للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم ينْظرُوا وَلم يتجروا، وَقَرَأَ ابْن عَامر: قيمًا، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ قيَاما، وَأَصله: قواما، وَيُقَال معني: قيَاما، معالم للحق، وَقَالَ مقَاتل: يَعْنِي علما لقبلتهم يصلونَ إِلَيْهَا، وَقَالَ سعيد بن جُبَير صلاحا لدينهم. قَوْله: {والشهر الْحَرَام} وَهُوَ الشَّهْر الَّذِي يُؤَدِّي فِيهِ الْحَج، وَهُوَ ذُو الْحجَّة، لِأَن اخْتِصَاصه من بَين الْأَشْهر بِإِقَامَة موسم الْحَج فِيهِ، شَأْنًا عرفه الله تَعَالَى، وَقيل: عَنى بِهِ جنس أشهر الْحرم. قَوْله: {وَالْهَدْي} وَهُوَ مَا يهدي بِهِ قَوْله: {والقلائد} يَعْنِي المقلدات أَو ذَات القلائد، وَالْمعْنَى: جعل الله الشَّهْر الْحَرَام وَالْهَدْي والقلائد أمنا للنَّاس لأَنهم إِذا توجهوا إِلَى مَكَّة وقلدوا الْهَدْي أمنُوا من الْعَدو، لِأَن الْحَرْب كَانَت قَائِمَة بَين الْعَرَب إلَاّ فِي الْأَشْهر الْحرم، فَمن لقوه على هَذِه الْحَالة لم يتَعَرَّضُوا لَهُ. قَوْله: (ذَلِك) ، إِشَارَة إِلَى جعل الْكَعْبَة قيَاما للنَّاس، أَو إِلَى مَا ذكر من حفظ حُرْمَة الْإِحْرَام بترك الصَّيْد وَغَيره،، قَوْله: {وَإِن الله بِكُل شَيْء عليم} أَي: من السِّرّ وَالْعَلَانِيَة.

١٩٥١ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ حدَّثنا زِيادُ بنُ سَعْدٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشةِ.

(الحَدِيث ١٩٥١ طرفه فِي: ٦٩٥١) .

مطابقته للتَّرْجَمَة قد ذَكرنَاهَا آنِفا. وَرِجَاله سِتَّة: عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَزِيَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن سعد بن عبد الرَّحْمَن، يكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن الْخُرَاسَانِي من أهل بَلخ يُقَال إِنَّه من الْعَرَب سكن مَكَّة وانتقل مِنْهَا إِلَى الْيمن فسكن فِي قَرْيَة إسمها: عك، وَمَات بهَا، يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَابْن أبي عمر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج، وَفِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة بن سعيد.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (يخرب الْكَعْبَة) فعل ومفعول (وَذُو السويقتين) فَاعله، وَهَذِه تَثْنِيَة سويقة، والسويقة مصغر السَّاق، وَألْحق بهَا التَّاء فِي التصغير لِأَن السَّاق مُؤَنّثَة، والتصغير للتحقير، وَالْإِشَارَة إِلَى الدقة لِأَن فِي سيقان الْحَبَشَة دقة وخموشة، وَالتَّقْدِير: يخرب الْكَعْبَة ضَعِيف من هَذِه الطَّائِفَة. قَوْله: (من الْحَبَشَة) كلمة: من، بَيَانِيَّة أَي من هَذَا الْجِنْس من بني آدم. قَالُوا: الْحَبَش جنس من السودَان، وهم الأحبش والحبشان والحبشة، لَيْسَ بِصَحِيح فِي الْقيَاس لِأَنَّهُ لَا وَاحِد لَهُ على مِثَال فَاعل، فَيكون مكسرا على فعله، والأحبوش جمَاعَة الْحَبَش قَالَ العجاج.

(كَأَن صيران المهى الأخلاط ... والرمل أحبوش من الأنباط)

وَقيل: هم الْجَمَاعَة أيا كَانُوا لأَنهم إِذا اجْتَمعُوا اسودوا. وَفِي (الصِّحَاح) : الْحَبَش والحبشة جنس من السودَان، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: فَأَما قَوْلهم: الْحَبَشَة، فعلى غير قِيَاس، وَقد قَالُوا: حبشان أَيْضا، وَلَا أَدْرِي كَيفَ هُوَ. قلت: إنكارهم لفظ الْحَبَشَة على هَذَا الْوَزْن لَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ ورد فِي لفظ الفصيح، بل أفْصح النَّاس، وَقَالَ الرشاطي: وهم من ولد كوش بن حام، وهم أَكثر مُلُوك السودَان وَجَمِيع ممالك السودَان يُعْطون الطَّاعَة للحبش.

وَقَالَ أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي: كَانَ أَوْلَاد حام سَبْعَة أخوة كأولاد سَام: السَّنَد والهند والزنج والقبط والحبشة والنوبة وكنعان، فَأخذُوا مَا بَين الْجنُوب وَالدبور وَالصبَا. وروى سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا خير فِي الْحَبَش، إِن جَاعُوا سرقوا، وَإِن شَبِعُوا زنوا، وَإِن فيهم حسنتين إطْعَام الطَّعَام وإلباس يَوْم الْبَأْس) . وَقَالَ ابْن هِشَام فِي (التيجان) : أول من جرى لِسَان الْحَبَشَة على لِسَانه سحلب بن أداد بن ناهس بن سرعَان بن حام بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، ثمَّ تولدت من هَذَا اللِّسَان ألسن استخرجت مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الأَصْل.

وَجَاء فِي تخريب الْكَعْبَة أَحَادِيث. مِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة، بوب عَلَيْهِ البُخَارِيّ بقوله: بَاب هدم الْكَعْبَة، على مَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ بِسَنَد صَحِيح فِي: يُبَايع لرجل بَين الرُّكْن وَالْمقَام، وَأول من يسْتَحل هَذَا الْبَيْت أَهله، فَإِذا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا تسْأَل عَن هلكة الْعَرَب ثمَّ تَجِيء الْحَبَشَة فيخربونه خرابا لَا يعمر بعده، وهم الَّذين يستخرجون كنزه، وَذكر الْحَلِيمِيّ: أَن ذَلِك فِي زمن عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، وَأَن الصَّرِيخ يَأْتِيهِ بِأَن ذَا السويقتين قد سَار إِلَى الْبَيْت يهدمه فيبعث، إِلَيْهِ عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، طَائِفَة بَين الثمان إِلَى التسع. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم بِسَنَد فِيهِ مَجْهُول: كَأَنِّي أنظر إِلَى أصيلع أَقرع أفحج على ظهر الْكَعْبَة يَهْدِمهَا بالكرزنة. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتركوا الْحَبَشَة

<<  <  ج: ص:  >  >>