للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُسَمّى بِالْحجرِ. قَوْله (وألزقته) ، أَي: أَلْصَقته بِحَيْثُ يكون بَابه على وَجه الأَرْض غير مُرْتَفع. قَوْله: (بَابا شرقيا) ، هُوَ مثل الْمَوْجُود الْيَوْم، فَفِيهِ ثَلَاث تَصَرُّفَات على خلاف مَا بنى إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام. قَوْله: (فَذَلِك الَّذِي حمل ابْن الزبير) أَي عبد الله بن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، على هَدمه أَي: هدم الْبَيْت، وَزَاد وهب فِي رِوَايَته: وبنائه. قَوْله: (قَالَ يزِيد) ، هُوَ ابْن رُومَان، أَي: قَالَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (وَشهِدت ابْن الزبير) إِلَى قَوْله: (كأسنمة الْإِبِل) ، هَكَذَا ذكره يزِيد ابْن رُومَان مُخْتَصرا، وَقد رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح مطولا، فَقَالَ: حَدثنَا هناد بن السّري، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي زَائِدَة، قَالَ: أخبرنَا ابْن أبي سُلَيْمَان (عَن عَطاء قَالَ: لما احْتَرَقَ الْبَيْت، زمن يزِيد بن مُعَاوِيَة حِين غزاه أهل الشَّام فَكَانَ من أمره مَا كَانَ، تَركه ابْن الزبير حَتَّى قدم النَّاس الْمَوْسِم يُرِيد أَن يخزيهم أَو يحزنهم على أهل الشَّام، فَلَمَّا صدر النَّاس قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس! أَشِيرُوا عليَّ فِي الْكَعْبَة أنقضها ثمَّ أبني بناءها وَأصْلح مَا وَهَى مِنْهَا؟ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَأَنِّي قد فرق لي رَأْي فِيهَا، أرى أَن تصلح مَا وهَى مِنْهَا وَتَدَع بَيْتا أسلم النَّاس عَلَيْهِ، وأحجارا أسلم النَّاس عَلَيْهَا، وَبعث عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ ابْن الزبير: لَو كَانَ أحدكُم احْتَرَقَ بَيته مَا رَضِي حَتَّى يجدده، فَكيف بَيت ربكُم؟ إِنِّي مستخير رَبِّي ثَلَاثًا، ثمَّ عازم على أَمْرِي، فَلَمَّا مَضَت ثَلَاث أجمع رَأْيه على أَن ينْقضه، فتحاماه النَّاس أَن ينزل بِأول النَّاس يصعد فِيهِ أَمر من السَّمَاء، حَتَّى صعده رجل فَألْقى مِنْهُ حِجَارَة، فَلَمَّا لم يره النَّاس أَصَابَهُ تتابعوا فنقضوه حَتَّى بلغُوا بِهِ الأَرْض، فَجعل ابْن الزبير أعمدة فَستر عَلَيْهَا الستور تى ارْتَفع بِنَاؤُه، وَقَالَ ابْن الزبير: سَمِعت عَائِشَة تَقول: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَوْلَا أَن النَّاس حَدِيث عَهدهم بِكفْر، وَلَيْسَ عِنْدِي من النَّفَقَة مَا يقوى على بنائِهِ لَكُنْت أدخلت فِيهِ من الْحجر خَمْسَة أَذْرع، ولجعلت لَهُ بَابا يدْخل مِنْهُ النَّاس، وبابا يخرجُون مِنْهُ. قَالَ: فَأَنا الْيَوْم أجد مَا أنْفق وَلست أَخَاف النَّاس. قَالَ: فَزَاد فِيهِ خَمْسَة أَذْرع من الْحجر حَتَّى أبدى أُسّا نظر النَّاس إِلَيْهِ فَبنى عَلَيْهِ الْبناء، وَكَانَ ذول الْكَعْبَة ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا، فَلَمَّا زَاد فِيهِ استقصره، فَزَاد فِي طوله عشرَة أَذْرع، وَجعل لَهُ مَا بَين أَحدهمَا بَابَيْنِ: يدْخل مِنْهُ، وَالْآخر يخرج مِنْهُ، فَلَمَّا