للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَيحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ، وَاللَّيْث هُوَ ابْن سعيد الْمصْرِيّ، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ وَحميد، بِضَم الْحَاء: ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقطعَة وافرة من الحَدِيث مَضَت فِي: بَاب مَا يستر من الْعَوْرَة، فِي كتاب الصَّلَاة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن ابْن أخي ابْن شهَاب عَن معن عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بَعثه) أَي: بعث أَبَا هُرَيْرَة. قَوْله: (فِي الْحجَّة الْبَيْت أمره عَلَيْهَا) ، بتَشْديد الْمِيم، أَي: جعله أَمِيرا عَلَيْهَا. وَقَالَ التَّيْمِيّ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، سنة تسع من الْهِجْرَة ليحج بِالنَّاسِ، وَكَانَ مَعَه أَبُو هُرَيْرَة. وَقَالَ السُّهيْلي: كَانَ سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قدم من تَبُوك أَرَادَ الْحَج، فَذكر مُخَالطَة الْمُشْركين للنَّاس فِي حجهم وتلبيتهم بالشرك وطوافهم عُرَاة بِالْبَيْتِ، وَكَانُوا يقصدون بذلك أَن يطوفوا، كَمَا ولدُوا بِغَيْر الثِّيَاب الَّتِي أذنبوا فِيهَا وظلموا، فَأمْسك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحَج فِي ذَلِك الْعَام، وَبعث أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِسُورَة بَرَاءَة لينبذ إِلَى كل ذِي عهد عَهده من الْمُشْركين إلَاّ بعض بني بكر الَّذين كَانَ لَهُم عهد إِلَى أجل خَاص، ثمَّ أرْدف بعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَرجع أَبُو بكر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَل أنزل فِي قُرْآن؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن أردْت أَن يبلغ عني من هُوَ من أهل بَيْتِي. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَأمرنِي عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن أَطُوف فِي الْمنَازل من منى بِبَرَاءَة، فَكنت أصيح حَتَّى صَحِلَ حلقي، فَقيل لَهُ: بِمَ كنت تنادي؟ قَالَ: بِأَرْبَع: أَن لَا يدْخل الْجنَّة إلَاّ مُؤمن، وَأَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك، وَأَن لَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان، وَمن كَانَ لَهُ عهد فَلهُ أجل أَرْبَعَة أشهر. ثمَّ لَا عهد لَهُ. وَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذا سمعُوا النداء بِبَرَاءَة يَقُولُونَ لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: سَتَرَوْنَ بعد الْأَرْبَعَة أشهر بِأَنَّهُ لَا عهد بَيْننَا وَبَين ابْن عمك إلَاّ الطعْن وَالضَّرْب، ثمَّ إِن النَّاس فِي تِلْكَ الْمدَّة رَغِبُوا فِي الْإِسْلَام حَتَّى دخلُوا فِيهِ طَوْعًا وَكرها. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: لما خرج أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى الْحَج نزل صدر بَرَاءَة بعده، فَقيل: يَا رَسُول الله لَو بعثت بهَا إِلَى أبي بكر، فَقَالَ: إِنَّه لَا يُؤَدِّيهَا عني إلَاّ رجل من أهل بَيْتِي، ثمَّ دَعَا عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأرْسلهُ، فَخرج رَاكِبًا على نَاقَة سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العضباء حَتَّى أدْرك أَبَا بكر بالعرج، فَقَالَ لَهُ: أَبُو بكر: استعملك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْحَج؟ قَالَ: لَا وَلَكِن بَعَثَنِي بِقِرَاءَة بَرَاءَة على النَّاس.

قَالُوا: وَالْحكمَة فِي إِعْطَاء بَرَاءَة لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَن فِيهَا نقض الْعَهْد، وَكَانَت سيرة الْعَرَب أَنه لَا يحل العقد إلَاّ الَّذِي عقده أَو رجل من أهل بَيته، فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقطع أَلْسِنَة الْعَرَب بِالْحجَّةِ. وَقيل: إِن فِي سُورَة بَرَاءَة فَضِيلَة لأبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهِي {ثَانِي اثْنَيْنِ} (بَرَاءَة (التَّوْبَة) : ٠٤) . فَأَرَادَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكون يَقْرَأها غَيره.

قَوْله: (يَوْم النَّحْر) ، ظرف لقَوْله: بَعثه. قَوْله: (فِي رَهْط) أَي: فِي جملَة رَهْط، والرهط من الرِّجَال مَا دون الْعشْرَة، وَقيل: إِلَى الْأَرْبَعين، وَلَا يكون فيهم امْرَأَة، وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَيجمع على: أرهط وأرهاط وأراهط جمع القَوْل. قَوْله: (يُؤذن) ، الضَّمِير فِيهِ رَاجع إِلَى الرَّهْط بِاعْتِبَار اللَّفْظ، وَيجوز أَن يكون لأبي هُرَيْرَة على الِالْتِفَات، وَهُوَ من الإيذان وَهُوَ الْإِعْلَام. قَوْله: (ألَا لَا يحجّ) ، كلمة: ألَا، بِفَتْح الْهمزَة، واللَاّم المخففة تَأتي على أوجه، وَلَكِن هُنَا للتّنْبِيه، فتدل على تحقق مَا بعْدهَا. قَوْله: (لَا يحجّ) نفي، وفاعله، قَوْله: مُشْرك، ويروى: أَن لَا يحجّ، بِالنّصب بِكَلِمَة: أَن، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي التَّفْسِير: أَن لَا يَحُجن، بنُون التَّأْكِيد، وَفِي بعض النّسخ: ألَاّ بِفَتْح الْهمزَة: يحجّ، وبتشديد اللَاّم، وَعَلِيهِ تكلم الْكرْمَانِي، فَقَالَ: إِن أَصله: أَن لَا يحجّ، وَأَن مخففةٍ من الثَّقِيلَة أَي: أَن الشَّأْن. قلت: تَقْدِيره أَنه لَا يحجّ، فَيكون: لَا يحجّ، مَرْفُوعا على كل حَال. قَوْله: (وَلَا يطوف) ، بِالرَّفْع عطفا على: لَا يحجّ، وعَلى رِوَايَة: أَن لَا يحجّ، يكون بِالنّصب عطفا عَلَيْهِ. وَقَوله: (عُرْيَان) فَاعل: لَا يطوف، وَفِي مُسلم عَن هِشَام عَن أَبِيه عُرْوَة، قَالَ: كَانَت الْعَرَب يطوفون عُرَاة، إلَاّ أَن يعطيهم الحمس ثيابًا، فيعطي الرِّجَال الرِّجَال وَالنِّسَاء النِّسَاء، وَكَانَت الحمس لَا يخرجُون من الْمزْدَلِفَة، وَكَانَ النَّاس كلهم يبلغون عَرَفَات، وروى مُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة مُسلم البطين عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة تَطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَانَة، وَتقول:

(الْيَوْم يَبْدُو بعضه أَو كُله ... فَمَا بدا مِنْهُ فَلَا أحله)

فَنزلت: {يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} (الْأَعْرَاف: ١٣) . وَذكر الْأَزْرَقِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَت قبائل الْعَرَب من بني عَامر وَغَيرهم يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة، الرِّجَال بِالنَّهَارِ وَالنِّسَاء بِاللَّيْلِ، فَإِذا بلغ أحدهم بَاب الْمَسْجِد قَالَ للحمس: من يعير معوزا؟ فَإِن أَعَارَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>