بهَا دون غَيرهَا من الْمِيَاه، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب. وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب كَيفَ فرضت الصَّلَاة فِي الْإِسْرَاء، فِي أول كتاب الصَّلَاة مُسْندًا عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَر يحدث ... إِلَى آخِره، وَذكره هُنَا مُخْتَصرا مُعَلّقا عَن عَبْدَانِ، واسْمه عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي عَن عبد الله ابْن الْمُبَارك الْمروزِي عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصىً.
٧٣٦١ - حدَّثنا محَمَّدٌ هُوَ ابنُ سَلامٍ قَالَ أخبرنَا الْفَزَارِيُّ عنْ عاصِمٍ عنِ الشَّعْبِيِّ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا حدَّثَهُ قَالَ سَقَيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وهْوَ قائِمٌ قالَ عَاصِمٌ فحَلَفَ عِكْرَمَةُ مَا كانَ يَوْمَئِذٍ إلَاّ عَلى بَعِيرٍ.
(الحَدِيث ٧٣٦١ طرفه فِي: ٧١٦٥) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ ذكر زَمْزَم.
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن سَلام بن الْفرج أَبُو عبد الله البيكندي. الثَّانِي: الْفَزارِيّ، بِكَسْر الْفَاء بعْدهَا الزَّاي، وَهُوَ مَرْوَان بن مُعَاوِيَة. الثَّالِث: عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول. الرَّابِع: عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ. الْخَامِس: عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس. السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَأَنه ذكر مُجَردا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: هُوَ ابْن سَلام، بِذكر أَبِيه. وَفِيه: أَن الْفَزارِيّ وَالشعْبِيّ كوفيان، وَأَن عَاصِمًا بَصرِي. وَفِيه: أَن الْفَزارِيّ وَالشعْبِيّ مذكوران بِالنِّسْبَةِ، وَأَن شَيْخه فِي أَكثر الرِّوَايَة وعاصما مذكوران مجردين عَن النِّسْبَة.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن أبي نعيم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة عَن أبي كَامِل الجحدري، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وَعَن شُرَيْح بن يُونُس وَعَن يَعْقُوب الدَّوْرَقِي وَإِسْمَاعِيل بن سَالم وَعَن عبد الله بن معَاذ وَعَن مُحَمَّد بن بشار وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَشْرِبَة عَن أَحْمد بن منيع، وَفِي الشَّمَائِل عَن عَليّ بن حجر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج عَن عَليّ بن حجر بِهِ، وَعَن زِيَاد بن أَيُّوب وَعَن يَعْقُوب الدَّوْرَقِي. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَشْرِبَة عَن سُوَيْد بن سعيد.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَهُوَ قَائِم) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: (فَحلف عِكْرِمَة: مَا كَانَ) أَي: مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ يَعْنِي يَوْم سقى ابْن عَبَّاس، رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من مَاء زَمْزَم، وَفِي لفظ ابْن مَاجَه، قَالَ عَاصِم: فَذكرت ذَلِك لعكرمة فَحلف بِاللَّه مَا فعل! أَي: مَا شرب قَائِما لِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ رَاكِبًا.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: الرُّخْصَة فِي الشّرْب قَائِما. وَقيل: إِن الشّرْب من زَمْزَم من غير قيام يشق لارْتِفَاع مَا عَلَيْهَا من الْحَائِط. وَقَالَ ابْن بطال: أَرَادَ البُخَارِيّ أَن الشّرْب من مَاء زَمْزَم من سنَن الْحَج. فَإِن قلت: روى ابْن جرير عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه كَانَ لَا يشرب مِنْهَا فِي الْحَج قلت: لَعَلَّه إِنَّمَا تَركه لِئَلَّا يظنّ أَن شربه من الْفَرْض اللَّازِم، وَقد فعله أَولا مَعَ أَنه كَانَ شَدِيد الِاتِّبَاع للآثار، بل لم يكن أحدا تبع لَهَا مِنْهُ، وَنَصّ أَصْحَاب الشَّافِعِي على شربه، وَقَالَ وهب بن مُنَبّه: نجدها فِي كتاب الله: شراب الْأَبْرَار، وَطَعَام طعم وشفاء سقم، لَا تنزح وَلَا تزم، من شرب مِنْهَا حَتَّى يتضلع أحدثت لَهُ شِفَاء وأخرجت عَنهُ دَاء.
وَاعْلَم أَنه رُوِيَ فِي الشّرْب قَائِما أَحَادِيث كَثِيرَة. مِنْهَا: النَّهْي عَن ذَلِك، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ مُسلم بقوله: بَاب الزّجر عَن الشّرْب قَائِما. وَحدثنَا هداب بن خَالِد حَدثنَا همام حَدثنَا قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، زجر عَن الشّرْب قَائِما، وَفِي لفظ لَهُ عَن أنس عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه نهى أَن يشرب الرجل قَائِما. قَالَ قَتَادَة: فَقُلْنَا: فالأكل؟ قَالَ: ذَاك أَشد وأخبث. وَفِي رِوَايَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، زجر عَن الشّرْب قَائِما. وَفِي لفظ: نهى عَن الشّرْب قَائِما، وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا يشربن أحدكُم قَائِما، فَمن نسي فليستق) . وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْجَارُود بن الْمُعَلَّى أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن الشّرْب قَائِما. وَمِنْهَا: إِبَاحَة الشّرْب قَائِما، فَمن ذَلِك