قَالُوا: يَا رَسُول الله، والمقصرين؟ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر للمقصرين) . وَفِي حَدِيث جَابر بن عبد الله أخرجه أَبُو قُرَّة يَقُول: حلق رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم الْحُدَيْبِيَة، فحلق نَاس كثير من أَصْحَابه حِين رَأَوْهُ حلق، وَقَالَ آخَرُونَ: وَالله مَا طفنا بِالْبَيْتِ فقصروا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(يرحم الله المحلقين، وَقَالَ فِي الرَّابِعَة: والمقصرين) . وَفِي حَدِيث قَارب أخرجه ابْن مَنْدَه فِي الصَّحَابَة من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة عَن وهب بن عبد الله بن قَارب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:(يرحم الله المحلقين) ، وَقَالَ أَبُو عمر: ولاأحفظ هَذَا الحَدِيث من غير رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة وَغير الْحميدِي، والْحميدِي يَقُول: قارت أَو مارب، وَغير الْحميدِي يَقُول: قَارب من غير شكّ، وَهُوَ الصَّوَاب وَهُوَ مَشْهُور مَعْرُوف من وُجُوه ثَقِيف. انْتهى. وقارب هُوَ: ابْن عبد الله بن الْأسود بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، وَيُقَال لَهُ أَيْضا: قَارب بن الْأسود، ينْسب إِلَى جده، وَأم الْحصين الْمَذْكُورَة لَا يعرف اسْمهَا، وَهِي صحابية، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، شهِدت حجَّة الْوَدَاع، وَهِي من أحمس ثمَّ من بجيلة، وَأَبُو مَرْيَم اسْمه مَالك بن ربيعَة السَّلُولي صَحَابِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، سكن الْبَصْرَة وَهُوَ وَالِد يزِيد بن أبي مَرْيَم، وَحبشِي بن جُنَادَة سلولي أَيْضا صَحَابِيّ سكن الْكُوفَة.
٩٢٧١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدِ بنِ أسْمَاءَ قَالَ حدَّثنا جُوَيْرِيَّةُ بنُ أسْماءَ عَنْ نافَعٍ أنَّ عَبْدَ الله قَالَ حلَقَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وطَائِفَةٌ مِنْ أصْحَابِهِ وقصَّرَ بَعْضُهُم..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء بن عبيد بن مِخْرَاق الْبَصْرِيّ ابْن أخي جُورِيَةُ بن أَسمَاء، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَأَسْمَاء من الْأَعْلَام الْمُشْتَركَة بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث، وَجُوَيْرِية مصغر الجالية ابْن أَسمَاء بن عبيد الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة ثَلَاث أَو أَربع وَسبعين وَمِائَة، وَقَالَ الْمزي فِي (الْأَطْرَاف) حَدِيث حلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَطَائِفَة من أَصْحَابه وَقصر بَعضهم، أخرجه البُخَارِيّ فِي الْحَج عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَعبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء كِلَاهُمَا عَنهُ بِهِ، هَكَذَا ذكره خلف وَذكره أَبُو مَسْعُود عَن مُوسَى وَحده، وَالَّذِي وَجَدْنَاهُ فِي (الصَّحِيح) : عَن عبد الله وَحده فِيهِ إِثْبَات الْحلق وَالتَّقْصِير، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
٠٣٧١ - حدَّثنا أبُو عَاصِمٍ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ عنِ الْحَسَنِ بنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ عنْ مُعاوِيَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قَالَ قَصَّرْتُ عنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمِشْقَصٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(قصرت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَفِيه: الْإِشَارَة إِلَى جَوَاز التَّقْصِير وَإِن كَانَ الْحلق أفضل، وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل الضحام بن مخلد، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج وَالْحسن بن مُسلم بن يناق، مَاتَ قبل طَاوُوس وَقبل أَبِيه مُسلم، والرواة كلهم مكيون سوى أبي عَاصِم شَيْخه فَإِنَّهُ بَصرِي، وَمُعَاوِيَة هُوَ ابْن أبي سُفْيَان. وَفِيه: رِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ.
قَوْله:(عَن ابْن جريج عَن الْحسن) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن جريج، قَالَ: حَدثنِي الْحسن بن مُسلم عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس: أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أخبرهُ قَالَ: قصرت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمشقص، وَهُوَ على الْمَرْوَة، أَو: رَأَيْته يقصر عَنهُ بمشقص، وَهُوَ على الْمَرْوَة، وَفِي لفظ لَهُ: قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ لي مُعَاوِيَة: أعلمت أَنِّي قد قصرت من رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الْمَرْوَة بمشقص؟ فَقلت لَهُ: لَا أعلم هَذِه إلَاّ حجَّة عَلَيْك. وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَهَذَا الحَدِيث مَحْمُول على أَن مُعَاوِيَة قصر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة الْجِعِرَّانَة، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع كَانَ قَارنا، وَثَبت أَنه حلق بمنى، وَفرق أَبُو طَلْحَة شعره بَين النَّاس، فَلَا يجوز حمل تَقْصِير مُعَاوِيَة على حجَّة الْوَدَاع، وَلَا يَصح حمله أَيْضا على عمْرَة الْقَضَاء الْوَاقِعَة سنة سبع من الْهِجْرَة، لِأَن مُعَاوِيَة لم يكن يَوْمئِذٍ مُسلما، إِنَّمَا أسلم يَوْم الْفَتْح سنة ثَمَان، هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور، لَا يَصح قَول من حَملَة على حجَّة الْوَدَاع، وَزعم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مُتَمَتِّعا لِأَن هَذَا غلط فَاحش، فقد تظاهرت الْأَحَادِيث فِي مُسلم وَغَيره أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ: مَا شَأْن النَّاس حلوا وَلم تحل أَنْت؟ فَقَالَ: إِنِّي لبَّدت رَأْسِي وقلَّدت هَدْيِي فَلَا أحل حَتَّى أنحر الْهَدْي، وَفِي رِوَايَة: حَتَّى أحل من الْحَج. انْتهى. قيل: لَعَلَّ مُعَاوِيَة قصر عَنهُ فِي عمْرَة الْجِعِرَّانَة فنسي بعد ذَلِك، وَظن أَنه كَانَ فِي حجَّته فَإِن قلت: قد وَقع فِي رِوَايَة أَحْمد من