للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّبَب وَيدخل فِيهِ جَمِيع النَّاس. قَوْله: {مُخلصين} حَال من الضَّمِير الَّذِي فِي (أمروا) ، وَقَوله: (الدّين) مَنْصُوب بِهِ. قَوْله: (حنفَاء) ، حَال أُخْرَى، جمع حنيف، وَهُوَ المائل عَن الضلال إِلَى الْهِدَايَة. قَوْله: (ويقيموا الصَّلَاة) عطف على قَوْله: (ليعبدوا الله) من بَاب عطف الْخَاص على الْعَام، وَفِيه تَفْضِيل للصَّلَاة وَالزَّكَاة على سَائِر الْعِبَادَات وَقد مر معنى إِقَامَة الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة.

٤٦ - حدّثنا إسْماعِيلُ قَالَ حدّثني مالِكُ بْنُ أنَسٍ عَنْ عَمِّهِ أبي سُهَيْلٍ بْنِ مالِكَ عَنْ أبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ أهْلِ نَجْدٍ ثائِرُ الرَّأسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ مَا يقُولُ حَتَّى دَنا فإذَا هوَ يَسْأَلُ عَنِ الإسْلَامِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَمْسُ صَلَواتٍ فِي اليَوْمِ واللَّيُلَةِ فَقَالَ هَلْ عَليَّ غَيْرُها قَالَ لَا إِلَّا أنْ تَطَّوَّعَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصِيَامُ رَمَضانَ قَالَ هَلْ عَليَّ غَيْرُهُ قَالَ لَا إلَاّ أنْ تَطَّوَّع قَال وذَكرَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزَّكاةَ قَالَ هَلْ عَليَّ غَيْرُهَا قالَ لَا إلَاّ أنْ تَطَّوَّعَ قالَ فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهوَ يَقُولُ واللَّهِ لَا أزِيدُ عَلَى هَذَا ولَا أنْقُصُ قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفْلَحَ إنْ صَدَقَ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن التَّرْجَمَة: الزَّكَاة من الْإِسْلَام، وَمَوْضِع الدّلَالَة فِي الحَدِيث هُوَ قَوْله: فَإِذا هُوَ يسْأَله عَن الْإِسْلَام، فَذكر الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالزَّكَاة، وَهَذَا ظَاهر فِي كَونهَا من الْإِسْلَام، وَكَذَلِكَ مطابقته لِلْآيَةِ ظَاهِرَة من حَيْثُ أَن الْمَذْكُور فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا الصَّلَاة وَالزَّكَاة.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، وَهُوَ إِسْمَاعِيل بن عبد الله الأصبحي الْمدنِي، ابْن أُخْت الإِمَام مَالك بن أنس، شَيْخه وخاله وَأَبُو أويس ابْن عَم مَالك وَقد مر فِي بَاب تفاضل أهل الْإِيمَان. الثَّانِي: مَالك بن أنس الإِمَام الْمَشْهُور، وَقد مر غير مرّة. الثَّالِث: عَمه أَبُو سُهَيْل، وَهُوَ نَافِع بن مَالك بن أبي عَامر الْمدنِي وَقد مر. الرَّابِع: أَبوهُ وَهُوَ مَالك بن أبي عَامر، وَقد مر. الْخَامِس: أَبُو مُحَمَّد طَلْحَة بن عبيد الله بن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب الْقرشِي التَّيْمِيّ، أحد الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، يجْتَمع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَب السَّابِع مثل أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ، أسلمت أمه وَهَاجَرت، شهد الْمشَاهد كلهَا إلَاّ بَدْرًا كسعيد بن زيد، وَقد ضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسهمه وآجره فِيهَا، وَكَانَ الصّديق، رَضِي الله عَنهُ، إِذا ذكر أحدا قَالَ: ذَلِك يَوْم كُله لطلْحَة، وَقد وهم البُخَارِيّ فِي قَوْله: إِن سعيد بن زيد مِمَّن حضر بَدْرًا، وَهُوَ أحد الثَّمَانِية الَّذين سبقوا إِلَى الْإِسْلَام، والخمسة الَّذين أَسْلمُوا على يَد الصّديق، رَضِي الله عَنهُ، والستة أَصْحَاب الشورى الَّذين توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ عَنْهُم رَاض، وَهُوَ مِمَّن ثَبت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد ووقاه بِيَدِهِ ضَرْبَة قصد بهَا فشلت، رَمَاه مَالك بن زُهَيْر يَوْم أحد، فاتقى طَلْحَة بِيَدِهِ عَن وَجه رَسُول الله، عَلَيْهِ السَّلَام، فَأصَاب خِنْصره، فَقَالَ حِين أَصَابَته الرَّمية: حيس، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو قَالَ: بِسم الله لدخل الْجنَّة وَالنَّاس ينظرُونَ. وَقيل: جرح فِي ذَلِك الْيَوْم خمْسا وَسبعين جِرَاحَة، وشلت أصبعاه، وَسَماهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، طَلْحَة الْخَيْر، وَطَلْحَة الْجواد. رُوِيَ لَهُ ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ حَدِيثا، اتفقَا مِنْهَا على حديثين، وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بحديثين، وَمُسلم بِثَلَاثَة، قتل يَوْم الْجمل، أَتَاهُ سهم لَا يدْرِي من وَرَاءه، واتتهم بِهِ مَرْوَان، لعشر خلون من جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ عَن أَربع وَسِتِّينَ سنة، وَقيل: اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَقيل: ثَمَان وَخمسين، وقبره بِالْبَصْرَةِ، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: دفن بقنطرة قُرَّة، ثمَّ رَأَتْ بنته بعد ثَلَاثِينَ سنة فِي الْمَنَام أَنه يشكو إِلَيْهَا النداوة، فَأمرت فاستخرج طريا وَدفن فِي دَار الهجرتين بِالْبَصْرَةِ، وقبره مَشْهُور، رَضِي الله عَنهُ، روى لَهُ الْجَمَاعَة. وَطَلْحَة فِي الصَّحَابَة جمَاعَة، وَطَلْحَة بن عبيد الله اثْنَان: هَذَا أَحدهمَا، وَثَانِيهمَا التَّيْمِيّ، وَكَانَ يُسمى أَيْضا: طَلْحَة الْخَيْر، فأشكل على النَّاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>