للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق ابْن أبي شيبَة عَن الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَاق، قَالَ: رَأَيْت الشّعبِيّ يدْخل الْحمام وَهُوَ صَائِم.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأسَ أنْ يتَطَعَّمَ الْقِدْرَ أوِ الشَّيءَ

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن التطعم من الشَّيْء الَّذِي هُوَ إِدْخَال الطَّعَام فِي الْفَم من غير بلغ لَا يضر الصَّوْم، فإيصال المَاء إِلَى الْبشرَة بِالطَّرِيقِ الأولى أَن لَا يضر، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عِكْرِمَهْ عَنهُ بِلَفْظ: (لَا بَأْس أَن يتطاعم الْقدر) ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن الْعمريّ أَنبأَنَا عبد الله الشريحي أَنبأَنَا أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ حَدثنَا عَليّ بن الجدع أَنبأَنَا شريك عَن سُلَيْمَان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَلَفظه: (لَا بَأْس أَن يتطاعم الصَّائِم بالشَّيْء) ، يَعْنِي المرقة وَنَحْوهَا.

قَوْله: (أَن يتطعم الْقدر) ، بِكَسْر الْقَاف وَهُوَ الظّرْف الَّذِي يطْبخ فِيهِ الطَّعَام، وَالتَّقْدِير: من طَعَام الْقدر، وَأَرَادَ بقوله: أَو الشَّيْء أَي شَيْء كَانَ من المطعومات، وَهُوَ من عطف الْعَام على الْخَاص، وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا وَكِيع عَن إِسْرَائِيل عَن جَابر عَن عَطاء عَنهُ قَالَ: لَا بَأْس أَن يَذُوق الْخلّ أَو الشَّيْء مَا لم يدْخل حلقه وَهُوَ صَائِم، وَعَن الْحسن: لَا بَأْس أَن يتطاعم الصَّائِم الْعَسَل وَالسمن وَنَحْوه ويمجه، وَعَن مُجَاهِد وَعَطَاء: لَا بَأْس أَن يتطعم الطَّعَام من الْقدر، وَعَن الحكم نَحوه، وَفعله عُرْوَة. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَعِنْدنَا يسْتَحبّ لَهُ أَن يحْتَرز عَن ذوق الطَّعَام خوف الْوُصُول إِلَى حلقه. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: إِذا لم يدْخل حلقه لَا يفْطر وصومه تَامّ، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَ مَالك: أكرهه وَلَا يفطره إِن لم يدْخل حلقه، وَهُوَ مثل قَوْلنَا. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَا بَأْس أَن تمضغ الصائمة لصبيها الطَّعَام، وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ، وَكَرِهَهُ مَالك وَالثَّوْري والكوفيون إلَاّ لمن لم يجد بدا من ذَلِك، وَبِه صرح أَصْحَابنَا. وَفِي (الْمُحِيط) : وَيكرهُ الذَّوْق للصَّائِم وَلَا يفطره، وَفِيه: لَا بَأْس أَن يَذُوق الصَّائِم الْعَسَل أَو الطَّعَام ليشتريه ليعرف جيده ورديئه كَيْلا يغبن فِيهِ مَتى لم يذقه، وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَلَا بَأْس للْمَرْأَة أَن تمضغ الطَّعَام لصبيها إِذا لم تَجِد مِنْهُ بدا.

وَقَالَ الحَسَنُ لَا بأسَ بالمَضْمَضَةِ والتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن الْمَضْمَضَة جُزْء للْغسْل، وَقَالَ بَعضهم: وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق بِمَعْنَاهُ قلت: لم يبين ذَلِك، بل روى عَنهُ ابْن أبي شيبَة خلاف ذَلِك، فَقَالَ: حَدثنِي عبد الْأَعْلَى عَن هِشَام عَن الْحسن أَنه كَانَ يكره أَن يمضمض الرجل إِذا أفطر وَإِذا أَرَادَ أَن يشرب. قَوْله: (والتبرد) أَعم من أَن يكون فِي سَائِر جسده أَو فِي بعضه، مثل مَا إِذا تبرد بِالْمَاءِ على وَجهه أَو على رجلَيْهِ.

وَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ إذَا كانَ صَوْمُ أحَدِكُمْ فَلْيْصْبحْ دَهِينا مُتَرَجِّلاً

ذكر فِي وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة وُجُوه: الأول: أَن الإدهان من اللَّيْل يَقْتَضِي اسْتِصْحَاب أَثَره فِي النَّهَار، وَهُوَ مِمَّا يرطب الدِّمَاغ وَيُقَوِّي النَّفس، فَهُوَ أبلغ من الِاسْتِعَانَة بِبرد الِاغْتِسَال لَحْظَة من النَّهَار، ثمَّ يذهب أَثَره. قلت: هَذَا بعيد جدا، لِأَن الادهان فِي نَفسهَا مُتَفَاوِتَة، وَمَا كل دهن يرطب الدِّمَاغ، بل فِيهَا مَا يضرّهُ، يعرفهُ من ينظر فِي علم الطِّبّ. وَقَوله: أبلغ من الِاسْتِعَانَة ... إِلَى آخِره، غير مُسلم لِأَن الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ لتَحْصِيل الْبُرُودَة والدهن يُقَوي الْحَرَارَة، وَهُوَ ضد ذَاك، فَكيف يَقُول: هُوَ أبلغ ... ؟ إِلَى آخِره. الْوَجْه الثَّانِي: قَالَه بَعضهم: إِن الْمَانِع من الِاغْتِسَال لَعَلَّه سلك بِهِ مَسْلَك اسْتِحْبَاب التقشف فِي الصّيام، كَمَا ورد مثله فِي الْحَج، والادهان والترجل فِي مُخَالفَة التقشف كالاغتسال قلت: هَذَا أبعد من الأول، لِأَن التَّرْجَمَة فِي جَوَاز الِاغْتِسَال لَا فِي مَنعه، وَكَذَلِكَ أثر ابْن مَسْعُود فِي الْجَوَاز لَا فِي الْمَنْع، فَكيف يَجْعَل الْجَوَاز مناسبا للْمَنْع؟ الْوَجْه الثَّالِث مَا قيل: أَرَادَ البُخَارِيّ الرَّد على من كره الِاغْتِسَال للصَّائِم، لِأَنَّهُ إِن كرهه خشيَة وُصُول المَاء إِلَى حلقه فالعلة بَاطِلَة بالمضمضة وبالسواك وبذوق الْقدر، وَنَحْو ذَلِك، وَإِن كرهه للرفاهية فقد اسْتحبَّ السّلف للصَّائِم الترفه والتجمل والادهان والكحل وَنَحْو ذَلِك؟ قلت: هَذَا أقرب إِلَى الْقبُول، وَلَكِن تَحْقِيقه أَن يُقَال: إِن بالاغتسال يحصل التطهر والتنظف للصَّائِم، وَهُوَ فِي ضِيَافَة الله تَعَالَى ينْتَظر الْمَائِدَة، وَمن حَاله هَذِه يحسن لَهُ التطهر والتنظف

<<  <  ج: ص:  >  >>