ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: عَن مُحَمَّد بن يُوسُف وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف. وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن جده لأمه. لِأَن مُحَمَّد بن يُوسُف حفيد السَّائِب، وَقيل: سبطه، وَقيل: ابْن أَخِيه عبد الله بن يزِيد.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن قُتَيْبَة عَن حَاتِم بِهِ، وَزَاد فِي حجَّة الْوَدَاع، وَقَالَ: حسن صَحِيح. قَوْله: (حج بِي) ، بِضَم الْحَاء على الْبناء للْمَجْهُول، وَقَالَ ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن حَاتِم: (حجت بِي أُمِّي) ، وروى الفاكهي من وَجه آخر عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن السَّائِب (حج بِي أبي) قيل: وَيجمع بَينهمَا بِأَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبَوَيْهِ. قلت: رِوَايَة البُخَارِيّ تحْتَمل الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهِ الْفَاعِل صَرِيحًا، وَقيل: فِيهِ صِحَة حج الصَّبِي وَإِن لم يكن مُمَيّزا، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ، وَاسْتدلَّ بِهِ بعض الشَّافِعِيَّة على أَن أم الصَّبِي تجزىء فِي الْإِحْرَام عَنهُ. قلت: هَذَا لم يفهم من حَدِيث الْبَاب، وَإِنَّمَا يُمكن الِاسْتِدْلَال بذلك من حَدِيث جَابر، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن طريف الْكُوفِي حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن مُحَمَّد بن سوقة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر (عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: رفعت امْرَأَة صَبيا لَهَا إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله! أَلِهَذَا حج؟ قَالَ: نعم، وَلَك أجر) . وروى ابْن مَاجَه أَيْضا نَحوه، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث جَابر حَدِيث غَرِيب، وَقد ذكرنَا حَدِيث ابْن عَبَّاس لمُسلم نَحوه فِي أول الْبَاب، قَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله تَعَالَى: وَالصَّحِيح عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه يحرم عَنهُ الْوَلِيّ الَّذِي يَلِيهِ مَاله وَهُوَ أَبوهُ أَو جده أَو الْوَصِيّ أَو الْقيم من جِهَة القَاضِي أَو القَاضِي، قَالُوا: وَأما الْأُم فَلَا يَصح إحرامها عَنهُ إلَاّ أَن تكون وَصِيَّة أَو قيمَة من جِهَة القَاضِي، وَأَجَابُوا عَن قَوْله: (وَلَك أجر) أَن المُرَاد أَن ذَلِك بِسَبَب حملهَا لَهُ وتجنيبها إِيَّاه مَا يَفْعَله الْمحرم، وَأَيْضًا فَلَعَلَّ الْمَرْأَة كَانَت وَصِيَّة عَلَيْهِ أَو قيمَة عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي الحَدِيث أَنَّهَا أمه، وَيجوز أَن يكون فِي حجرها بِنَوْع ولَايَة وَاسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على أَن الصَّبِي يُثَاب على طَاعَته وَيكْتب لَهُ حَسَنَاته، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب فِيمَا حَكَاهُ الْمُحب الطَّبَرِيّ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي (شرح مُسلم) عَن مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَالْجُمْهُور، وَفِي حَدِيث السَّائِب الْمَذْكُور صِحَة سَماع الصَّبِي الْمُمَيز، وَهُوَ كَذَلِك، وَخَالف فِي ذَلِك فرقة يسيرَة، وَأنكر أَحْمد على الْقَائِل بذلك، وَقَالَ: قبح الله من يَقُول ذَلِك، وَالْمَسْأَلَة مقررة فِي عُلُوم الحَدِيث.
فَإِن قلت: فِي حَدِيث السَّائِب ذكر سنّ التَّمْيِيز، فَمَا دَلِيل من يصحح حج الصَّبِي إِذا لم يبلغ سنّ التَّمْيِيز؟ قلت: حَدِيث جَابر الْمَذْكُور فَإِن فِيهِ: (فَرفعت امْرَأَة صَبيا) ، وَهَذَا أَعم من أَن يكون فِي سنّ التَّمْيِيز أَو أقل أَو أَكثر إِلَى حد الْبلُوغ، وَعَن الْمَالِكِيَّة قَولَانِ فِي الْحَج بالرضيع، وَفِي (التَّوْضِيح) : وَرُوِيَ أَن الصّديق حج بِابْن الزبير فِي خرقَة، وَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أحجوا هَذِه الذُّرِّيَّة، وَكَانَ ابْن عمر يجرد صبيانه عِنْد الْإِحْرَام وَيقف بهم المواقف، وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، تفعل ذَلِك، وَفعله عُرْوَة بن الزبير، وَقَالَ عَطاء: يجرد الصَّغِير ويلبي عَنهُ ويجنب مَا يجْتَنب الْكَبِير وَيَقْضِي عَنهُ كل شَيْء إلَاّ الصَّلَاة، فَإِن عقل الصَّلَاة صلاهَا، فَإِذا بلغ وَجب عَلَيْهِ الْحَج.
وَاخْتلفُوا فِي الصَّبِي العَبْد يُحرِمان بِالْحَجِّ ثمَّ يَحْتَلِم الصَّبِي وَيعتق العَبْد قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة، فَقَالَ مَالك: لَا سَبِيل إِلَى رفض الْإِحْرَام، ويتماديان عَلَيْهِ وَلَا يجزيهما عَن حجه الْإِسْلَام، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقَالَ الشَّافِعِي: إِذا نويا بإحرامهما الْمُتَقَدّم حجَّة الْإِسْلَام أجزأهما. وَقَالَ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَيّمَا غُلَام حج بِهِ أَهله فَمَاتَ فقد قضى حجَّة الْإِسْلَام، فَإِن أدْرك فَعَلَيهِ الْحَج، وَأَيّمَا عبد حج بِهِ أَهله فَمَاتَ فقد قضى حجَّة الْإِسْلَام، فَإِن عتق فَعَلَيهِ الْحَج.
٩٥٨١ - حدَّثنا عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ قَالَ أخبرنَا القَاسِمُ بنُ مالِكٍ عنِ الجُعَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ يَقُولْ لِلْسَّائِبِ بنِ يَزِيدَ وكانَ قدْ حُجَّ بِهِ فِي ثقَلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَكَانَ قد حج بِهِ) ، فَإِن السَّائِب كَانَ صَبيا حِين حج بِهِ، والترجمة فِي حج الصّبيان، و: عَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن زُرَارَة، بِضَم الزَّاي وَتَخْفِيف الرَّاء الأولى: ابْن وَاقد الْكلابِي النَّيْسَابُورِي، يكنى أَبَا مُحَمَّد. قَالَ السراج: مَاتَ لعشر خلون من شَوَّال سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَالقَاسِم بن مَالك الْمُزنِيّ الْكُوفِي، والجعيد، بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة مُصَغرًا أَو مكبرا: ابْن عبد الرَّحْمَن بن أَوْس الْكِنْدِيّ، وَيُقَال: التَّمِيمِي الْمدنِي، وَالَّذِي ذكر هُنَا أَن الجعيد، قَالَ: سَمِعت عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute