قَوْله: (على أَحدهمَا) أَي: أحد الناضحين. قَوْله: (وَالْآخر) أَي: الناضح الآخر. قَوْله: (تقضي حجَّة) يَعْنِي: ثَوَاب الْعمرَة مثل ثَوَاب الْحَج، وَإِن كَانَ ظَاهره يشْعر بِأَن الْعمرَة تقع عَن قَضَاء الْحجَّة فرضا أَو نفلا.
رَوَاهُ ابنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور عبد الْملك بن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح وَأَرَادَ بِهَذَا تَقْوِيَة طَرِيق حبيب الْمعلم بمتابعة ابْن جريج لَهُ عَن عَطاء، وَفِيه زِيَادَة فَائِدَة وَهِي: تَصْرِيح عَطاء بِسَمَاعِهِ من ابْن عَبَّاس حَيْثُ قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس، وَقد تقدم طَرِيق ابْن جريج مَوْصُولا فِي: بَاب عمْرَة فِي رَمَضَان.
وَقَالَ عُبَيْدُ الله عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عنْ جابِرٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
عبيد الله بتصغير عبد هُوَ ابْن عَمْرو الرقي عَن عبد الْكَرِيم بن مَالك الْجَزرِي عَن عَطاء بن رَبَاح عَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن مَاجَه: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الْملك بن وَاقد، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عَمْرو عَن عبد الْكَرِيم عَن عَطاء (عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عمْرَة فِي رَمَضَان تعدل حجَّة) . وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا فِي (مُسْنده) قيل: أَرَادَ البُخَارِيّ بِهَذَا بَيَان الِاخْتِلَاف فِيهِ على عَطاء، فَإِن الرَّاوِي عَن عَطاء فِي الْمَوْصُول هُوَ حبيب، وَفِي الْمُعَلق عبد الْكَرِيم، وَفِي الْمُتَابَعَة ابْن جريج، وَلَكِن ترتيبه يدل على تَرْجِيح رِوَايَة ابْن جريج على مَا لَا يخفى.
٤٦٨١ - حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنُ عَبْدِ المَلِك بنِ عُمَيْرٍ عنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيادٍ قَالَ سَمِعْتُ أبَا سَعِيدٍ وقَدْ غَزَا معَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً قَالَ أرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْ قَالَ يُحَدِّثُهُنَّ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي أنْ لَا تُسَافُرُ امْرَأةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيسَ مَعَهَا زوْجُهَا أوْ ذُو مَحْرَمٍ ولَا صَوْمَ يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ والأضْحَى ولَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ولَا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَاّ إلَى ثلاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ ومَسْجِدي ومَسْجِدِ الأقْصَى..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (لَا تُسَافِر امْرَأَة مسيرَة يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعهَا زَوجهَا أَو محرم) ، وَجه ذَلِك أَنه إِذا منعت من السّفر هَذِه الْمدَّة بِهَذَا الشَّرْط فالسفر أَعم من أَن يكون لِلْحَجِّ أَو غَيره، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس، فَأخْرجهُ عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن عبد الْملك إِلَى آخِره، وَفِيه بعض نُقْصَان، فالناظر يعتبره. وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى هُنَاكَ.
قَوْله: (يحدثهن) ، وَوَقع عِنْد الْكشميهني بِلَفْظ: (أَو قَالَ: أخذتهن) ، بِالْخَاءِ والذال المعجمتين من الْأَخْذ، وَمَعْنَاهُ: حملتهن عَنهُ. قَوْله: (وآنقنني) بِفَتْح النونين وَسُكُون الْقَاف، بِلَفْظ جمع مؤنث ماضٍ من بَاب الإفعال أَي: أعجبنني الْكَلِمَات الْأَرْبَع. وَقَالَ النَّوَوِيّ: كرر الْمَعْنى باخْتلَاف اللَّفْظ، وَالْعرب تفعل ذَلِك كثيرا للْبَيَان والتوكيد كَقَوْلِه تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة} (الْبَقَرَة: ٧٥١) . قَوْله: (أَو ذُو محرم) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَعَن أبي ذَر فِي بعض النّسخ: (أَو ذُو محرم محرم) ، الأول: بِفَتْح الْمِيم وَتَخْفِيف الرَّاء الْمَفْتُوحَة، وَالثَّانِي: بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء الْمَفْتُوحَة أَي: محرم عَلَيْهَا.
وَهَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على أَرْبَعَة أَحْكَام. الأول: سفر الْمَرْأَة، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ. الثَّانِي: منع صَوْم الْفطر والأضحى، وَسَيَأْتِي بحث ذَلِك فِي كتاب الصّيام. الثَّالِث: منع الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَالْعصر، وَقد تقدم بَحثه فِي أَوَاخِر كتاب الصَّلَاة. الرَّابِع: منع شدّ الرحل إِلَى غير الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي: بَاب مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس.
قَوْله: (أَن لَا تُسَافِر) بِالرَّفْع لَا غير، لِأَن كلمة: أَن، مسفرة لَا ناصبة. قَوْله: (لَيْسَ مَعهَا زَوجهَا) ، وَفِي حَدِيث أبي معبد: (لَا تُسَافِر