ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ إنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَخَّصَ لَهُنَّ.
(انْظُر الحَدِيث ٠٣٣) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله:(رخص للحائض أَن تنفر إِذا أفاضت) لِأَن الْحَاصِل من مَعْنَاهُ أَن الْحَائِض إِذا طافت طواف الزِّيَارَة، تنفر وَلَا شَيْء عَلَيْهَا. وَمُسلم هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الفراهيدي، ووهيب بِضَم الْوَاو: وَهُوَ ابْن خَالِد وَابْن طَاوُوس هُوَ عبد الله، والْحَدِيث قد مضى فِي: بَاب الْمَرْأَة تحيض بعد الْإِفَاضَة فِي كتاب الْحيض، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُعلى بن أَسد عَن وهيب إِلَى آخِره نَحوه، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
قَوْله:(رخص) على بِنَاء الْمَجْهُول، وَوَقع فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ:(رخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . قَوْله:(بعد) ، بِضَم الدَّال أَي: بعد أَن قَالَ: لَا تنفر، وَكَانَ ذَلِك قبل موت ابْن عمر بعام على مَا يَجِيء. قَوْله:(إِن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رخص لَهُنَّ) أَي: للْحيض، وَهَذَا من مَرَاسِيل الصَّحَابَة. فَإِن ابْن عمر لم يسمعهُ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ، فَقَالَ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو صَالح، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث، قَالَ: حَدثنَا عقيل (عَن ابْن شهَاب، قَالَ: أَخْبرنِي طَاوُوس الْيَمَانِيّ أَنه سمع عبد الله بن عمر يسْأَل عَن حبس النِّسَاء عَن الطّواف بِالْبَيْتِ إِذا حضن قبل النَّفر وَقد أفضن يَوْم النَّحْر؟ فَقَالَ: إِن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، كَانَت تذكر من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخصَة النِّسَاء، وَذَلِكَ قبل موت عبد الله بعام) إِسْنَاده صَحِيح، وَأَبُو صَالح عبد الله بن صَالح وراق اللَّيْث وَشَيخ البُخَارِيّ، وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يُفْتِي بمنعهن عَن النَّفر إلَاّ بِالطّوافِ، ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك حِين بلغه خبر عَائِشَة قبل مَوته بِسنة. قَوْله:(قَالَ: وَسمعت ابْن عمر) أَي: قَالَ طَاوُوس: سَمِعت عبد الله بن عمر، وَقَوله هَذَا بِالْإِسْنَادِ الأول بَينه النَّسَائِيّ فِي رِوَايَته، وَكَذَلِكَ الْقَائِل فِي قَوْله: سمعته يَقُول بعد هُوَ طَاوُوس الْمَذْكُور فِيهِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَن ابْن عمر سمع ذَلِك عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا أخبر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رخص لَهُنَّ، أَي: للنِّسَاء اللَّاتِي حضن بعد أَن طفن طواف الزِّيَارَة أَن يتركن طواف الْوَدَاع، وَهَذَا هُوَ عين الْإِرْسَال. فَافْهَم.