة. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: نجد مَا بَين العذيب إِلَى ذَات عرق وَإِلَى الْيَمَامَة وَإِلَى جبل طَيء وَإِلَى وجرة وَإِلَى الْيمن، وَالْمَدينَة لَا تهامية وَلَا نجدية، فَإِنَّهَا وفْق الْغَوْر وَدون نجد. وَقَالَ الْحَازِمِي: نجد: إسم للْأَرْض العريضة الَّتِي أَعْلَاهَا تهَامَة واليمن وَالْعراق وَالشَّام. وَقَالَ السكرِي: حد نجد ذَات عرق من نَاحيَة الْحجاز، كَمَا يَدُور الْجبَال مَعهَا إِلَى جبال الْمَدِينَة، وَمَا وَرَاء ذَلِك ذَات عرق إِلَى تهَامَة. وَقَالَ الْخطابِيّ نجد نَاحيَة الْمشرق، وَمن كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَانَ نجده بادية الْعرَاق ونواحيها، وَهِي مشرق أَهلهَا. وَذكر فِي (الْمُنْتَهى) : نجد من بِلَاد الْعَرَب، وَهُوَ خلاف الْغَوْر أَعنِي: تهَامَة وكل مَا ارْتَفع من تهَامَة إِلَى أَرض الْعرَاق فَهُوَ نجد. قَوْله: (قرنا) بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الرَّاء، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ بِفَتْحِهَا، وغلطوه، وَقَالَ الْقَابِسِيّ: من قَالَ بِالسُّكُونِ أَرَادَ الْجَبَل المشرف على الْموضع، وَمن قَالَ بِالْفَتْح أَرَادَ الطَّرِيق الَّذِي يعرف مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَوضِع فِيهِ طرق مُتَفَرِّقَة. وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي (شرح الْمسند) : وَكَثِيرًا مَا يَجِيء فِي أَلْفَاظ الْفُقَهَاء وَغَيرهم بِفَتْحِهَا، وَلَيْسَ بِصَحِيح. وَقَالَ ابْن التِّين: روناه بِالسُّكُونِ، وَعَن الشَّيْخ أبي الْحسن أَن الصَّوَاب فتحهَا، وَعَن الشَّيْخ أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن: إِن قلت: قرن الْمنَازل، أسكنته، وَإِن قلت: قرنا، فتحت. قلت: لما قَالَه الْجَوْهَرِي بالفتج، وَمِنْه أويس الْقَرنِي، وَقَالَ النسابون: أُويس مَنْسُوب إِلَى قرن، بالفتج: اسْم قَبيلَة، وَهُوَ على يَوْم وَلَيْلَة من مَكَّة. وَقَالَ ابْن قرقول: هُوَ قرن الْمنَازل وَقرن الثعالب وَقرن غير مُضَاف، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض الرِّوَايَة كتبت بِدُونِ الْألف، فَهُوَ إِمَّا بِاعْتِبَار العلمية والتأنيث، وَإِمَّا على اللُّغَة الربيعية حَيْثُ يقفون على الْمنون بِالسُّكُونِ فَيكْتب بِدُونِ الْألف، لَكِن يقْرَأ بِالتَّنْوِينِ. انْتهى. قلت: على الْوَجْه الأول هُوَ غير منصرف للعلمية والتأنيث، فَلَا يقْرَأ بِالتَّنْوِينِ.

قَوْله: (ذَا الحليفة) أَي: عين لأهل الْمَدِينَة ذَا الحليفة، وَقد فسرناها عَن قريب. قَوْله: (وَلأَهل الشَّام الْجحْفَة) ، أَي: قدر الْجحْفَة، وَهِي بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة. وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ قريبَة جَامِعَة بهَا مِنْبَر، بَينهَا وَبَين الْبَحْر سِتَّة أَمْيَال، وغدير خم على ثَلَاثَة أَمْيَال مِنْهَا، وَهِي مِيقَات المتوجهين من الشَّام ومصر وَالْمغْرب، وَهِي على ثَلَاثَة مراحل من مَكَّة أَو أَكثر، وعَلى ثَمَانِيَة مراحل من الْمَدِينَة، سميت بذلك لِأَن السُّيُول أجحفت بِمَا حولهَا. وَقَالَ الْكَلْبِيّ: أخرجت العماليق بني عبيل، وهم أخوة عَاد، من يثرب فنزلوا الْجحْفَة، وَكَانَ اسْمهَا: مهيعة، فَجَاءَهُمْ السَّيْل فأجحفتهم، فسميت الْجحْفَة، وَفِي كتاب (أَسمَاء الْبلدَانِ) : لِأَن سيل الجحاف نزل بهَا. فَذهب بِكَثِير من الْحَاج وبأمتعة النَّاس ورحالهم، فَمن ذَلِك سميت: الْجحْفَة. وَقَالَ أَبُو عبيد، وَقد سَمَّاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مهيعة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْهَاء وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالْعين الْمُهْملَة، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قَالَ بَعضهم

<<  <  ج: ص:  >  >>