للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهِي لُغَة رَدِيئَة متروكة، وغلقت الْأَبْوَاب شدد للكثرة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: غلق مخففا ومشددا. هُوَ من بَاب الإغلاق. قلت: هَذَا تَخْلِيط فِي اللُّغَة حَيْثُ يذكر أَولا أَنه من بَاب الثلاثي، ثمَّ يَقُول: هُوَ من بَاب الإغلاق، وَالصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (فَلم يدْخل مِنْهُ أحد) ، الْقيَاس، فَلَا يدْخل، لِأَن: لم يدْخل، للماضي، وَلكنه عطف على قَوْله: (لَا يدْخل) ، فَيكون فِي حكم الْمُسْتَقْبل. وَقَالَ بَعضهم: فَلم يدْخل، فَهُوَ مَعْطُوف على أغلق أَي: لم يدْخل مِنْهُ غير من دخل. انْتهى. قلت: هَذَا أَخذه من الْكرْمَانِي لِأَنَّهُ قَالَ: هُوَ عطف على الْجَزَاء فَهُوَ فِي حكم الْمُسْتَقْبل، ثمَّ تَفْسِيره بقوله: أَي لم يدْخل مِنْهُ غير من دخل غير صَحِيح، لِأَن غير من دخل أَعم من أَن يكون من الصائمين وَغَيرهم، وَلَيْسَ المُرَاد أَن لَا يدْخل مِنْهُ إلَاّ الصائمون. وَقَول الْكرْمَانِي، أَيْضا عطف على الْجَزَاء فِيهِ نظر لَا يخفى، وَإِنَّمَا كرر نفي دُخُول غَيرهم مِنْهُ للتَّأْكِيد، وَأخرج مُسلم هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن مخلد، هُوَ الْقَطوَانِي، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، قَالَ: حَدثنِي أَبُو حَازِم عَن سهل بن سعد، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن فِي الْجنَّة بَابا يُقَال لَهُ الريان، يدْخل مِنْهُ الصائمون يَوْم الْقِيَامَة لَا يدْخل مِنْهُ أحد غَيرهم، يُقَال: أَيْن الصائمون؟ فَيدْخلُونَ مِنْهُ، فَإِذا دخل آخِرهم أغلق فَلم يدْخل مِنْهُ أحد) . وَقَالَ بَعضهم: هَكَذَا فِي بعض النّسخ من مُسلم، وَفِي الْكثير مِنْهَا: (فَإِذا دخل أَوَّلهمْ أغلق) . قلت: الْأَمر بِالْعَكْسِ، فَفِي الْكثير: (فَإِذا دخل آخِرهم) ، وَوَقع فِي بعض النّسخ الَّتِي لَا يعْتَمد عَلَيْهَا: (فَإِذا دخل أَوَّلهمْ) . وَهُوَ غير صَحِيح، فَلذَلِك قَالَ شرَّاح مُسلم وَغَيرهم: إِنَّه وهم، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله تَعَالَى: وَقد اسْتشْكل بَعضهم الْجمع بَين حَدِيث بَاب الريان وَبَين الحَدِيث الصَّحِيح الَّذِي أخرجه مُسلم من حَدِيث عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (مَا مِنْكُم من أحد يتَوَضَّأ فَيبلغ أَو يسبغ الْوضُوء، ثمَّ يَقُول: أشهد أَن لَا إلاهَ إلَاّ الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله إلَاّ فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية، يدْخل من أَيهَا شَاءَ) . قَالُوا: فقد أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يدْخل من أَيهَا شَاءَ، وَقد لَا يكون فَاعل هَذَا الْفِعْل من أهل الصّيام، بِأَن لَا يبلغ وَقت الصّيام الْوَاجِب، أَو لَا يتَطَوَّع بالصيام، وَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن. أَحدهمَا: أَنه يصرف عَن أَن يَشَاء بَاب الصّيام، فَلَا يَشَاء الدُّخُول مِنْهُ، وَيدخل من أَي بَاب شَاءَ غير الصّيام، فَيكون قد دخل من الْبَاب الَّذِي شاءه. وَالثَّانِي: أَن حَدِيث عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قد اخْتلفت أَلْفَاظه، فَعِنْدَ التِّرْمِذِيّ: (فتحت لَهُ ثَمَانِيَة أَبْوَاب من الْجنَّة يدْخل من أَيهَا شَاءَ) ، فَهَذِهِ الرِّوَايَة تدل على أَن أَبْوَاب الْجنَّة أَكثر من ثَمَانِيَة مِنْهَا، وَقد لَا يكون بَاب الصّيام من هَذِه الثَّمَانِية، وَلَا تعَارض حِينَئِذٍ.

٧٩٨١ - حدَّثنا إبرَاهِيمُ بنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حدَّثني مَعْنٌ قَالَ حدَّثني مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ حُمَيْدِ ابنَ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ منْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ الله نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ يَا عَبْدَ الله هَذَا خَيْرً فَمَنْ كانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَاب الصَّلاةِ ومَنُ كانَ مِنْ أهْلِ الجِهَادَ دُعِيَ مِنْ بابِ الجِهَادِ ومنْ كانَ مِنْ أهْلِ الصِّيامِ دُعِيَ مِن بابِ الرَّيَّانِ ومنْ كانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بابِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ بِأبِي أنْتَ وأُمِّي يَا رسولَ الله مَا عَلَى منْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبْوَابِ كُلِّهَا فَقَالَ نَعَمْ وأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ..

مطابقته للتَّرْجَمَة من قَوْله: (وَمن كَانَ من أهل الصّيام دعِي من بَاب الريان) ، وَإِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر قد تكَرر ذكره، ومعن، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفِي آخِره نون: ابْن عِيسَى بن يحيى أَبُو يحيى الْقَزاز الْمدنِي، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَحميد، بِضَم الْحَاء: ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فَضَائِل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب، وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن أبي الطَّاهِر وحرملة وَعَن عَمْرو النَّاقِد وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، ثَلَاثَتهمْ عَن يَعْقُوب وَعَن عبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق. وَأخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>