قتل ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كتب الْحجَّاج إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان يُخبرهُ بذلك، ويخبره أَن ابْن الزبير قد وضع الْبناء على أسٍّ نظر إِلَيْهِ الْعُدُول من أهل مَكَّة، فَكتب إِلَيْهِ عبد الْملك إِنَّا لسنا من تلطيخ ابْن الزبير فِي شَيْء، أما مَا زَاد من طوله فأقره، وَأما مَا زَاد فِيهِ من الْحجر فَرده إِلَى بنائِهِ، وسُدَّ الْبَاب الَّذِي فَتحه، فنقضه وَأَعَادَهُ إِلَى بنائِهِ. قَوْله: (وبناه) أَي: بنى الْبَيْت. قَالَ ابْن سعد: لم يبن ابْن الزبير الْكَعْبَة حَتَّى حج بِالنَّاسِ سنة أَربع وَسِتِّينَ، ثمَّ بناها حِين اسْتقْبل سنة خمس وَسِتِّينَ، وَحكي عَن الْوَاقِدِيّ أَنه رد ذَلِك، وَقَالَ: الأثبت أَنه ابْتَدَأَ بناءها بعد رحيل الْجَيْش لسَبْعين يَوْمًا. وَقَالَ الْأَزْرَقِيّ: كَانَ ذَلِك فِي نصف جمادي الْآخِرَة سنة أَربع وَسِتِّينَ، وَيُمكن الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن يكون ابْتِدَاء الْبناء فِي ذَلِك الْوَقْت، وامتد أمده إِلَى الْمَوْسِم ليراه أهل الْآفَاق، ليشنع بذلك على بني أُميَّة، وَفِي (تَارِيخ المسجى) : كَانَ الْفَرَاغ من بِنَاء الْبَيْت فِي سنة خمس وَسِتِّينَ، وَزَاد الْمُحب الطَّبَرِيّ أَنه: كَانَ فِي شهر رَجَب. قلت: الْجَيْش هُوَ جَيش الشَّام من قبل يزِيد بن مُعَاوِيَة، وَكَانَ أَمِيرهمْ الْحصين بن نمير، وَمَا ارتحلوا من مَكَّة حَتَّى أَتَاهُم موت يزِيد بن مُعَاوِيَة، وَذَلِكَ بعد أَن أفسدوا فِي حرم الله تَعَالَى وسفكوا الدِّمَاء وأوهنوا الْكَعْبَة من حِجَارَة المجانيق. قَوْله: (وَقد رَأَيْت) ، الرَّائِي يزِيد بن رُومَان. قَوْله: (كأسنمة الْإِبِل) ، الأسنمة: جمع سَنَام، وَفِي (كتاب مَكَّة) للفاكهي، من طَرِيق أبي أويس عَن يزِيد بن رُومَان. فكشفوا لَهُ، أَي لِابْنِ الزبير، عَن قَوَاعِد إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، وَهِي صَخْر أَمْثَال الْخلف من الْإِبِل، ورأوه بنيانا مربوطا بعضه بِبَعْض، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق من طَرِيق ابْن سابط عَن يزِيد: أَنهم كشفوا عَن الْقَوَاعِد، فأذا الْحجر مثل الْخلقَة، وَالْحِجَارَة مشبك بَعْضهَا بِبَعْض، وَفِي رِوَايَة للفاكهي عَن عَطاء، قَالَ: كنت فِي الْأَبْنَاء الَّذين جمعُوا على حفره، فَحَفَرُوا قامة وَنصفا، فَهَجَمُوا على حِجَارَة لَهَا عروق تتصل بزرد عروق الْمَرْوَة، فضربوه فارتجت قَوَاعِد الْبَيْت، فَكبر النَّاس، فَبنى عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة مرْثَد عِنْد عبد الرَّزَّاق: فكشف عَن ربض فِي الْحجر آخذ بعضه بِبَعْض، فَتَركه مكشوفا ثَمَانِيَة أَيَّام ليشهدوا عَلَيْهِ، فَرَأَيْت ذَلِك الربض مثل خلف الْإِبِل، وَجه حجر وَوجه حجر وَوجه حجران، وَرَأَيْت الرجل يَأْخُذ العثلة فَيضْرب بهَا من نَاحيَة الرُّكْن فيهتز الرُّكْن الآخر. قلت: الْخلف، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام وَفِي آخِره فَاء، قَالَ الْجَوْهَرِي: الْخلف الْمَخَاض، وَهِي

<<  <  ج: ص:  >  >>