بأوضح مِنْهُ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
وَعبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء بن عبيد الضبعِي الْبَصْرِيّ ابْن أخي جوَيْرِية بن أَسمَاء، وَجُوَيْرِية تَصْغِير جَارِيَة بِالْجِيم، وَهُوَ من الْأَلْفَاظ الْمُشْتَركَة بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء.
قَوْله:(أخبراه) أَي: عبيد الله وَسَالم ابْنا عبد الله بن عمر، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا بدل عبيد الله: عبد الله مكبرا، وَهُوَ الْمُوَافق للرواية الَّتِي بعده فِي بَاب النَّحْر قبل الْحلق وهما أَخَوان، والمصغر أكبر مِنْهُ. قَوْله:(الْجَيْش) هُوَ جَيش الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ، كَانَ نَائِب عبد الْملك بن مَرْوَان. قَوْله:(أشهدكم أَنِّي قد أوجبت) ، أَي: ألزمت نَفسِي ذَلِك، وَكَانَ أَرَادَ تَعْلِيم من يُرِيد الِاقْتِدَاء بِهِ، وإلَاّ فالتلفظ لَيْسَ بِشَرْط. قَوْله:(إِن شَاءَ الله) ، هَذَا تبرك وَلَيْسَ بتعليق، لِأَنَّهُ كَانَ جازكا بِالْإِحْرَامِ بِقَرِينَة:(أشهدكم) ، وَيحْتَمل أَن يكون مُنْقَطِعًا عَمَّا قبله، وَيكون ابْتِدَاء لشرط وَالْجَزَاء: انْطلق. قَوْله:(إِن شَأْنهمَا وَاحِد) أَي: أَن أَمر الْعمرَة وَالْحج وَاحِد فِي جَوَاز التَّحَلُّل مِنْهُمَا بالإحصار. قَوْله:(طَوافا وَاحِدًا) . قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: لَا يحْتَاج الْقَارِن إِلَى طوافين، بل يحل بِطواف وَاحِد. قلت: هَذَا التَّفْسِير لأجل نصْرَة مذْهبه، وَقد قَامَت دَلَائِل أُخْرَى أَن الْقَارِن يحْتَاج إِلَى طوافين وسعيين وتكلمنا فِي هَذَا الْبَاب فِي (شرحنا لمعاني الْآثَار) بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة، فَلْينْظر فِيهِ هُنَاكَ.
وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفَوَائِد: أَن الصَّحَابَة كَانُوا يستعملون الْقيَاس ويحتجون بِهِ، وَأَن الْمحصر بالعدو جَازَ لَهُ التَّحَلُّل سَوَاء كَانَ عَن حجَّة أَو عمْرَة، وَأَنه ينْحَر هَدْيه ويحلق رَأسه أَو يقصر مِنْهُ. وَفِيه: جَوَاز إِدْخَال الْحَج على الْعمرَة، لَكِن شَرطه عِنْد الْجُمْهُور أَن يكون قبل الشُّرُوع فِي طواف الْعمرَة، وَعند الْحَنَفِيَّة إِن كَانَ قبل مُضِيّ أَرْبَعَة أَشْوَاط صَحَّ، وَعند الْمَالِكِيَّة بعد تَمام الطّواف. وَنقل ابْن عبد الْبر أَن أَبَا ثَوْر شَذَّ فَمنع إِدْخَال الْحَج على الْعمرَة، قِيَاسا على منع إِدْخَال الْعمرَة على الْحَج. وَفِيه: أَن الْقَارِن يهدي، وَقَالَ ابْن حزم: لَا هدي على الْقَارِن. وَفِيه: جَوَاز الْخُرُوج إِلَى النّسك فِي الطَّرِيق المظنون خَوفه إِذا رجى السَّلامَة، قَالَه أَبُو عمر بن عبد الْبر، رَحمَه الله.
هَذَا وَجه آخر فِي الحَدِيث السَّابِق أخرجه عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي عَن جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع أَن بعض بني عبد الله، وَهُوَ إِمَّا سَالم أَو عبد الله أَو عبيد الله أَبنَاء عبد الله بن عمر بن الْخطاب.
قَوْله:(قَالَ لَهُ) ، أَي: قَالَ بعض بني عبد الله لعبد الله بن عمر. قَوْله:(لَو أَقمت بِهَذَا) ، أَي: لَو أَقمت بِهَذَا الْمَكَان أَو فِي هَذَا الْعَام، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِك حِين أَرَادَ عبد الله أَن يعْتَمر، فَقَالُوا لَهُ: نَخَاف أَن يُحَال بَيْنك وَبَين الْبَيْت، لِأَنَّهُ كَانَ فِي تِلْكَ السّنة نزُول الْحجَّاج بالجيش على ابْن الزبير، كَمَا ذَكرْنَاهُ. فَإِن قلت: أَيْن جَوَاب لَو؟ قلت: مَحْذُوف تَقْدِيره: لَو أَقمت فِي هَذِه السّنة لَكَانَ خيرا، أَو نَحْو ذَلِك، وَيجوز أَن تكون: لَو، لِلتَّمَنِّي فَلَا تحْتَاج إِلَى جَوَاب.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمُعْتَمِر يحصره، ذكر مُحَمَّد هَذَا غير مَنْسُوب فِي جَمِيع الرِّوَايَات، وَاخْتلفُوا فِيهِ، فَقَالَ الْحَاكِم: هُوَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، وَفِي بعض النّسخ: حَدثنَا مُحَمَّد هُوَ الذهلي، فَلذَلِك جزم الْحَاكِم بِهِ، وَقَالَ أَبُو مَسْعُود، هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن واره، وَذكر الكلاباذي عَن ابْن أبي سعيد أَنه أَبُو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ، وَذكر أَنه رَآهُ فِي أصل عَتيق، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصغاني. وَيحيى بن صَالح أَبُو زَكَرِيَّاء الْحِمصِي، وَمُعَاوِيَة ابْن سَلام، بتَشْديد: الحبشي، مر فِي أَوَائِل الْكُسُوف. وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ حذف يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن السكن فِي (كتاب الصَّحَابَة) ، قَالَ: حَدثنِي هَارُون بن عِيسَى وَحدثنَا الصغاني هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق أحد شُيُوخ مُسلم حَدثنَا يحيى بن صَالح حَدثنَا مُعَاوِيَة بن سَلام عَن يحيى ابْن أبي كثير قَالَ سَأَلت عِكْرِمَة فَقَالَ: قَالَ عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة: أَنا سَأَلت الْحجَّاج بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ عَمَّن حبس