للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرخص فِي أَيَّام التَّشْرِيق أَن يضمن إلَاّ لمن لم يجد الْهَدْي، وروى الطَّحَاوِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْمُتَمَتّع: إِذا لم يجد الْهَدْي وَلم يصم فِي الْعشْر أَنه يَصُوم أَيَّام التَّشْرِيق، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا فِي سنَنه؟ قلت: رُوِيَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن هَذِه الْأَيَّام أَيَّام أكل وَشرب، وَأَرَادَ بِهَذِهِ الْأَيَّام أَيَّام التَّشْرِيق، مِنْهُم عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرج حَدِيثه الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد حسن عَنهُ، أَنه قَالَ: (خرج مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَيَّام التَّشْرِيق فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَيَّام أَيَّام وَأكل وَشرب) . وَقد أخرج الطَّحَاوِيّ أَحَادِيث نهي الصَّوْم فِي أَيَّام التَّشْرِيق عَن سِتَّة عشر نفسا من الصَّحَابَة ذَكَرْنَاهُمْ فِي (شرحنا لمعاني الْآثَار) للطحاوي، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: لما ثَبت بِهَذِهِ الْآثَار عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّهْي عَن صِيَام أَيَّام التَّشْرِيق، وَكَانَ نَهْيه عَن ذَلِك بمنى والحاج مقيمون بهَا وَفِيهِمْ المتمتعون والقارنون، وَلم يسْتَثْن مِنْهُم مُتَمَتِّعا، وَلَا قَارنا، دخل فِيهِ المتمتعون والقارنون فِي ذَلِك النَّهْي. وَأما الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ سَالم عَن أَبِيه مَرْفُوعا فَهُوَ ضَعِيف، وَفِي سَنَده يحيى بن سَلام نزيل مصر، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف، وَفِيه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى فِيهِ مقَال، وَذكر الطَّحَاوِيّ عَن شُعْبَة أَن حَدِيث يحيى بن سَلام حَدِيث مُنكر لَا يُثبتهُ أهل الْعلم بالرواية لضعف يحيى بن سَلام وَابْن أبي ليلى وَسُوء حفظهما. قَوْله: (فَطَافَ حِين قدم مَكَّة) أَي: فَطَافَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَصرح بِهِ هَكَذَا فِي (صَحِيح مُسلم) قَوْله: (واستلم الرُّكْن أول شَيْء) أَي: اسْتَلم الْحجر الْأسود أول مَا قدم قبل أَن يبتديء بِشَيْء. قَوْله: (ثمَّ خب) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة أَي أسْرع فِي الثَّلَاثَة الأول من الأطواف، وَرمل. قَوْله: (وَمَشى أَرْبعا) أَي: أَربع مَرَّات أَرَادَ أَنه لم يرمل فِي بَقِيَّة الأطواف، وَهِي الْأَرْبَعَة. قَوْله: (فَرَكَعَ حِين قضى طَوَافه بِالْبَيْتِ عِنْد الْمقَام رَكْعَتَيْنِ) أَي: لما فرغ من أطوافه السَّبْعَة صلى عِنْد مقَام إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، رَكْعَتَيْنِ وَقضى بِمَعْنى: أدّى، وَرَكْعَتَيْنِ مَنْصُوب بقوله: فَرَكَعَ. قَوْله: (ثمَّ سلم) أَي: عقيب الرَّكْعَتَيْنِ فَانْصَرف وأتى الصَّفَا، فَظَاهر الْكَلَام أَنه حِين فرغ من الرَّكْعَتَيْنِ توجه إِلَى الصَّفَا وَلم يشْتَغل بِشَيْء آخر. وَحَدِيث جَابر الطَّوِيل عِنْد مُسلم: (ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْحجر فاستلمه، ثمَّ خرج من بَاب الصَّفَا) . قَوْله: (حِين قضى حجه) أَي: بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَة لِأَنَّهُ من أَرْكَان الْحَج وبرمي الجمرات ونحره هَدْيه يَوْم النَّحْر. قَوْله: (وأفاض) أَي: بعد الْإِتْيَان بِهَذِهِ الْأَفْعَال أَفَاضَ إِلَى الْبَيْت فَطَافَ بِهِ طواف الْإِفَاضَة. قَوْله: (وَفعل مثل مَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كلمة: مَا، مَصْدَرِيَّة أَي: مثل فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفاعل: فعل، هُوَ قَوْله: (من أهْدى) يَعْنِي: مِمَّن كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسَاق الْهَدْي، وَكلمَة: من، فِي من النَّاس للتَّبْعِيض لِأَن كل من كَانُوا لم يسوقوا الْهَدْي، وَقَائِل هَذَا الْكَلَام أَعنِي قَوْله: وَفعل ... إِلَى آخِره، هُوَ عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقَالَ بَعضهم: وَأغْرب الْكرْمَانِي فشرحه على أَن فَاعل فعل هُوَ ابْن عمر رَاوِي الْخَبَر. قلت: لم يشْرَح الْكرْمَانِي بِهَذَا الشَّرْح إلَاّ بِنَاء على النُّسْخَة الَّتِي فِيهَا: بَاب من أهْدى وسَاق الْهَدْي على مَا نذكرهُ الْآن، وَلِهَذَا قَالَ: وَالصَّحِيح هُوَ الأول، يَعْنِي: أَن فَاعل: فعل، هُوَ قَوْله: (من أهْدى) .

وَعَنْ عُرْوَةَ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أخْبَرَتْهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالعُمْرَةِ إلَى الحَجِّ فتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أخبرَني سَالِمٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

هَذَا عطف على قَوْله: عَن سَالم بن عبد الله أَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَهُوَ مقول ابْن شهَاب، وَهَذِه هِيَ النُّسْخَة الصَّحِيحَة، وَالنُّسْخَة الَّتِي وَقع فِيهَا لفظ: بَاب بَين قَوْله: (وَفعل مثل مَا فعل رَسُول لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَبَين قَوْله: (من أهل وسَاق الْهَدْي من النَّاس) ، وَصورتهَا: بَاب من أهل وسَاق الْهَدْي وَعَن عُرْوَة أَن عَائِشَة أخْبرته إِلَى آخِره، وَهَذَا خطأ فَاحش، ونسبت هَذِه رِوَايَة إِلَى أبي الْوَقْت وَالظَّاهِر أَنه من تخبيط النَّاسِخ.

وَقد أخرجه مُسلم مثل النُّسْخَة الصَّحِيحَة حَيْثُ قَالَ: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث حَدثنِي أبي عَن جدي، قَالَ: حَدثنِي عقيل بن خَالِد عَن ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله أَن عبد الله بن عمر، قَالَ: تمتّع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج، وَسَاقه إِلَى أَن قَالَ: وأفاض فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثمَّ حل من كل شَيْء حرم فِيهِ، وَفعل مثل مَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهْدى فساق الْهَدْي من النَّاس. ثمَّ قَالَ: وحدثنيه عبد الْملك بن شُعَيْب يَعْنِي ابْن اللَّيْث، قَالَ: حَدثنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>