الْخَاص الْمعِين، وَهُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ، لِأَن مَشْرُوع الْوَقْت فِي هَذَا متنوع، فَيحْتَاج إِلَى التَّعْيِين بِالنِّيَّةِ، بِخِلَاف شهر رَمَضَان لِأَن الصَّوْم فِيهِ غير متنوع، فَلَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى التَّعْيِين، وَكَذَلِكَ النّذر الْمعِين فَهَذَا هُوَ السِّرّ الْخَفي فِي هَذَا التَّخْصِيص الَّذِي استبدعه من لَا وقُوف لَهُ على دقائق الْكَلَام، ومدارك اسْتِخْرَاج الْمعَانِي من النُّصُوص، وَلم يكتف الْمُدَّعِي بعد هَذَا الْكَلَام لبعد إِدْرَاكه حَتَّى ادّعى الأبعدية فِي تَفْرِقَة الطَّحَاوِيّ بَين صَوْم الْفَرْض وَصَوْم التَّطَوُّع، فَهَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَة لِأَن حَامِل الطَّحَاوِيّ على هَذِه التَّفْرِقَة مَا رَوَاهُ مُسلم، وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، (قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم: يَا عَائِشَة {هَل عنْدكُمْ شَيْء؟ قَالَت: فَقلت: لَا يَا رَسُول الله مَا عندنَا شَيْء} قَالَ: فَإِنِّي صَائِم) ، وبنحوه روى عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَأبي طَلْحَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ثمَّ إِن هَذَا الْقَائِل نقل عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ كلَاما لَا يُوجد أسمج مِنْهُ، لِأَن من يتعقب كَلَام أحد إِن لم يذكر وَجهه بِمَا يقبله الْعلمَاء، يكون كَلَامه هُوَ غثاء لَا أصل لَهُ، وَأجَاب بعض أَصْحَابنَا عَن الحَدِيث الْمَذْكُور، أَعنِي: حَدِيث حَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بعد التَّسْلِيم بِصِحَّتِهِ وسلامته عَن الِاضْطِرَاب بِأَنَّهُ مَحْمُول على نفي الْفَضِيلَة والكمال، كَمَا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إلَاّ فِي الْمَسْجِد) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute